ترجمة الحدث
فتحت وحدة التحقيقات الإسرائيلية مع عناصر الشرطة (ماحش) خلال الأسابيع الأخيرة تحقيقاً حساساً ضد ضابط احتياط في جهاز الأمن العام (الشاباك)، بشبهة تسريب معلومات داخلية وسرية إلى صحفيين وإلى وزير الشتات عمّيحاي شيكلي من حزب الليكود. وقد كُشف النقاب عن هذه القضية الأمنية مساء أمس عبر موقع يديعوت أحرونوت، مع الإشارة إلى أنه لا تُنسب للمشتبه به أية تهمة تمس بأمن الدولة.
المستشارة القانونية لحكومة الاحتلال غالي بهاراف ميارا أوكلت التحقيق إلى وحدة ماحش، بناءً على الصلاحيات المخولة لها بموجب أوامر الشرطة، والتي تتيح لها أيضاً التحقيق مع أفراد من الشاباك. ومنذ السادس من أبريل، يجري التحقيق تحت أمر حظر نشر شامل.
وفقاً للشبهات، فإن التحقيق واعتقال رجل الشاباك مرتبطان بنشر الصحفي عميت سيغل في 23 مارس، حيث كُشف عن وثائق داخلية من الجهاز، تفيد بأن الشاباك أجرى فحصاً بشأن الاشتباه في تغلغل الفكر "الكاهاني" إلى أعلى هرم الشرطة.
الشاباك لم ينفِ ما نُشر، وصرّح قائلاً: "حركتا كاخ و"كاخ حي" أُعلِن أنهما تنظيمان غير قانونيين عام 1994، ومنذ عام 2016 تُعتبران منظمتين إرهابيتين. وقد استمرت أنشطتهما بعد ذلك، والشاباك عمل على كشفها وإحباطها بموجب القانون. وإذا وردت معلومات بهذا الخصوص، فإن الجهاز يتعامل أيضاً مع احتمال تغلغل هذه الجهات إلى مؤسسات الحكم، وخصوصاً مؤسسات إنفاذ القانون". مصادر في ماحش أكدت أنه لم تتم مراقبة أو التنصت على الصحفيين الذين حصلوا على التسريبات.
المشتبه به اعتُقل ويُصنّف على أنه معتقل أمني، وقد مُنع لعدة أيام من لقاء محامٍ، بموجب أمر صادر عن الشاباك. ولم يُلغ هذا المنع إلا يوم الاثنين الماضي. وفي جلسة المحكمة الأسبوع الماضي، طلبت ماحش تمديد اعتقاله لمدة 16 يوماً، لكن محكمة الصلح الإسرائيلية في مستوطنة ريشون لتسيون وافقت جزئياً وأمرت بتمديده لثمانية أيام فقط. ومن المتوقع أن تطلب ماحش يوم الأربعاء القادم تمديداً إضافياً لاعتقاله.
الوثيقة المتعلقة بفحص "تغلغل الكاهانية" في الشرطة سُرّبت كما ذُكر إلى الصحفي عميت سيغل والوزير عن حزب الليكود شيكلي. أما الوثيقة الثانية التي تناولت موقف الشاباك من أحداث ما قبل السابع من أكتوبر – والتي بحسب المشتبه به تتناقض مع ما ورد في تحقيق الشاباك حول أحداث أكتوبر – فقد سُرّبت إلى الصحفية شيريت أفيتان كوهين.
المشتبه به، الذي يحمل رتبة تقارب رتبة مقدم في الشاباك، قال خلال التحقيق إنه أراد إيصال قضايا ذات أهمية واهتمام عام بالغ إلى الجمهور، موضحاً أن المعلومات التي نُشرت تم عرضها بشكل مضلل من قِبل جهات ذات مصلحة تسيطر على المعلومات داخل الشاباك. كما أكد أن تلك المعلومات ليست سرية، مضيفاً: "اعتقدت أنه من الضروري أن يطّلع عليها الجمهور". وقد طلب الخضوع لاختبار كشف الكذب خلال التحقيق. وذكرت المحكمة في الجلسة الأولى لتمديد اعتقاله أن التسريبات "نُفذت بطريقة معقدة".
