الحدث الاقتصادي
نظم المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء، اليوم الثلاثاء، مؤتمر ومعرض الأبنية الخضراء الثاني تحت شعار "صمود ومنعة"، في فندق الكرمل بمدينة رام الله، بحضور ومشاركة واسعة من الخبراء والمختصين في قطاع الأبنية الخضراء، والمسؤولين.
وانطلقت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الذي يستمر على مدار يومين متتاليين، باعتباره منصة وطنية هامة لمناقشة سبل تعزيز مفاهيم الاستدامة في فلسطين، في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتفاقمة، ورغم العدوان المتواصل على شعبنا في قطاع غزة، حيث يتضمن المؤتمر جلسات متخصصة، بمشاركة واسعة من قبل المؤسسات والجهات الرسمية، والمؤسسات والشركات المهتمة بالاستدامة وقطاع الأبنية الخضراء وتلك العاملة فيه.
وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس إدارة المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء المهندس سري سعادة: إن شعار مؤتمرنا هذا العام هو انعكاس دقيق للواقع الفلسطيني الذي نعيشه، هو انعكاس لعقود من التجربة والتحدي والصمود، مضيفا أن الصمود في سياقنا الفلسطيني لا يعني فقط الثبات على الأرض وإنما يمتد ليشمل تمكين المجتمعات، والحلول المبتكرة في مجالات البناء والمنعة والابتكار، وذلك لإيجاد حلول ذكية محلية بأيدي شباب فلسطينية، واستثمار مواردنا بأقصى طاقة.
وتابع المهندس سعادة: انطلقت رؤيتنا بإيمان عميق بأننا نمتلك الطاقة البشرية المهنية، والإرادة للتحول نحو الاستدامة، ولا ننتظر حلولا من الخارج بل نعمل عليها محليا، وسنشاهد اليوم نماذج ناجحة من وطننا في المدن والطاقة المتجددة، وإعادة الإعمار والتخطيط الأخضر.
وأشار إلى أن الاستدامة ليست رفاهية، بل مسؤولية أخلاقية واقتصادية اتجاه مستقبل بلدنا، معربا عن شكره للشركاء والرعاة والداعمين.
بدروه، قال مستشار الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في فلسطين د. سمير جراد: إن الأهمية الأساسية لهذا المؤتمر عرض مجموعة من القضايا التي تهم المجتمعات في المنطقة العربية ككل، نسعى أن تكون رسلتنا نموذجا تنمويا نحو التنمية المستدامة في فلسطين، وحريصون على متابعة المشروع التنموي.
وأعرب عن أمله ألا يكون هذا المشروع الوحيد في فلسطين حول هذا الموضوع المهم، ورؤية مشاريع أخرى تتناول كافة القضايا حول الاقتصاد الأخضر، من مشاريع شبابية ريادية، خاصة أننا نعطي في الصندوق أولوية قصوى في تطوير وتبني الأعمال الريادية للشباب.
وتطرق إلى قضية الطاقة المتجددة في الهيئات المحلية، داعيا الحكومة إلى الانتباه إلى هذا الموضوع والعمل على تبنيه وتطويره والتركيز عليه، معبرا عن تمنياته للمؤتمر بالنجاح والخروج بتوصيات محددة تساعد على التوجه وتحديد المسار الصحيح.
من جهتها، قالت رئيسة التعاون في القنصلية البلجيكية السيدة تينا تينديمانز، إن تحديات كثيرة يواجهها الجميع في قضية الأبنية، لذلك نحن اليوم هنا لتسليط الضوء على هذا الموضوع، بلجيكا كانت دوما مشاركة في نشاطات في فلسطين، كما أننا عملنا سابقا مع الحكومة والوزارات المعنية في وضع الاستراتيجيات وخطوات العمل، من أجل تعزيز الاستدامة.
وأكدت دعم بلادها لفلسطين خلال المؤتمرات المناخية، وبرنامج التنمية الحالي يتضمن منهجا أخضر نحو الاستدامة، ودعم الجهود والاستثمار في المواضيع من خلال تحسين جودة الحياة والموارد الطبيعية، وإعادة استخدامها، وإدارة النفايات، وكلها أسس من جل العدالة البيئة.
وأشارت إلى أن حكومة بلجيكا تدعم كل ذلك من خلال UNDP، ووكالة التعاون البلجيكي، وملتزمون في تطوير الخبرات والتحول البيئي ودعم البلديات، من خلال المجالس المشتركة، وتطبيق معايير بناء الطاقة، وجهود إعادة الإعمار، عبر بناء مساحات خضراء في المناطق المختلفة في الضفة وغزة وأن تكون منيعة من أجل ضمان الكرامة لمستقبل أفضل للشعب الفلسطيني وتعزيز الصمود، وصولا إلى الاستدامة.
