130 مليون دولار سنويا تدفعها البنوك لتغطية الشيكات الفلسطينية الصادرة للداخل 48
تقديرات حول خسائر تحويلات الشيقل بالدولار أو الدينار تتراوح ما بين 15 – 25 مليون دولار شهريا
إجراءات البنوك فيها نوع من التعسف في استعمال الحق وفيه ضرر مباشر للعميل يوجب التعويض
إن كان هناك توافق ما بين سلطة النقد والبنوك على اتخاذ هذه الإجراءات فهو ليس توافقا وإنما تواطؤا
على البنوك منح قروض بالشيقل وتقديم تسهيلات ائتمانية منخفضة الفائدة لإنعاش الاقتصاد الوطني ودعم المشاريع الصغيرة
تفعيل وتنشيط الدفع الإلكتروني واستخدام البطاقات المصرفية الذكية تستوجب تغذية الحسابات البنكية بالإيداع الكاش النقدي
الحدث – إبراهيم أبو كامش
توجه الصحفي (ا) إلى أحد البنوك الوافدة لصرف شيك بقيمة 3 آلاف يورو، وبعد مدة قصيرة من تسلم موظف البنك الشيك عاد للصحفي وأبلغه أنه لا يمكنه صرف الشيك إلا بعملة الشيقل، الأمر الذي جعل الصحفي يحتج غاضبا على الموظف مصرا على وجوب صرفه بعملة اليورو كما هو مدون على ورقة الشيك وإلا ...، عندها خضع الموظف لمطلب الصحفي.
وفي حادثة أخرى توجهت معلمة مدرسة (ك) إلى أحد البنوك المحلية طالبة إغلاق حسابها بالدينار والشيقل وسحب المبلغ بعملة الدينار الأردني المودع في حسابها الجاري، لكن الموظف استشار مدير الفرع وكان القرار برفضهم سحب المبلغ وقيمته 6 آلاف دينار، إلا بعملة الشيقل، حينها استشاطت المعلمة غضبا وجرجرت ذيول خيبتها وعادت لبيتها تشتكي أمرها لوالدها الذي تربطه علاقة جيدة بأصدقاء له في البنك حيث عاتبهم باتصال هاتفي على معاملة ابنته وأخبرهم ما حصل معها وبعد المحاثة طالبوه بأن تعود ابنته إلى فرع البنك لسحب كل المبلغ المودع في حسابها وبالدينار. في حين أودع العامل (ع) 20 دولارا في حسابه البنكي وبعد مدة قصيرة جدا حاول سحبها، لكن فرع البنك حول المبلغ إلى شيقل وسلمه إياه.
وفي حادثة ثالثة وليست أخيرة حاول رئيس أحد الأطر القطاعية الاقتصادية إيداع مبلغ قيمته 100 ألف شيقل في حسابه البنكي على ثلاث مراحل لتغطية قيمة شيكاته والتزاماته المالية تجاه زبائنه والتجار، لكنه تفاجأ برفض البنك إيداع المبلغ، ولأنه تربطه علاقات وثيقة ومتينة مع محافظ سلطة النقد السابق وبعد تدخله مع البنك تم إيداع كل المبلغ في حسابه البنكي مرة وحدة وبدون تقسيط.
أما رجل الأعمال (ح) فحظي بنقطة في القائمة السوداء لسلطة النقد بسبب إرجاع شيك مسحوب عليه لعدم كفاية الرصيد مع أنه حاول مرارا وتكرارا إيداع المبلغ لتغطية قيمة الشيك لكنه يعاني من تحديد قيمة الإيداع الشهري المسموح له به 5000 شيقل فقط وبالنتيجة دخل عنوة في دائرة القائمة السوداء المشكوك في مصداقيتها. فمن الذي يتحمل المسؤولية؟.
من الواضح أن أكثر القطاعات تضررا لهذه الإجراءات هم التجار والموردون الذين يواجهون مشكلة كبيرة في تصريف الشيقل وتحويله إلى عملات صعبة وفرض عمولات على إيداعه في حساباتهم البنكية، ويتكبدون خسائر كبيرة جراء تبديل الشيقل من المصارف لإيداعه في حساباتهم بهدف تغطية شيكاتهم حيث تلجأ البنوك إلى صرف تلك الشيكات بعملة الشيقل من الدولار المودع في حسابات عملائها.
تخفيض سقف الإيداع النقدي بأمر الواقع
وكانت البنوك الفلسطينية والعاملة قد فرضت قيودا على الإيداع بالشيقل وتحديده وتخفيض سقفه ليتراوح ما بين 3 آلاف – 7 آلاف شيقل في الشهر فقط مقارنة بـ20,000 شيقل يوميا سابقا وذلك أثر على أزمة تكدسه في السوق الفلسطينية والتي تصل إلى ما يزيد عن 20 مليار شيقل سنويا وتبلغ حاليا ما يزيد على 11 ألف شيقل بينما سعة خزناتها لا تتسع لأكثر من 6 مليار شيقل، وأن ما يزيد على ذلك يشكل عبئا حقيقيا عليها، بسبب تكاليف التأمين والتخزين، وعدم وجود استثمار فعلي في الشيقل. وذلك بسبب امتناع البنك المركزي الإسرائيلي عن إستقبال حجم الفائض من عملته الموجودة في السوق الفلسطينية.
