إنها تلك النار الموقدة التي حملت اسم "خطة الجنرالات"، ويتلظى بسعيرها منذ ستة أيامٍ سكانُ مخيم جباليا، ومعهم نحو 400 ألف مواطن في الشمال، تستهدفهم تلك الخطة الجهنمية بالتقتيل والتجويع والتعطيش، لحملهم على الرحيل من المنطقة، لمحاصرتها وقتل كل من يتحرك فيها، بادعاء تطهيرها من عناصر المقاومة.
يحاول من يصف نفسه بـ"آخر ملوك إسرائيل"، وقائد جيل "الصابرا" المولود في فلسطين، ترميم ما تهشّمَ من قوة ردعه بقتل الأطفال، وسفك المزيد من الدماء، على نحوٍ يُعيد إنتاج بواكير المقتلة بانفعالاتها، وسردياتها المصطنعة، لتبرير ارتكابها بنوازع الثأر والانتقام التي تلبّست الجُناة.
الخطة مستمدةٌ من عقيدةٍ مستولدةٍ من نصوصٍ توراتية، تقوم على التجويع والتعطيش والتقتيل كطريقةٍ فعالةٍ للتهجير، ومَن لم يغادر المكان يصبح هدفاً مشروعاً للانتقام.
في التفاصيل الدامية التي تتناقلها وسائل الإعلام، فإن عمليات القصف العشوائي تطاول المنازل المأهولة، والمدارس، ومراكز الإيواء المكتظة بالنازحين، فقضى منهم العشرات بين شهيدٍ وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، تناثرت أشلاؤهم، وبُترت أطرافهم، وقُطعت رؤوسهم من فداحة الصواريخ التي أُلقيت على أجسادهم في مدارس "الأونروا"، التي باتت هدفاً من أهداف الحرب، كما قال مفوضها العام لازاريني في مداخلته في الأمم المتحدة أول من أمس.
بالأمس اشتكت الهيئة الدولية من استهداف قواتها في جنوب لبنان بقصفٍ إسرائيليٍّ تسبّبَ في إصابة اثنين من عناصر "اليونيفيل".
ما كان لنتنياهو أن يتجرأ على قصف "اليونيفيل" لو وجد مَن يحاسبه على قصفه مقار "الأونروا" في غزة، وقتل موظفيها، واعتبار الأمين العام لأعلى هيئةٍ دوليةٍ شخصيةً غير مرغوبٍ فيها.
مَن يَهُن يسهل عليه الهوان، ويفتح شهية المعتدي على المزيد من البطش والعدوان.
أنقذوا سكان جباليا من المحرقة الـمُستعرة، حيث تُطلَق النار على الأفراد والعائلات خلال محاولتهم الفرار من الجحيم، ولا أحد يمكنه الوصول إليهم لانتشال جثثهم المتناثرة في الشوارع، ولا لإجلاء المصابين والعالقين في منازلهم!
أوقفوا حرب الإبادة الآن...!