آخر الأخبار

جبهة الإسناد اليمنية.. اعتراف إسرائيلي بصعوبة ردعها

شارك الخبر

الحدث الإسرائيلي

بعد أن استيقظ مئات الآلاف من الإسرائيليين، ليلة 25 ديسمبر، على صافرات الإنذار إثر إطلاق صاروخ باليستي من قبل "أنصار الله" من اليمن، وهو الصاروخ الرابع خلال أسبوع، يعتقد الإسرائيليون أن الوقت قد حان لشن هجوم كبير على اليمن، يشمل اغتيال قادة جماعة "أنصار الله"، التي تُعتبر إحدى الجماعات القريبة من إيران في المنطقة. وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن احتمال وقوع هجوم كبير على الأراضي اليمنية يُناقش في المحادثات مع الأميركيين، وهناك تنسيق وثيق بين الطرفين لاستمرار الضربات. كما يوجد تفاهم بين الإسرائيليين والأميركيين على ضرورة تكثيف الهجمات، وأن اليمنيين لا يردعهم شيء.

وتعترف إسرائيل بأن الحوثيين "جهة يصعب التغلب عليها"، لأنه من الواضح أنهم في وضع عسكري وأمني وسياسي جيد. وعلى عكس العناصر الأخرى في محور المقاومة، الذين تلقوا ضربات قوية، يشعر الحوثيون بأنهم "على القمة"، وهم اليوم محل تعاطف واهتمام في الجمهور العربي. الفهم السائد في إسرائيل هو أن هجومًا آخر لن يحل المشكلة، وبالتالي هناك حاجة إلى تغيير جذري وعميق. وفي الأوساط السياسية الإسرائيلية، تشير التقديرات إلى أن هذا التغيير لا يمكن أن يحدث إلا بعد تولي إدارة ترامب مهامها في 20 يناير/كانون الثاني، على أمل أن يُطلق الرئيس القديم-الجديد النار بقوة على الحوثيين.

وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "سيدفع الحوثيون ثمناً باهظاً، وسيكون هناك تصعيد في الهجمات الإسرائيلية. لكن هذا لا شيء مقارنة بما سيحدث لهم بعد تولي إدارة ترامب السلطة. فالأمريكيون يستعدون لفرض حظر وعقوبات شديدة عليهم". وفي الوقت نفسه، واصل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو نشر رسائل التهديد تجاه الشرق. وقال نتنياهو في 25 ديسمبر: "نحن نوجه الضربات للظالمين وأولئك الذين ظنوا أنهم سيقطعون خيط حياتنا هنا، لذلك سينطبق ذلك على الجميع. وسيتعلم الحوثيون أيضًا كما جرى مع حماس وحزب الله ونظام الأسد، وحتى لو استغرق الأمر وقتًا، فإن هذا الدرس سوف يتعلمه الشرق الأوسط بأكمله".

كما تناول وزير جيش الاحتلال السابق يوآف غالانت هذه القضية، وقال غالانت، الذي أُقيل من منصبه الشهر الماضي، عند إضاءة الشمعة الأولى للحانوكا في المدرسة التي تعرضت لأضرار بالغة الأسبوع الماضي جراء صاروخ أطلقه "أنصار الله"، إن هناك فرصة حقيقية الآن للعمل ضد الحوثيين وتركيز جهود إسرائيل هناك، في ظل تزايد عمليات إطلاق الصواريخ من هذه الساحة. ويجب أن يكون قادة "أنصار الله" على رأس أولويات الهجوم. وبحسب غالانت، يجب أن يكون هناك دفع لعمل مشترك إسرائيلي-أميركي ضد الحوثيين، والذي سيكون تمهيدًا للعمل ضد إيران "في وقت قريب". وألمح إلى ضرورة وضع قادة الحوثيين في مرمى النيران: "في هذا الوقت، لا تزال هناك ظروف جديدة. من الممكن والضروري تركيز المزيد من الجهود ضدهم. من الممكن استهداف قيادتهم. نحن بحاجة إلى الانضمام إلى الجهد الأمريكي، لأن العمل المشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة له تأثير عملي وسيكون بمثابة تحضير للعمليات المستقبلية غير البعيدة التي يتعين علينا القيام بها ضد إيران".