ويعتقد أحمد القاضي – رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين، أن هذه الإجراءات التي أقدمت عليها البنوك غير شرعية وليست قانونية وقال: "إن عقد الحساب الجاري الذي يربط العميل بالبنك من واجبات البنك والتزاماته الأساسية أن يأخذ عملة الشيقل بتغذية الحسابات وتغطية الشيكات، طالما قبل البنك بأن تكون هناك علاقات تعاقدية بينه وبين العميل من خلال فتح الحساب الجاري أو أي عقد موجود ما بين العميل والبنك فهو ينظم هذه الالتزامات والحقوق، مؤكدا أن البنك مجبر على أن يذهب بهذا الاتجاه وأن كل الأمور اليوم التي تتخذها البنوك فيها نوع من التعسف في استعمال الحق ولكن هذا فيه ضرر مباشر للعميل والضرر على العميل يوجب التعويض.
فيما يؤكد عبده ادريس - رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية، على أهمية التزامات القطاع الخاص تجاه حوالاته ومعاملاته البنكية وشيكاته، لذا لا يجوز تحديد سقف الإيداع بمبالغ لا تغطي هذه الالتزامات، كما أنها تحد أيضا من أي تنمية اقتصادية فأي عملية تجارية من المؤكد لها أثر مالي.
أما البروفيسور د. طارق الحاج - أكاديمي وباحث وخبير اقتصادي، فإنه يرى المشكلة في أن البنوك عندما تأخذ الشيقل لا تجد طريقة لإعادة تصريفها أو استخدامها فيه؛ لا إقراض بالشيقل ولا يوجد أصحاب رؤوس أموال يستثمرون أموالهم في مشاريع بالشيقل في حين يرفض صاحب هذه العملة وهو البنك المركزي الإسرائيلي استقباله من أجل الضغط على الفلسطينيين وابتزازهم سياسيا.
من هنا يقول: "عندما تأخذ البنوك الشيقل ولا تستخدمه يصبح مكلفا عليها ويكبدها خسائر لأن عدم استخدام المال يحقق خسارة تعني تجميده وإن تجمد فإنه يخسر صاحبه لأن البنوك في هذه الحالة تؤمن حماية له وتقوم بتخزينه وتلبي رغبات المودعين عندما يريدون أموالهم".
تحذيرات من إعادة إحياء ونشوء سوق سوداء لتبديل العملات
ويحذر مسؤولو القطاع الخاص وخبراء اقتصاديون فلسطينيون من نشوء سوق سوداء جديدة، جراء استمرار هذا الوضع دونما حل جذري، حيث يبدأ في مثل هذه الظروف، سعر صرف الدولار بالارتفاع في السوق الموازية مقارنة بالبنوك، وهذا ما حصل سابقًا أواخر عام 2024 عندما وصل الدولار في السوق إلى 4 شواقل، رغم أنه في البنك كان 3.8.
يقول القاضي: "يمنع على العميل الإيداع بالشيقل وفي نفس الوقت يمنع من سحب مبالغ من حسابه بالدولار، ما أدى إلى زيادة نشاط السوق السوداء في الصرف وهناك جزء كبير من التحويلات التي تتم من الشيكل إلى الدولار بطرق غير رسمية لتفادي الممارسات في البنوك".
ولكن المشكلة اليوم الواضحة واللافتة للنظر بحسب القاضي هي انتعاش السوق السوداء في تبديل العملات، وهو أمر مزعج ويؤثر بشكل مباشر على الكثير من القطاعات وهناك خسائر غير مباشرة فقيمة الأموال تنخفض في السوق السوداء ويتم شراء الدينار والدولار بسعر أكثر من سعره الحقيقي وفي نفس الوقت لا يبيعون الدينار والدولار بسعره الحقيقي لأن الطلب على الدينار والدولار كبير جدا، وبعض المحللين يقولون إن الخسائر الشهرية تتراوح ما بين 15 – 25 مليون دولار.
ولفت القاضي إلى أن الخسائر قد تكون فردية وليست جماعية، ولكن إن تم تجميعها تصبح رقما، "وفي أي عملية تبديل للعملة من الشيقل للدولار أو العكس سيخسر فيها المرء حوالي 220 – 400 شيقل فلك أن تتخيل عدد الناس وعمليات التبديل الاضطرارية وبالتالي الخسائر الإجمالية".
وهو ما يتفق معه عبده إدريس – رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية، عندما قال: "أن هذه الإجراءات تخلق سوقا سوداء وتؤدي إلى إنعاشها وإعادة إحيائها ما يشكل خطرا على الأمن العام، فكيف يمكن الذهاب إلى الشمول المالي والدفع الإلكتروني في الوقت الذي تمنع العملاء من الإيداع في حساباتهم البنكية وتغذية حساباتهم بعملة الشيقل، وللذين يدعون إلى استخدام الدفع الإلكتروني واستخدام البطاقات المصرفية الذكية، فحتى يتم تفعيل وتنشيط الدفع الإلكتروني يجب تغذية الحسابات البنكية بإيداع الأموال النقدية فيها.
