الحدث الإسرائيلي
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد، إيال زامير، عبّر في النقاشات الأخيرة مع المستوى السياسي لدى الاحتلال عن النقص في القوى البشرية القتالية في الجيش، وحذر من أن ليس كل تطلعات السياسيين في الحكومة يمكن تحقيقها، وذلك لأن المجلس الوزاري المصغر "الكابينت"، حتى في العودة الحالية للحرب، يعتمد فقط على المسار العسكري، وليس على مسار سياسي مكمّل.
وأشارت الصحيفة إلى أن "زامير يرفض تكرار ما حدث في الجولة السابقة، حيث تآكلت إنجازات الجيش بسبب رفض الحكومة دفع مسار سياسي يشمل استبدال حكم حماس، التي لا تزال تسيطر على القطاع بعد مرور سنة ونصف على اندلاع الحرب".
وأوضحت الصحيفة أن جيش الاحتلال يعمل ضمن خطة حددها المستوى السياسي، والتي تتضمن السيطرة على أجزاء صغيرة من قطاع غزة، بشكل أساسي لتوسيع منطقة العزل القريبة من الحدود، مع هدف متواضع مقارنة بأهداف الحرب، والتي تبين مدى بُعدها عن التحقق: الضغط على حماس للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح عدد أكبر من الأسرى في المرحلة القادمة، أو التوصل إلى صفقة أفضل. وقد تستمر هذه الحالة لأشهر طويلة.
وأضافت الصحيفة أن رئيس الأركان زامير يواصل اعتماد سياسة الغموض نفسها، التي تمنع تجنيد "الدعم الشعبي الإسرائيلي" للعملية العسكرية، فالصحفيون لا يُرافقون القوات في غزة لتغطية نشاطهم، الإيجازات اليومية للجمهور حول ما يجري في القطاع نادرة، والحيز الإعلامي في إسرائيل والعالم تسيطر عليه فضائح محرجة مثل حادثة قتل المسعفين الفلسطينيين ومقاطع الفيديو التي توثق وقوع مجازر بحق أطفال ونساء في غارات جوية.
وبحسب مصادر أمنية متعددة صرحت للصحيفة، ورغم الانطباع العام، فإن زامير يطمح فعلًا إلى حسم عسكري ضد حماس عبر عملية برية كبيرة، باستخدام أساليب مختلفة قليلًا عن تلك التي استُخدمت قبل وقف إطلاق النار، مثل التطويق ونقاط تفتيش للسكان، بالتدرج، لكن احتلالًا كاملًا ومتجددًا لقطاع غزة سيستغرق، حسب تقديرات الجيش، عدة أشهر وربما سنوات، وسيتطلب إعادة تجنيد عشرات الآلاف من الجنود من بينهم احتياط.
وقالت المصادر للصحيفة إن "زامير لا يزيف البيانات للمستوى السياسي، بل يطالبهم بالتخلي عن بعض أوهامهم". وأشارت إلى أن نسبة الاستجابة الحالية لخدمة الاحتياط في الوحدات القتالية تتراوح بين 60% إلى 70% في أحسن الأحوال، وهذه النسب تُنقل كاملة لرئيس وزراء الاحتلال نتنياهو وللوزراء، إضافة إلى القلق من أن تظل هذه النسب منخفضة حتى في حال نشوب هجوم واسع. كما تُعرض للحكومة معلومات حول نسبة جاهزية الدبابات والمدرعات، ومخزون الأسلحة في حال تنفيذ هجوم على إيران، وإمكانية إشعال الجبهة الشمالية من جديد.
وفي غضون ذلك، خلافًا للتوقعات الأولية لدى جيش الاحتلال، حماس لا تنفذ هجمات، كمائن، ولا حتى قصف بقذائف هاون ضد قوات الجيش المحدودة المنتشرة أكثر في المنطقة بين خانيونس ورفح، وتواصل الحركة سياستها الاستراتيجية منذ بداية العملية البرية: الحفاظ على قدراتها رغم الضربات.
وبحسب الاستخبارات الإسرائيلية، لا يزال نحو 20 ألفًا من عناصرها العسكريين على قيد الحياة، من بينهم قادة، وبعضهم رفيعو المستوى، ومؤخرًا، تمكنت حماس من الحصول على شحنات معدات عسكرية من خارج القطاع، ويقدّر جيش الاحتلال أن هذه الشحنات وصلت عبر طائرات مسيّرة نجحت في التسلل لداخل غزة.
وختمت الصحيفة "هنا تظهر قضية حساسة داخل الجيش تُناقش أساسًا في الغرف المغلقة: متى سيتم تشكيل لجنة تحقيق، أو على الأقل لجنة داخلية لفحص سلوك القوات والضباط الكبار خلال المناورة التي انتهت العام الماضي؟. في خطابه الأول قبل نحو شهر ونصف، وأمام نتنياهو وسلفه هرتسي هاليفي، قال زمير بنفسه عن غير قصد إن حماس لم تُهزم أصلًا، وإذا لم يكن هذا اعترافًا بفشل عملية عسكرية حظيت بشيك مفتوح من الجمهور الإسرائيلي، وبدعم دولي من باريس إلى واشنطن، وتوافق داخلي شبه كامل لم يعد موجودًا: فماذا يمكن أن يُعد فشلًا؟".