من جانبها، قالت مديرة المشاركة والتنفيذ في المجلس العالمي للأبنية الخضراء السيدة دومينيكا تشيروينسكا عبر زوم، إن المجلس يسعى لمستقبل أفضل والوصول إلى مدن صحية ومستدامة، وأبنية منيعة وخالية من التلوث الكربوني على كوكب الأرض، وبناء مجتمعات بيئية من خلال الأنشطة المختلفة وتطبيق الحلول.
وأضافت، أن هناك أكثر من 75 مجلس بناء أخضر في العالم، يحاولون تخفيض الانبعاثات الكربونية، لحماية الإنسان من الانبعاثات والتغيرات المناخية، في ظل وجود فقر في الطاقة.
وتابعت، أن المجلس يركز على الوصول إلى بيئة خالية من الكربون وإيجاد موارد طاقة قليلة التكلفة، ووضع خرائط طرق في مجال الطاقة، وتقديم المناصرة العالمية ودعم السياسات والمعايير من أجل الحد من التأثيرات السلبية والعمل مع الحكومات المحلية لدعم المعايير التي تقود أجندتنا من أجل وضع مبادئ أساسية تكون مناسبة مع رسالة المجلس.
من ناحيته، قال مدير دائرة الائتمان في بنك فلسطين السيد حنا السحار، إن مساهمة مجموعة بنك فلسطين في دعم هذا المؤتمر تأتي انسجاما مع أهداف التنمية والاستدامة التي تبنتها ضمن استراتيجية تتحقق عبر مجموعة من السياسات والاستراتيجيات والأنشطة الجديدة، من بينها؛ تمويل المشاريع الخضراء، وحماية الموارد الطبيعية من مخاطر ومسببات التلوث، بما يضمن الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وتقليل النفايات، والحد من التلوث البيئي، وزيادة عمر المبنى لأقصى حد.
وأشار إلى أن مجموعة بنك فلسطين عمدت إلى تأسيس شركة قدرة لتوفير حلول الطاقة البديلة، كأحد الاستثمارات المستدامة التي تعد من أهم الأدوات المستخدمة في تعزيز مبادئ الاستدامة وتقليل الأثر البيئي، حيث عملت الشركة على إنشاء عدد من محطات للطاقة الشمسية وصلت قدرتها الانتاجية إلى أكثر من 25 ميجا واط، من بينها محطة في قرية "جمالة" و"دير أبو مشعل" غربي رام الله، ويعبد غرب جنين، وترقوميا جنوب الخليل قيد الإنشاء، ومحطة كذلك لجامعة بيرزيت وغيرها. والتي تنتج كميات من الطاقة النظيفة في خطوة مهمة لتقليل الأثر البيئي والانبعاثات الصادرة عن البنك وبدأت عملها العام الماضي.
ولفت إلى أن بنك فلسطين يولي أهمية خاصة للقضايا البيئية بما فيها تقديم تسهيلات للعملاء للحصول على القروض الخضراء وقروض Sunref، وتشجيع الطاقة المتجددة، وتشجيع الشباب من الرياديين على التكنولوجيا الخضراء، إضافة إلى إطلاق سلسلة من المبادرات البيئية.
بدوره، قال نائب رئيس سلطة جودة البيئة د. أحمد أبو ظاهر، نيابة عن رئيسة سلطة جودة البيئة د. نسرين التميمي، إن شعار هذا المؤتمر "صمود ومنعة"، يتجسد كتعبير عن الجهود الحثيثة المبذولة لبناء مجتمع مستدام يمتلك القدرة على مواجهة التحديات العالمية، ولا سيما تلك التي تواجهها فلسطين بشكل خاص. ففي ظل شح الموارد البيئية والطبيعية، وتعاظم التحديات الناجمة عن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مقدرات شعبنا، بل وتدميره الممنهج لهذه المقدرات، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبنّي نهج الاستدامة كركيزة أساسية للصمود وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
وأضاف أن حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على شعبنا في كافة أرجاء الوطن، وخاصة في قطاع غزة، طيلة عام ونصف، ألقت خلالها ما يزيد عن 85 ألف طن من المواد المتفجرة، أدت إلى استشهاد ما يقارب 50 ألف مواطن، أغلبهم من النساء والأطفال، ودمرت البنية التحتية وكافة عناصر البيئة، وأدت إلى تراكم ما يزيد عن 48 مليون طن من الركام الملوث بالمواد الخطرة والملوثات العضوية، وعلى انبعاث كميات هائلة من الغازات تقارب 600 ألف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهذا خلال الأشهر الأربعة الأولى فقط من العدوان، أما إذا أضفنا الانبعاثات المتوقعة المرتبطة بإعادة الإعمار للانبعاثات الناتجة عن النشاطات العسكرية المباشرة، فقد قدر باحثون من جامعة كوين ماري في لندن من خلال دراسة حديثة نسبيا أنه سينتج عنا إطلاق ما يقرب من 54.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون منذ أكتوبر 2023 حتى نوفمبر 2024. وهذا الكم الهائل من الانبعاثات والتي تفوق انبعاثات عدة دول مجتمعة سيؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وسيؤثر سلباً في التغير المناخي.