وجدد إدريس تأكيده على الإسرائيليين بأخذ الشيقل لأن خطره كبير على الأمن وكل شيء خطير بإنعاش وإحياء السوق السوداء.
خسائر جسيمة ناتجة عن سعر صرف الشيقل بالدولار وفرض عمولة على الإيداع
وهو الأمر الذي يتفق معه النتشة حينما يؤكد، اضطرار الموردين والتجار تحمل حجم الخسارة التي يتكبدونها عند إقدامهم على صرف العملة من شيقل إلى دولار وإيداعه في البنك حتى يقوموا بصرف شيكاتهم من حساباتهم بالدولار، إلى جانب فرض عمولة على الإيداع النقدي، وكم حالة الاستغلال التي تتم في هذه الحالة، "فالخسائر التي يتكبدها المودعون كبيرة جدا".
ويتابع: "إن فرض أي عمولات على المعاملات البنكية والمصرفية سينعكس مباشرة على رفع أسعار بعض السلع والمنتجات والخدمات، وبالنتيجة المواطن الفقير هو الذي يتحمل تلك الخسائر باستثناء أصحاب محطات الوقود والمحروقات لأن أسعارها محددة رسميا".
في حين يرى القاضي أن فرض عمولات على الإيداع هي عملية كسب، "وإذا كانت هذه العمولات منصوص عليها في القانون فهي تصبح حقا، ولكن إذا كانت عبارة عن مزاج شخصي لمدراء البنوك ومجالس إدارتها فهذا يتطلب قرارا جريئا من سلطة النقد لوضع حد لهذا الموضوع".
ويأسف القاضي لمطالبة البنوك من العملاء بتغذية حساباتهم بالدولار وتحويلها للشيقل على سعر صرف البنك "وبالمقابل يمنع سحب أمواله بالدينار والدولار لتبديلها بالشيقل في الخارج لتغطية قيمة الشيكات وهذه المشكلة كبيرة جدا وستؤثر على مصداقية البنوك وشركات المقاولات مع الموردين والتجار، وهذا أيضا يساعد على التهرب الضريبي لاحقا وسيؤدي ذلك إلى دفع الناس لابتكار أساليب جديدة بالامتناع عن الشراء من خلال البنوك والشيكات وبالتالي يصبح كل شخص بنكه في بيته بحيث يصبح تدوير الأموال النقدية في السوق دون أن يتم تمريرها عبر القنوات الرسمية وهذه أيضا معضلة ستواجه القطاعات الاقتصادية في البلد".
ويتابع القاضي أن هذه الإجراءات تتسبب في ظهور بعض الظواهر كالسرقات والسطو، بما في ذلك سطو جنود الاحتلال على أموال المواطنين أثناء عمليات دهم وتفتيش بيوت المواطنين.
ويقول: "أكبر مشكلة نواجهها اليوم هي موضوع تغطية الشيكات، فالعميل لديه شيقل نقدي ولا يريدونه إيداعها في حسابه البنكي وفي نفس الوقت يريدون منه أن يغطي شيكاته حتى لا يتم تصنيفه وتكون لديه مصداقية في القطاع، القضية ليست سهلة وتحتاج إلى قرار جرىء من الحكومة وحتى هذه اللحظة غير قادرين على أن نفهم موضوع تكدس عملة الشيقل لماذا غير قادرين على حلها على الرغم أن سلطة النقد تبذل مجهودا جبارا في هذا الجانب، ويجب أن تكون الشيكات خط أحمر، وحتى نستطيع الحفاظ على اقتصاد قوي ومتين يجب أن تكون هناك مصداقية للوضع الائتماني للشيك، وإذا القيمة الإئتمانية للشيك فقدت نتيجة عدم قدرة العملاء على الإيداع أعتقد أن السوق سيتأثر كثيرا على اعتبار أن جزءا كبيرا من الحركة الاقتصادية هي عبارة عن شيكات مدورة في السوق".
ويقول القاضي: "إن فرض عمولة على الإيداع لسببين الأول لتطفيش الناس والثاني لزيادة ربحية البنوك في ظل ظروف اقتصادية متهالكة للشعب والسبب الثالث الخفي يحاولون الضغط على الناس باستخدام حساباتهم بالدولار والدينار وصرفها بالشيقل".
في حين يصف إدريس، الوضع بالكارثي بمطالبة البنوك العملاء الإيداع بالدولار لتغطية شيكاتهم والتزاماتهم المحررة بالشيقل، نحن في الغرف التجارية نمثل البنوك وعلى البنك المركزي الإسرائيلي أن يأخذ عملته وإيداعها في أمكنة آمنة حتى نتمكن من ضبط الأمور خاصة أن أحد أخطر مظاهرها هو إعادة انتعاش وإحياء السوق السوداء وهذا لا يجوز وبدون ذلك توجد مشكلة أمنية فهذه الأموال لا نعرف أين يمكن أن تذهب إن لم يتم التعامل معها من قبل الجهاز المصرفي ستجد طريقها إلى المكان الخطأ".
