الحدث الفلسطيني
بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها العدو الإسرائيلي ضد شعبنا في قطاع غزة المحتلّ والمحاصَر، ولو بوتيرة أبطأ، تواصل قوات الاحتلال توسيع عدوانها البرّي والجوي الوحشي على شعبنا في الضفة الغربية المحتلّة، في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض عبر مزيدٍ من القتل والتهجير القسري في محاولة يائسة لوأد حق عودة لاجئينا إلى الديار.
أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل على الضفة عن استشهاد أكثر من سبعين فلسطينياً/ة منذ بداية العام الجاري، في الوقت الذي تجاوزت فيه حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية المستمرّة ضد شعبنا في قطاع غزة أكثر من 48 ألف شهيد بحسب المصادر الرسمية.
من مخيم جباليا إلى مخيم جنين ونور شمس والفارعة وبلاطة، نرى اليوم أبناء وبنات شعبنا الذين هُجّروا قسرياً من أراضيهم المحتلّة عام 1948 يواجهون عدوانًا يذكرنا بالنكبة المستمرة.
ففي الضفة الغربية، عمل العدو الإسرائيلي على تهجير أكثر من 40,000 فلسطينيٍ/ة قسراً من منازلهم في المخيمات بحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وبحسب مصادر صحفية، هُجّر حوالي 90% من أهالي مخيم جنين (البالغ عددهم 16,000) وحوالي 80% من أهالي مخيم طولكرم (البالغ عددهم 14,000) و50% من أهالي مخيم نور شمس (البالغ عددهم 13,000) و50% من أهالي مخيم الفارعة (البالغ عددهم 8,000)، وهذه إحصائيات تقريبية حتى تاريخه.
يأتي هذا العدوان المفتوح ضمن سلسلة من الاعتداءات والممارسات الفاشية الاستعمارية في الضفة الغربية المحتلّة، بما فيها القدس المحتلّة، التي يواجهها شعبنا في كافة أماكن تواجده، بدءًاً من استمرار التطهير العرقي الممنهج والتوسع الاستيطاني، إلى الإعدامات الميدانية وهجمات ميليشيات المستوطنين، وصولًا إلى الانتهاكات الوحشية ضدّ الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال البالغ عددهم 10,000 أسير بحسب الأرقام المعلن عنها، بينما وصل عدد الأسرى الشهداء إلى 58 شهيدًا، ممّن تمّ الإعلان عنهم، ليشكّل هذا العدد الأعلى منذ عام 1967.
إن استهداف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالذات، سواء في غزة أو في الضفة، وحظر عمل وكالة الغوث هما فرعان لسياسة إسرائيلية ثابتة تهدف إلى تقويض حق العودة إلى الديار، وهو حق أصيل ومستند إلى القانون الدولي وعليه إجماع وطني فلسطيني، بالذات كون اللاجئين (بمن فيهم المهجّرون داخليًا) يشكلون أكثر من ثلثي مجموع الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات. إذ تقوم دولة الاحتلال بتعميق سياسة التهجير القسري التي تهدف إلى تفريغ الضفة الغربية من سكانها الأصليين عبر استعمار الأرض والقتل والاعتقالات الجماعية وهدم المنازل وتجريف الأراضي وحرمان الفلسطينيين من حقّهم في العيش على أرضهم. وفي ظلّ استمرار الدعم الغربي غير المشروط للاحتلال، وتواطؤ الحكومات المتخاذلة، بما فيها بعض الأنظمة الاستبدادية العربية.
بات واضحا لشعبنا، ولشعوب المنطقة أيضاً، بأن حكومات وشركات (في مجال الأسلحة والتكنولوجيا والطاقة والمال بالذات) الغرب الاستعماري، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، هي الشريك الرئيسي في جرائم العدوّ الإسرائيلي بحق شعبنا. كما أصبح جلياً بما لا يدع مجالاً للشك بأن تواطؤ المستوى الرسمي العربي وما يسمى بـ"التنسيق الأمني" الفلسطيني-الإسرائيلي، المرفوض كلياً من الإجماع الوطني الفلسطيني والذي عبّرت عنه قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، هما أيضاً من العوامل الأهم التي سمحت بتمادي العدو الإسرائيلي في جرائمه ضد شعبنا والشعب اللبناني الشقيق وشعوب المنطقة. إن أنظمة الاستبداد والتطبيع والخيانة العربية شريكةً فعليةً في الحرب على شعبنا من خلال تحالفاتها العسكرية-الأمنية مع العدوّ الإسرائيلي وخيانتها لقضية فلسطين، القضية المركزية لأمتنا.
تدعو اللجنة الوطنية أبناء وبنات شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجدهم/ن إلى إسناد أهلنا في المخيمات المستهدفة بكافة الوسائل السلمية الممكنة، والانخراط في كل الفعاليات الميدانيّة وحملات المساعدات المختلفة، كما تشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في مناهضة التطبيع بأشكاله ومقاطعة إسرائيل على كل المستويات وفي كل الميادين.
كما ندعو أشقاءنا في المنطقة العربية إلى توجيه غضبهم تجاه الإجرام الإسرائيلي بحق شعبنا نحو تصعيد حملات مناهضة التطبيع والمقاطعة للشركات المتواطئة في الجرائم الإسرائيلية وكذلك حملات المقاطعة في كافة الميادين النقابية والعمّالية والتربوية والأكاديمية والثقافية والرياضية وغيرها، والضغط على الحكومات ومراكز القرار من أجل إغلاق سفارات العدو وإنهاء جميع الاتفاقيات التطبيعية والتحالفات العسكرية-الأمنية التي أبرمتها بعض الأنظمة العربية الديكتاتورية مع إسرائيل، وعلى رأسها التجارة العسكرية معها.
من مخيم جنين إلى مخيم جباليا إلى مخيمات الشتات، لن يحيد شعبنا وقواه الحية عن الإصرار على كافة حقوقنا الوطنية غير القابلة للتصرّف، وأهمها حق تقرير المصير وعودة اللاجئين إلى الديار والتحرر من نير الاستعمار-الاستيطاني الصهيوني لأرضنا.
الرحمة للشهداء، والشفاء العاجل للجرحى، والحرية القريبة لأسرى الحرية.