وبعد رفع أمر حظر النشر، أعلنت ماحش: "رغم وجود أمر يمنع نشر أي تفاصيل عن القضية، فقد تم خرق هذا الأمر بشكل فاضح، ونُشرت تفاصيل من التحقيق خلافاً للقانون. ونظراً لانتشار معلومات جزئية وخاطئة، تقرر رفع الحظر من أجل وقف انتشار هذه المعلومات المضللة. وقد اعتُقل رجل من الشاباك في 9 أبريل بشبهة ارتكاب مخالفات أمنية".
وأضاف البيان: "وفقاً للشبهات، استغل المشتبه به وظيفته الأمنية والوصول الممنوح له إلى أنظمة الشاباك، ونقل معلومات سرية في عدة مناسبات إلى جهات غير مخولة. ونظراً لخطورة المخالفات المنسوبة إليه، تم اعتقاله وصدور أمر بمنعه من لقاء محامٍ، وهو أمر تم رفعه لاحقاً. ويتركز التحقيق، الذي يُدار من قبل طاقم متخصص في ماحش بالتعاون مع الشاباك، في موضوع أخذ معلومات من أنظمة الجهاز وتسريبها لجهات غير مخولة. ويُشدد على أنه لم تُؤخذ إفادات من صحفيين في إطار هذا التحقيق".
محاميا المشتبه به، أوري كورب وسيفان روسو، قالا إن موكلهما خدم لعقود في الشاباك بإخلاص ومهنية عالية، ونقل معلومات ذات أهمية عامة كبيرة بهدف كشفها للرأي العام، مع الالتزام بعدم تسريب أية معلومات أمنية. وأوضحا أن المعلومات التي نقلها لا تندرج بطبيعتها تحت بند السرية، وأنه لا خلاف على أن ما نُقل لا يشكل تهديداً لأمن الجمهور.
وأشار المحاميان إلى أن موكلهما توجّه إلى وزير في الحكومة وإلى صحفيين في قضيتين منفصلتين تحملان أهمية عامة كبيرة: أولهما، فحص/تحقيق أراد كبار مسؤولي الشاباك إجراؤه حول جهات سياسية ومحيطها، والمعلومات نُقلت للوزير شيكلي وللصحفي سيغل. وثانيهما، نقل معلومات من التحقيق الكامل للشاباك حول أحداث السابع من أكتوبر، وهي معلومات لم تُنشر للجمهور، وكانت تناقض التلخيص المنشور الذي ركّز على المسؤولية السياسية، في حين قدّمت الصورة الكاملة موقفاً أكثر تعقيداً حول سلوك وموقف الشاباك عشية تلك الأحداث.
وأضاف المحاميان أن موكلهما نقل هذه المعلومات ذات الأهمية العامة إلى الصحفية شيريت أفيتان، ولا جدال في أن ذلك لم يشكل خطراً على أمن الدولة. وأكدا أنه تم استخدام أدوات قمعية متطرفة ضد موكلهما، مثل اعتقاله عشية العيد ومنعه من لقاء محامٍ، وهي أدوات مخصصة لحالات مختلفة تماماً. وأوضحا أن أمر المنع أُلغي بعد تقديم استئناف للمحكمة المركزية، بقرار من رئيسة المحكمة القاضية لورخ، رغم معارضة شديدة من السلطات، أي ماحش والشاباك.
من جانبه، هاجم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بشدة الجهات الأمنية، وقال: "بعد أن أصدروا أوامر بجمع مواد ضدي من أجل تصفيتي سياسياً، وبعد أن تجسسوا على المفتش العام للشرطة ومفوض مصلحة السجون، وبعد أن لفّقوا ملفات لضباط شرطة ممتازين لمجرد أنهم طبقوا القانون وسياستي، وبعد أن لفّقوا ملفات لرئيس الحكومة ومقربيه، وبعد أن كذبوا على المحكمة، فماذا يعني بالنسبة لهؤلاء المجرمين التنصت على صحفيين؟".
وأضاف: "كم حذّرت منهم منذ البداية. رونين بار، غالي بهاراف ميارا وكيرن بار مناحم، ثلاثة من رجال الدولة العميقة الذين تجاوزوا كل الحدود".
وقبل رفع أمر حظر النشر، خرقت النائبة تالي غوتليب (الليكود) مساء أمس أمر الحظر ونشرت بعض التفاصيل من القضية، مدعية أن ما يجري هو "تصفية حسابات" من قبل رئيس الشاباك رونين بار، ووصفت الأمر بأنه ملاحقة سياسية. وقالت إنها تتصرف بموجب حصانتها البرلمانية، وباسم "الواجب في كشف الحقيقة، شريطة ألا يُمس أمن الدولة".