وهو ما يؤكد عليه د. الحاج على أن تكدس الشيقل بين أيدي الناس في بيوتهم ومحالهم وشركاتهم ومؤسساتهم يشكل خطرا لأنه في القوانين المصرفية الإسرائيلية يمنع أن يكون لدى الشخص أكثر من 10 آلاف شيقل نقدي، واقتناء أكثر من هذا الرقم يعرض صاحبه للمصادرة ويخضع للمساءلة إضافة إلى أن جنود الاحتلال يسرقون هذه الأموال خلال الاجتياحات واقتحام البيوت والشركات.
في حين يرى القواسمي أن المسألة لا تقاس بالعمولة على الإيداع، ويقول: "إن إجمالي هذه العمولات لا تغطي التكلفة الحقيقية للخسارة التي يتكبدها البنك الذي يضطر اليوم للاقتراض بـ 5 – 6% مع البنوك الإسرائيلية غير عبء الكاش المتراكم عنده فعندما يأخذ عمولة 1 في الألف أو 1% ماذا يعني؟ الأمر بسيط أمام الخسارة التي تتكبدها البنوك".
ويتابع: "القضية ليست قضية زيادة عمولة أو أن البنوك تريد تحميل الناس عبء تكدس عملة الشيقل، وإنما القضية لدفع الناس إلى الابتعاد أكبر قدر ممكن عن استعمال الكاش النقدي واستخدام النقود والتحويلات الإلكترونية".
ويؤكد القواسمي أن سلطة النقد بذلت مجهودا كبيرا وتحملت مبالغ كبيرة وتكاليف عالية من أجل الارتقاء باستخدام الدفع الإلكتروني وهذا يتطلب أن تعي الناس أهميته فإذا زاد 10 – 20% من حركات الإيداع فمن المؤكد سيكون هناك انخفاض في نسبة الدفع النقدي.
إجراء بنكي بدون تعليمات رسمية
وبحسب ما علمته "صحيفة الحدث" من مصادر مختلفة، فإن إجراءات تقييد إيداع الشيقل وتحديد قيمة تغذية الحسابات البنكية للعملاء والمودعين اتخذته البنوك بالتوافق مع سلطة النقد وعلمها دون أن يصدر عن الأخيرة تعليمات بهذا الشأن وبحيث أصبح الأمر واقعا، وبهذا الخصوص وتعقيبا عليه سبق وأن أعلنت سلطة النقد لوسائل إعلام محلية أنها لم تصدر أية قرارات بشأن سقوف الإيداع ولكنها استدركت بقولها "أنها تراقب حجم الشيقل في البنوك وأنها تضغط نحو تحويل هذه الأموال إلى البنك المركزي الإسرائيلي".
وينفي القواسمي عدم إصدار سلطة النقد تعليمات بخصوص توقف البنوك عن الإيداع وفرض عموله عليه، وقال: صدرت عدة تعليمات منها والتزمت البنوك بها والهدف من هذه التعليمات الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في السوق الفلسطيني مع الأخذ بالاعتبار الحاجة للمواطن والأزمة التي تعيش فيها البنوك.
ويقول: "تحاول سلطة النقد دائما أن تلعب دورا رياديا في هذا الموضوع بحيث تجنب أي بنك من المشاكل داخل السوق نفسه وبالتالي دائما تحاول إصدار تعليمات لتساعد المواطنين بأن تكون لديهم حركة إيداع جيدة وسهلة وفي نفس الوقت تحاول أيضا أن توفر لهم وسائل إلكترونية وضرورة حث العملاء على استعمالها الأمر الذي يخفف من الكاش النقدي في البنك".
شيكات آجلة مقابل تصريف مبالغ مكدسة
ويرى رجل الأعمال طارق النتشة - صاحب ورئيس مجلس إدارة شركة الهدى للمحروقات، بأن تخفيض سقف الإيداع بالشيقل أحدث خللا في السوق المالي والاقتصادي الفلسطيني، منوها إلى أن سلطة النقد تسمح لكبار التجار ببيع أموالهم النقدية بالشيقل لمحال الصرافة وللناس العاديين مقابل حصولهم على شيكات آجلة، مما يحدث خللا كبيرا في الدورتين المالية والاقتصادية. وذلك بعد رفض البنوك السماح لهم بإيداع ما لديهم من مبالغ نقدية بالشيقل إلا بمبلغ قليل شهريا قد لا يتجاوز 5 آلاف شيقل، مما يضطرهم للجوء إلى شركات الصرافة لبيع "أموالنا المتكدسة مقابل شيكات آجلة، ومن هنا تصبح لدينا عملية حركة مال غير مسيطر عليها لا أمنيا ولا سياسيا ولا اقتصاديا، لذا من المستوجب على الجهات الرسمية ذات العلاقة الاستماع جيدا لآراء القطاعات المختلفة لحل مشاكلهم في السوق قبل أن يتخذوا أي إجراءات سواء كانت محلية أو تفاوضية مع الطرف الآخر، ومن هنا يجب أن يتم عقد لقاءات وفتح حوار مع مؤسسات القطاع الخاص وبحث كافة الإجراءات وتداعياتها والبحث حول التوصل لحلول متوافق عليها من الجميع بأقل الضرر والخسائر لأن المواطن في النهاية هو الذي يدفع فاتورتها، وهناك بعض الأمور التي يجب أن تحدث فيها أزمة من أجل حلها من جذورها".