خلافات إسرائيلية حول طريقة "ردع" اليمنيين

في ظل تزايد عمليات إطلاق الصواريخ من اليمن، تقدر إسرائيل أن الحوثيين يتمتعون بالقدرة على مواصلة إطلاق الصواريخ كل ليلة، مما قد يؤدي إلى حملة استنزاف طويلة الأمد. وفي العام الماضي فقط، قررت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إنشاء أنظمة استخباراتية يمكنها جمع المعلومات الاستخباراتية في اليمن، ولم يتم تطوير مثل هذه القدرات حتى العام الماضي، وكان الطموح هو إنشاء بنك كبير من الأهداف للهجمات في اليمن، بحسب ما كشفت القناة 12 العبرية نقلاً عن مصادرها الأمنية، التي أشارت إلى أن قادة "أنصار الله" يتحركون بحذر ويتصرفون كـ"مطاردين". وقد طرح رئيس الموساد ديفيد بارنيع فكرة أن يتم مهاجمة إيران لردع الجماعة التي لا يبدو أن الهجمات ضدها تُردع. لكن هناك رأي آخر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يرى أنه يجب الفصل بين القضايا وأنه ينبغي اتخاذ قرار منفصل فيما يتعلق بإيران، وفي هذه الأثناء يجب التركيز على مهاجمة "أنصار الله" وإضعافهم. ويرى أنصار هذا الموقف أن نفوذ إيران على الجماعة أقل، ولا يمكن مقارنته بنفوذها على حزب الله. ويقولون: "يجب التعامل مع إيران بغض النظر عن اليمن، ويجب التعامل مع اليمن بغض النظر عن إيران".

وفق تقارير إسرائيلية، يعتقد كثيرون في المؤسسة الأمنية أن المواجهة المستمرة مع إيران، والتي ستتضمن سلسلة طويلة من الضربات، لن تخدم إسرائيل في الوقت الحالي. ويبدو أن رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو يفضل حاليًا هذا الموقف. بالإضافة إلى ذلك، ربما لن يرغب نتنياهو أيضًا في تصعيد الموقف أكثر على الأرض قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض في غضون ثلاثة أسابيع. بينما في هرم النظام الأمني الإسرائيلي، هناك خلافات حول هذا السؤال بالتحديد. ويمثل رئيس الموساد ديفيد بارنيع موقفًا يفترض أن طريق ردع "أنصار الله" في اليمن يمر عبر طهران. ووفقًا له، فإن أي هجوم كبير من جانب إسرائيل على إيران، إلى جانب هجوم على الجماعة اليمنية، سيؤدي إلى استخدام الإيرانيين لثقلهم لكبح جماح الضربات اليمنية.

إسرائيل تأخرت في التعامل مع اليمن

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في جيش الاحتلال ومدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، تامير هايمان، يعتقد أن الهجوم الذي نفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي على اليمن هو رد مناسب وهو خطوة إضافية في تعامل "إسرائيل" مع صواريخ ومسيرات "أنصار الله"، لكنه ليس كافيًا لتغيير الواقع. وأشار هايمان إلى أن "الحقيقة هي أنه منذ اللحظة التي أعلن فيها أنصار الله حصارًا بحريًا ضد إسرائيل، فقد أعلنوا الحرب فعليًا. وكان من المناسب الرد على ذلك في أسرع وقت ممكن، ومن خلال قدرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، مع التركيز على القوات البحرية، بسبب العبء الثقيل على الجهاز الأمني، والرغبة في إعطاء فرصة للتحالف الدولي".

وقال إن "إسرائيل" قررت التحرك ضد "أنصار الله" بعد مقتل مستوطن في قصف نفذوه، لكن ذلك جاء بعد 10 شهور من الحصار الذي قاده "أنصار الله" في البحر. ومنذ ذلك الحين، هاجمت "إسرائيل" مرتين أخريتين، وفي جميع الأحوال كان الأمر يتعلق بتدمير منشآت الطاقة والبنى التحتية التجارية، وهذا لن يغير شيئًا في سلوك "أنصار الله". وأوضح قائلاً: "في المقابل، يقتصر رد التحالف الدولي الواسع على القدرات العسكرية لأنصار الله، وحتى وقت قريب كان ذلك فقط لغرض إزالة التهديدات وحماية الممرات الملاحية".

وبحسبه، غاب أمران مهمان عن الطريقة التي يجب أن تدار بها الحملة ضد "أنصار الله": مهاجمة إيران بصفتها الموجه والممول والروح الحية وراء سهام "أنصار الله"، وهذه مهمة "إسرائيل" والتحالف الدولي. والأمر الثاني هو القيام بحملة واسعة ومستمرة ينتج عنها تدمير المقدرات العسكرية لـ"أنصار الله".

وشدد هايمان على أنه يجب أن تكون هناك حملة مستمرة وليس عملية واحدة، وللقيام بهذه الحملة، هناك حاجة إلى قدرات استخباراتية وهجومية أخرى. إضافة إلى ذلك، وبعيدًا عن القدرات التكتيكية، فـ"إسرائيل" مطالبة بحملة عسكرية تعمل ضد "أنصار الله" كمنظومة عسكرية، وهذا يعني أن هناك حاجة إلى أسئلة عملياتية ستمكن من إحداث تغيير جوهري في دوافعهم وقدراتهم، على حد قوله. بحسب مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: "على المستوى الاستراتيجي، من الواضح أن صفقة الأسرى وإنهاء الحرب في غزة سينهيان الحرب ضد أنصار الله، لكن هذا لا يكفي، فمن المناسب إظهار نوع مختلف من القوة أمامهم، بما في ذلك القوة الموجودة على الأرض من قبل القوة البحرية، حتى يعرفوا أن حصار إسرائيل له ثمن".