وأشار إلى أن أهداف المؤتمر، والتي تركز على مبدأ إعادة الإعمار لقطاع غزة، وعرض القوانين والتشريعات التي تعزز الاستدامة، وكذلك تعزيز مفهوم المنتجات والخدمات والأبنية الخضراء، متسقة مع رؤية سلطة جودة البيئة والتي تنص على أن "البيئة الفلسطينية بجميع مكوناتها وأشكالها محمية ومستدامة للأجيال القادمة، من خلال تخطيط منهجي وسياسات بيئية فعالة واستراتيجيات قطاعية ومشتركة، مدعومة بخطط عمل واضحة وقابلة للتنفيذ".
وأوصى بتضمين مفاهيم البناء الأخضر والاستدامة خلال عملية إعادة الإعمار في غزة، مما يقلل من الأثر البيئي والتغير المناخي، ويحقق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية ويحد من استنزافها.
وأقيم على هامش المؤتمر، معرض مرافق يوفر بيئة لعرض الجوانب العملية والتجارية ذات العلاقة بالبناء الأخضر من مواد بناء وأجهزة وخدمات وأعمال هندسية، وتوظيف لتكنولوجيا المعلومات، باعتبارها أمثلة حية على تعزيز سوق البناء الأخضر ومتطلباته، ووفر المعرض متسعا للمبادرات الريادية في هذا المجال.
وتخلل اليوم الأول من المؤتمر؛ عدد من الجلسات المهمة، الجلسة الأولى بعنوان "مدن مستدامة ومنيعة"، أدارها المدير التنفيذي للاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية عبد الله العناني، وبمشاركة م. عهود عناية - مدير عام وحدة التخطيط والسياسات في وزارة الحكم المحلي تحدث حول استدامة المدن الفلسطينية وعناصر استدامتها والقوانين الناظمة، وم. لينا لهلبت متخصصة في الشئون البيئية، تحدثت حول نافذة التنافسية الثالثة لصندوق تطوير وإقراض البلديات ضمن المرحلة الرابعة من برنامج تطوير البلديات، والقدرة على مواجهة المخاطر الطبيعية والتكيف مع تغير المناخ، وم. نضال أبو الرب مدير دائرة الأبحاث والدراسات والاستكشاف في سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، وتحدث عن مساهمة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في الاستدامة والاقتصاد الأخضر في فلسطين، وم. محمد عورتاني مدير برنامج الطاقة الشمسية في شركة مصادر إحدى شركات صندوق الاستثمار الفلسطيني، وتحدث حول الطاقة المتجددة في فلسطين - فرص وآفاق.
أما الجلسة الثانية بعنوان "الترميم وإعادة الإعمار، وأدار د. سليم أبو ظاهر الوكيل المساعد لشؤون الإسكان في وزارة الاشغال العامة والإسكان. وشارك فيها كل من: أميرة الأغا أيوب رئيس إقليمي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس العالمي للمباني الخضراء عبر زوم، وتحدثت عن إعادة الإعمار والتعافي المستدام، ود. علي شعث خبير في مجال البنية التحتية وإعادة الإعمار، وقدم قراءة نقدية عن خطط إعادة إعمار غزة، وم. معتز محيسن مدير مكتب صندوق تطوير وإقراض البلديات في غزة عبر زوم، وم. معتز دوابشة - مدير محفظة برامج - برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وتحدثا عن تجارب من غزة "الدروس المستفادة في تجربة إعادة إعمار غزة والخطط المستقبلية.
أما الجلسة الثالثة وهي حلقة نقاش بعنوان "التمويل الأخضر والمنح وإعادة الإعمار" ، وأدار الجلسة م. سرى سعادة - رئيس مجلس إدارة المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء. وشارك فيها كل من: راسم صوان المستشار الاستراتيجي في وكالة التنمية البلجيكية في فلسطين (Enabel Palestine)، وم. معتز دوابشة مدير محفظة برامج في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وسامي الخالدي خبير تمويل في صندوق الأمم المتحدة للأنشطة الإنتاجية، والمهندسة المعمارية ميشيل فاريل كبيرة مسؤولي العمليات في مؤسسة التمويل الدولية عبر زوم، والسيد حنا السحار مدير ادارة الائتمان في بنك فلسطين.
ويستكمل المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء، غدا الأربعاء، جلساته إضافة إلى مسابقة بين طلبة الجامعات، والخروج بالتوصيات المقترحة.