البنوك تتعامل بنوع من المزاجية في مسألة الإيداع
ويرى القاضي، أن البنوك تتعامل بنوع من المزاجية في مسألة الإيداع النقدي بالشيقل ويعتمد ذلك على العلاقة الشخصية التي تربط العميل أو المودع بالبنك، وبلا شك أن إيداع الفائض من الشواقل أدى إلى تكدس هذه الأموال".
ويقول القاضي: "مشكلتنا في إعادة الشيكات لعدم كفاية الرصيد ناتجة عن رفض البنك السماح لنا بالإيداع النقدي لأن صاحبه غير قادر على إيداع قيمته بعملة الشيقل في البنك. لذا فإن جزءا كبيرا من المحال بدأت بالعزوف عن التعامل معنا بعملة الشيقل والكل يتجه اليوم نحو الدينار والدولار، كما تأثرت سلاسل التوريدات بهذا الإجراء فالكل أصبح يرفض تحصيل شيكاته بالشيقل وخاصة بموضوع العقارات والأراضي".
في حين يقول إدريس: "لا يمكن تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، يوجد اليوم أكثر من 11 مليار شيقل متكدسة في البنوك، يجب تحويلها للبنك المركزي الإسرائيلي وبالمقابل تواصل السماح للمواطنين بإيداع ما لديهم من عملة الشيقل في حساباتهم البنكية، وبما أنني أمثل البنوك، فعمليا لم يعد هناك مجال أو متسع في قاصاتها لتخزين هذه الأموال الفائضة والمتكدسة"".
مشاكل عديدة تترتب على منع الإيداع بالشيقل
ويؤكد د. الحاج أن نسبة الشيكات المرتجعة أصبحت عالية جدا، "ولم نكن في الماضي معتادين عليه في العمل التجاري، الآن البنوك تحدد للمستثمرين أنفسهم بإيداع فقط 5 آلاف شيكل شهريا للتجار، وبالتالي يمكن التخيل أن هذا الأمر ينعكس على تجار الحديد أو الأسمنت أو الموردين وأصحاب محطات الوقود، وبالتالي هذا المبلغ المسموح بإيداعه في الشهر لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يحل مشكلة، ومن سلبياته أن التاجر أو المودع لم يعد قادرا على صرف الشيكات التي حررها على نفسه، وهذا جعل ترجيعها بقيمتها وعددها لسبب عدم كفاية الرصيد عالية جدا.
ما يحدث هو دمار شامل للبلد
يتابع النتشة: "نشتري محروقاتنا من الحكومة ممثلة بهيئة البترول في وزارة المالية بقيمة تتراوح شهريا من 50 – 60 مليون شيقل، وأي زيادة على قيمة المشتريات يريدون فحص ومعرفة مصدرها، وفي الوقت الذي تمنعنا البنوك من إيداع هذا المبلغ في حسابات وزارة المالية، فإن الأخيرة تطالبنا بالإيداع في حسابها البنكي وترفض تسلمها هذه القيمة كاش نقدا، والبنك يرفض الإيداع النقدي، فماذا نفعل؟. لذا على وزارة المالية مخاطبة البنوك لإيداع هذه الأموال حتى نتمكن من استرداد ثمن مشترياتنا منها من المحروقات. ولماذا كل هذه التضييق على التاجر؟ هذه التعقيدات دفعتنا لنقل مليون شيقل معادن إلى دير الأسد في الداخل المحتل بالرغم من خطورة ذلك والحصول مقابلها على شيك مؤجل لسنة وذلك بهدف التخلص من الكاش النقدي لدينا، فأين الحاضنة والمظلة التي عليها حمايتنا وتفكر لنا وتخطط وتحمي البلد؟.
يقول النتشة: "نحن مجبرون على الحصول على تسهيلات ائتمانية من البنك ضمن اشتراطات مجحفة حتى نتمكن من أن نودع مبالغ وندفع على بعض المبالغ التي نودعها عمولة، وفي النهاية وفي إطار الأزمة الراهنة فإن الفائض من عملة الشيقل لدينا نقوم برجاء بعض المصارف لأخذها مقابل شيكات آجلة لمدد زمنية بعيدة وطويلة الأمد، ما يعني أننا أصبحنا تحت ضغط وتأثير أي عثرات قد تتعرض لها بعض المصارف".
وهنا يرى د. الحاج أن الفكرة البسيطة في عدم استقبال الشيقل أدت إلى هجرة لرأس المال والأشخاص وعائلاتهم من الوطن وهم يستغلون ليس فقط الظرف المفروض علينا كاحتلال هم أيضا يستغلون ضعف تنفيذ القوانين الفلسطينية فيما يتعلق بالشيكات فالعقوبات عندنا للأسف ركيكة وفي نفس الوقت تنفيذها بطيء.