الضربات اليمنية تكشف هشاشة أنظمة "إسرائيل" الدفاعية

معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي اعتبر أن تأثير الهجوم بالصاروخ الباليستي من اليمن على مبنى في "رامات إيفعال" قرب "تل أبيب"، وأيضًا في يافا مساء يوم الجمعة 20 ديسمبر، يبرز الحاجة الملحة للتفكير خارج الصندوق بهدف تحسين طبقات الدفاع الأمني لدى الاحتلال ضد التهديدات الباليستية. وأشار المعهد إلى أن التحقيق في الأضرار الناتجة عن الهجوم في "رامات إيفعال" يظهر أن الحادث لم يكن مجرد ضرر عرضي، بل كان على الأرجح نتيجة إصابة مباشرة من الرأس الحربي أو جزء من جسم الصاروخ داخل المبنى، وهو ما انتهى بمعجزة دون وقوع عدد كبير من القتلى. وكشف المعهد أن الصاروخ الذي سقط في "يافا" تمكن من إصابة هدفه مباشرة بعد فشل اعتراضه من قبل الدفاعات الجوية. وخلال الحرب، وقعت حوادث مشابهة، مثل الهجوم المباشر لصاروخ تم إطلاقه من لبنان على مبنى في "رمات غان"، أو سقوط أجزاء من صاروخ باليستي أُطلق من اليمن في منطقة "موديعين" في 15 سبتمبر الماضي. ومن المهم الإشارة وفق المعهد إلى أن سقوط أجزاء من الصاروخ أو جسمه يحمل إمكانات تدميرية كبيرة نتيجة لوزنه الكبير وسرعة اصطدامه أثناء دخوله الغلاف الجوي، والتي قد تصل إلى نطاق سرعة "الهايبرسونيك".

وبيّن المعهد الأمني الإسرائيلي أنه "من حيث المبدأ، يتكون الصاروخ الباليستي من محرك وجسم صاروخي يحتوي على الوقود والإلكترونيات، وأنظمة التحكم والحواسيب، وأنظمة الملاحة والاستشعار، بالإضافة إلى الرأس الحربي. يعمل المحرك على تسريع الصاروخ بسرعات عالية ويطلق حرارة شديدة، ولهبًا كثيفًا وسحبًا من الدخان، وعند انتهاء احتراق الوقود، ينفصل المحرك عن جسم الصاروخ الذي يواصل تسارعه في مسار باليستي خارج الغلاف الجوي".

وتابع المعهد: "عند وصول الصاروخ إلى أعلى ارتفاع له، يبدأ جسم الصاروخ في الانزلاق بسرعة نحو الهدف. وفي بعض الحالات، يتم تفعيل وسائل تمويه لمواجهة اعتراض محتمل. في هذه المرحلة، قد يطلق الصاروخ الرأس الحربي، الذي يمتلك عادةً قدرات مناورة معينة، مما يجعل اعتراضه بشكل 'نظيف' (دون أي ضرر مباشر أو غير مباشر من الحطام أو الصاروخ الاعتراضي) أمرًا معقدًا للغاية". ولفت إلى أنه لتجنب الأضرار العرضية أو الأضرار الناتجة عن فشل اعتراض الصاروخ، يجب اعتراضه قبل أن يصل إلى هدفه. وفي حالة الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها نحو الأراضي المحتلة من إيران أو اليمن، يجب أن يتم الاعتراض خارج الغلاف الجوي، بحيث يسقط الحطام الصاروخي، أو الرأس الحربي، أو حطام الصاروخ الاعتراضي في أراضي دول أخرى.

وبحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: "يتطلب هذا استخدام أنظمة كشف وتحديد حساسة لحرارة اللهب وسحب الدخان عند إطلاق الصاروخ، بالإضافة إلى أنظمة تتبع لمساره، بالتوازي مع أنظمة تحكم ومراقبة قادرة على معالجة البيانات بسرعة، وبالطبع صاروخ اعتراضي سريع. لتفادي المفاجآت، يجب أن تكون المراقبة مستمرة، ومن الأفضل أن تتم عبر الفضاء باستخدام شبكة اتصالات سريعة وأنظمة أقمار صناعية مزودة بحساسات حساسة، كما كان الحال مع أنظمة الإنذار الأمريكية أثناء حرب الخليج الأولى في عام 1991".

وختم المعهد بالإشارة إلى أن تحليل وفهم ما حدث بعد سقوط الصواريخ اليمنية يوم الجمعة الماضية يعد أمرًا بالغ الأهمية للجهاز الأمني لدى الاحتلال من أجل تحسين وتحديث شبكة الدفاع ضد التهديدات المتمثلة في الصواريخ الباليستية المتقدمة.

الحدث المصدر: الحدث
شارك الخبر


إقرأ أيضا