تراجع غير مسبوق للأداء الاقتصادي
كما ويؤكد النتشة، أن هذه الإجراءات وغيرها أحدثت تراجعا غير مسبوق في الأداء الاقتصادي، ما يتطلب التحرك بعجالة من قبل الوزارات ذات العلاقة والجهات الأمنية لمناقشة الأمور هذه مع الطرف الأخر حتى لو كان بالاستعانة بأطراف أخرى كالاتحاد الأوروبي، فلم يعد هناك مجال للاستكانة والتسليم بما تفرضه علينا دولة الاحتلال. في الوقت الذي يطالب فيه بوضع آليات واضحة ومعلنة لسقوف الإيداع لتجنّب الاجتهادات الفردية بين البنوك.
وهو الأمر الذي يتفق معه القاضي، الذي يؤكد أنه لا توجد تقديرات رسمية بحجم الخسائر الناجمة عن هذه الإجراءات، ولكن المعاملات النقدية اليومية في القطاع الاقتصادي بشكل عام تتم بشكل نقدي مباشر، كما يؤكد أن الحد من عملية الإيداع بعملة الشيقل خاصة المبالغ الصغيرة أثر بشكل ملحوظ على السوق المحلي بشكل كامل، "وهذا انعكس سلبا على أداء قطاع المقاولات الذي يتعلق بالدفع اليومي وحركة السيولة النقدية في أيدي شركات المقاولات والموردين والعمال وهي التي تحرك قطاعنا بشكل مباشر".
ويتابع: "يعتمد سوقنا بشكل كبير على النقد المباشر وجزء كبير من أموالنا يتم من خلال حوالات، ولكن اليوم أي أموال نحن نتلقاها أو ندفعها للتجار بشكل مباشر فيها الكثير من المحاذير ومعايير للدفع وهذا أثر على أداء قطاع المقاولات، وبشكل عام كل قطاع يعتمد على الدفعات اليومية تأثر بشكل مباشر".
ولا يختلف إدريس مع الآخرين بقوله: "هذه الإجراءات تكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر كبيرة وتؤدي إلى تضارب أسعار صرف العملات وتصبح هناك سوق سوداء كما أنها تعطل عملية الاستيراد والتصدير وكل العمليات التجارية والأعمال بين الناس في الحد من تسديد الالتزامات المالية ما يحدث فوضى في الأسواق وشيكات عليها التزامات بدون أن يودع المال كيف يمكنه أن يسدد شيكاته وهناك أموال تأتي من محال بيع التجزئة وثقافة الناس مختلفة والتحول للدفع الإلكتروني لا يتم مرة واحدة خاصة وأننا تحت الاحتلال".
بدوره يؤكد د. الحاج، على عدم وجود جهات رسمية قادرة على التحرك لإيجاد الحلول ويبقى الحديث كلام في الهواء وهو يضرب العلاقة وليس فقط يؤثر على التنمية الاقتصادية لأنه عندما تتكدس الأموال ولا يتم تدويرها فهذا يعني تراجع الأداء الاقتصادي بمعنى لا تسهم البنوك في دور أساسي بالتنمية الاقتصادية من خلال الإقراض لمشاريع مختلفة وهذا نتيجته وتداعياته الاقتصادية تعطل عملية دوران النقود لأنه خلق المال يأتي من المال نفسه بمعنى أن المال ينمو من خلال تحريكه وبالتالي لا تسهم في التنمية الاقتصادية.
ويؤكد الحاج، أن البنوك لا تستطيع حاليا التمادي في تقديم التسهيلات الائتمانية وإعطاء القروض حتى لو كانت الملاءة المالية عالية لأنها تريد ضمانات والتي كانت تقدم على شكل ضمانات وأصول ضمانات رواتب أو فرد لفرد هذه مهددة أيضا بالخطر فالعقار قد أصبح مهددا إما بالمصادرة أو الهدم أو الاستيلاء كما أن ضمان الراتب لم يعد فعالا لأن الرواتب لم تعد منتظمة وأن صرفت فهي بنسبة. كما أن ضمانة الأشخاص الآخرين فأصبح وضعهم التجاري والمالي متراجع.
إرباك في السوق ولهذه الإجراءات عواقب خطيرة
وتعقيبا على كل المحاور والاتهامات والانتقادات يرد، د. معاوية القواسمي - نائب المدير العام للبنك الإسلامي العربي، والذي مثل المدافع الأكبر عن سلطة النقد والبنوك في إجراءتها المختلفة بقوله: "بالنسبة لعملة الشيقل الكاش فإنها تتضمن مسألتين تكديسها في خزنات وتحتاج إلى بوالص تأمين وإجراءات عالية حتى نحافظ عليها، والمشكلة الأكبر أن هذه الأموال لو ذهبت إلى البنك المركزي الإسرائيلي ووضعت في حساباتنا كان بالإمكان تنشيط التجارة البينية مع الداخل.
ويتابع: "نحن اليوم في الكاش الذي عندنا نقترض من هذه البنوك التي تكلف تقريبا 130 مليون دولار سنويا لمجموع البنوك من أجل تغطية الشيكات الفلسطينية الصادرة للداخل، وبالتالي فإن المشكلة القائمة أننا ندفع أموالا على هذه الأموال، وللأسف الجانب الإسرائيلي يستعمل هذه القضية كنوع من العقوبات علينا، وللأسف مع حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف تستخدم فائض الشيقل كسلاح ضد البنوك والفلسطينيين لأنه عندما تمتنع البنوك عن أخذ الكاش النقدي من عملة الشيقل يحدث إرباك في السوق الفلسطيني ولهذه الإجراءات عواقب خطيرة كثيرة.
بعد قانوني يتوجب الملاحقة للتعويض عن الضرر
يؤكد القاضي أن المواطن مقصر في متابعة حقوقه، ويجب أن يكون هناك توجه عام من كل المتضررين المودعين عن ما وصفه بابتزاز البنوك، وقال: "أعتقد أن البنك عليه مسؤولية تجاه عميله، وأذا ما حاول العميل أيداع المال في حسابه البنكي لتغطية الشيك المسحوب عليه وبالنتيجة رجع الشيك وتمكن العميل من إثبات الضرر الذي لحق به نتيجة هذا الإجراء، فإن البنك عليه أن يتحمل حجم هذا الضرر.
وقال القاضي: "هذا الموضوع قانوني وله أبعاد قانونية وأعتقد أن البنوك حتى اللحظة غير قادرة على أن تعي مدى خطورة هذا الإجراء إن كان هناك تتبع من الناحية القانونية، البنوك مجبرة أن تأخذ أموال الشيقل ومسؤوليتها تجاه عميلها من هذه الناحية أعتقد ستكون كبيرة".
ويعتقد القاضي، أنه لو تقدم أي عميل بشكوى للمحكمة تتعلق بشيكاته الراجعة لعدم كفاية الرصيد سيقع البنك في مطب كبير كثيرا.
أما إن كان هذا الأمر قانوني أو غير قانوني فإن د. الحاج يختلف مع البعض ويؤكد أن البنوك تعمل ضمن تعليمات تصدرها سلطة النقد وعلى البنوك التقيد بها، ولكنها لا تتقيد في الأوامر والتعليمات المتعلقة بمطالبتها للعميل بتغذية حسابه بالإيداع بعملة الدولار أو الدينار، لأنها تعلم بأن الحلول المطروحة من سلطة النقد هي نظرية وليست واقعية وفي النهاية البنوك منسجمة ومتوافقة نسبيا فيما بينها ويبقى في النهاية أن المودع أو المواطن أو المستثمر هو الذي يدفع الثمن وهو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة وهو الذي يتحمل الخسارة الأكبر.
دور سلطة النقد الحاضر الغائب
وبينما يؤكد القاضي على وجود الدور الرقابي لسلطة النقد، فإنه يحمل العملاء مسؤولية تقصيرهم الكبير في التتبيع معها، معتقدا أنه إذا كانت هناك تعليمات بهذا الشأن، فهي خفية على الأقل ولا يوجد شيء واضح ومكتوب بهذا الخصوص، وإن كان هناك توافق ما بين سلطة النقد والبنوك على اتخاذ مثل هذه الإجراءات فهو ليس توافقا وإنما تواطؤا لأن دورها يتمحور حول تنظيم السوق الائتماني سوق الدفع وحماية حقوق العملاء فدورها تشريعي ورقابي لكل الأنظمة المصرفية الموجودة في البلد والتدخل عند اللزوم ووضع حد لأي ممارسات خاطئة سواء من البنك أو العميل".
لكن إدريس يقول: "إن سلطة النقد تضغط باتجاه حل هذه الأزمة مؤكدة على وجود حلول قريبة في أن يأخذ الإسرائيليون الأموال المتكدسة من عملة الشيقل، وأن موقفها واضح حيث لم تصدر تعليمات حول تخفيض سقف حجم الإيداع بالشيقل، وأنها طالبتنا بتقديم أي شكوى تتعلق بأي إشكالية نتعرض لها كتجار" .
وبحسب د.الحاج فإن سلطة النقد لغاية الآن غير قادرة على التوصل إلى حل للتخلص من جزء من هذا العبء الواقع على كاهل البنوك والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الذين لا يعرفون كيف يمكنهم التخلص من فائض الشيقل.
ويؤكد: لذلك بعد اقتصادي اجتماعي حيث ظهرت عدم الثقة ما بين المودعين وما بين البنوك بالإضافة إلى زعزعة الثقة بسلطة النقد مما يخلق مشاكل بضرب العلاقات الاجتماعية ما بين الموظفين في البنوك والمودعين، حيث يتلقى تعليمات من إدارة البنوك والمواطن يتلقى هذه التعليمات من الموظف وبالتالي الموظف يخسر جزءا كبيرا من وقته عند محاولته إقناع المواطن بلماذا وما هو السبب وهذا يحتسب تكلفة اقتصادية يعني ضياع الوقت في أمور الكلام في العمل المصرفي هو فقدان للأداء والكفاءة الإنتاجية وبالتالي يخسر عمليا من جهده ووقته أثناء محاولة إقناع المواطن.
بينما يؤكد القواسمي أن سلطة النقد تتعاون مع البنوك وجمعيتها باتخاذها عدة إجراءات من أجل تحويل كل الكاش النقدي من خلال استخدام الدفع الإلكتروني وقال: "وإن توفر هذا النقد الإلكتروني فإننا لن نحتاج الكاش النقدي".
وتطرق القواسمي إلى ثلاث مشاكل يعانون منها الأولى: أن وعي المواطن في استعمال طرق غير تقليدية من خلال الدفع الإلكتروني ما زالت متواضعة، والثانية، بعض التجار يحاولون دائما التعامل من خلال الكاش النقدي لسببين الأول: أنهم يرغبون برؤية العملة النقدية أمامهم، والسبب الثاني بعضهم يريد أن يأخذ الكاش ويرفض دفع عمولة الصراف الآلي، ومن المؤسف أن عدم الوعي دفعنا للذهاب إلى حل شراء دولار وإيداعه.
حلول خلاقة وإبداعية لمشكلة متجددة
يرى النتشة، أن حل الأزمة الحالية يتطلب تحركا جديا من الجهات السياسية الرسمية والأمنية وعلى كافة المستويات حتى العالمية للضغط على دولة الاحتلال من أجل استقبال الفائض من عملتها في السوق المالي الفلسطيني، وبخاصة أن المواطن التاجر يعيش وضعا بائسا في كل المجالات لذا فإن ما يحدث هو دمار شامل للبلد لذلك ينبغي إعداد خطط استراتيجية لحماية البلد".
ولحل هذه الأزمة من جذورها يطالب النتشة سلطة النقد والجهاز المصرفي والقطاع البنكي بدء العمل واستهداف طلبة الجامعات والمدارس لتعزيز ثقافة المعاملات المالية الإلكترونية وأن يشمل الشمول المالي كل مواطن وتمكينه من امتلاك بطاقة صراف إلكتروني حتى تتم عمليات البيع والشراء من خلالها، وذلك على طريق التحول نحو الرقمنة في التحويلات المالية والنقدية.
في حين أكد القاضي، على الحاجة لرؤية مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص للخروج من هذا المأزق. وطالب سلطة النقد برقابة عالية وصارمة على البنوك ومنع تغولها في اتخاذ القرار وتنفيذها، لافتا إلى أن تقديم البنوك تسهيلات كبيرة للقطاع العام يجعل صوتها عاليا وقويا عند مفاوضتها على الطاولة، كما يجب أن تكون هناك رؤية واضحة حول الدفع الإلكتروني وآلياته، والإسراع لعقد اجتماع ما بين القطاعين العام والخاص لوضع رؤية مشتركة في هذا الموضوع وعلى الدول الأوروبية التدخل والضغط على حكومة الاحتلال لحل مشكلة تكدس الشيقل. ولطالما يوجد هذا الفائض الكبير على البنوك منح قروض بالشيقل وبتسهيلات منخفضة لإنعاش الاقتصاد الوطني ودعم المشاريع الصغيرة. فلو تم ضخ 6 مليار شيقل من هذا الفائض في مشاريع تنموية فإن ذلك يحدث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني.
ويتفق إدريس مع الآخرين حول أهمية التحول للدفع الإلكتروني لكنه قال: "كلنا مع التطور والشمول المالي ولكن اليوم نريد أن نغذي الحسابات البنكية".
تهرب سلطة النقد وبعض البنوك واعتذار جمعيتها عن الإجابة على أسئلتنا
ومن المؤسف أننا توجهنا بعديد الأسئلة لعدد من البنوك الفلسطينية والتي اعتذرت عن الإجابة عليها والحال نفسه يتعلق بجمعية البنوك، أما سلطة النقد فبعد طول انتظار لردها على أسئلتنا خرجت علينا ببيان صحفي وزعته على كافة وسائل الإعلام، أعلنت فيه، أن أزمة تراكم الشيقل في المصارف وصلت إلى مستويات تهدد استمرار تمويل التجارة مع الجانب الإسرائيلي عبر القنوات المصرفية، وأن المصارف الفلسطينية أصبحت غير قادرة على استقبال مزيد من النقد بعملة الشيقل بسبب عدم قدرتها على شحن فائض الشيقل إلى البنوك الإسرائيلية.
وأكدت سلطة النقد أن المصارف الفلسطينية تحمّلت وتتحمل أعباء مالية كبيرة نتيجة عدم قدرتها على شحن فائض الشيقل، كما يتحمل المواطن أعباءً إضافيّة بسبب عدم قدرته على تنفيذ عملياته المالية من خلال المصارف بعملة الشيقل ولجوء بعض العملاء إلى بيع الشيقل وشراء عملتي الدينار والدولار مما أدى إلى خلق سوق سوداء لتجارة العملة.
وحذرت سلطة النقد من أن استمرار الأزمة من شأنه التأثير سلباً على السيولة اللازمة لتمويل التجارة محليا وخارجيا، منذرة بتراجع إضافي في الأداء والنشاط الاقتصادي في دولة فلسطين.
وقالت سلطة النقد أنها خاطبت كافة الجهات ذات العلاقة للمساعدة في شحن فائض الشيقل المتراكم في السوق الفلسطيني دون تحقيق نتائج إيجابية لغاية الآن، وأن الأمر يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لإيجاد حل جذري لتراكم الشيقل في السوق الفلسطيني وحث الجانب الإسرائيلي على الوفاء بالتزاماته تجاه عملته والسماح بشحن فائض الشيقل إلى البنوك الإسرائيلية.