تكبد قطاع المياه والصرف الصحي خسائر وأضرار جسيمة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ عام، حيث أصبحت أنطمة المياه والصرف الصحي إما متوقفة عن العمل أو تعمل بشكل جزئي، ويرجع ذلك إلى تدمير معظم المرافق الحيوية والبنية التحتية بدرجات متفاوتة نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المباشر وغير المباشر.
وشكّلت عملية قطع الكهرباء إحدى الصعوبات في قطاع المياه، إضافة إلى النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المولدات الاحتياطية لمرافق المياه، وإيقاف توريد قطع الصيانة اللازمة والمواد الضرورية، والصعوبة الناجمة عن تراكم الأنقاض والدمار الكبير في البنية التحتية، وتعقيد عملية الحصول على التنسيقات اللازمة لسلامة الطواقم والمعدات في مواقع العمل.
وقال القائم بأعمال رئيس سلطة المياه زياد الفقهاء، إن "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة طال البنية التحتية، وأكثر من 85% من مرافق وأصول المياه والصرف الصحي قد خرجت عن الخدمة بشكل كامل أو جزئي وتحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة، بما في ذلك محطات معالجة الصرف الصحي، ومحطات تحلية المياه، ومحطات الضخ، والآبار، وخزانات المياه، وخطوط النقل الرئيسية، وشبكات المياه والصرف الصحي، وغير ذلك، علما أن معظم المرافق التي يتم استعادة تشغيلها بعد تنفيذ أعمال صيانة طارئة لها لا تعمل بالكفاءة المطلوبة نتيجة للأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنظومة ككل".
وأضاف أن العدوان طال المصادر المائية الثلاثة في قطاع غزة، وتشير التقديرات الأولية أنه وجراء العدوان الحالي انخفض إنتاج هذه المصادر إلى ما يقارب 30-35% مما كان عليه قبل العدوان.
وتابع أن مصادر المياه تشمل؛ المياه الجوفية، من خلال 300 بئر موزعة في جميع أنحاء القطاع، بإجمالي تزويد لجميع الأغراض 262000 متر مكعب في اليوم لجميع الأغراض، تكبدت غالبيتها أضرارا بالغة، وجراء التدخلات التي تمت تصل حاليا كمية المياه المنتجة منها ما يقارب 93,000 متر مكعب في اليوم، إضافة محطات التحلية: وتشمل محطة شمال غزة (بطافة انتاجية 10000 م3/يوم)، ومحطة الوسطى (بطاقة انتاجية 5500 م3/يوم)، ومحطة الجنوب (بطافة انتاجية 20000 م3/يوم)، حاليا محطة الشمال متوقفة تماما عن العمل، فيما تعمل محطتي الوسط والجنوب بطاقة انتاجية حاليا 5000 متر مكعب في اليوم.
وأكد الفقهاء، استهداف وصلات "ميكروت" خلال العدوان وتشمل؛ وصلة الشمال (المنطار)، ووصلة الوسط (بني سعيد)، ووصلة بني سهيلة في الجنوب، وكانت كمية المياه المزودة من هذه الوصلات ما قبل العدوان (52,000م3/يوم)، وحاليا تعمل بشكل جزئي وتنتج ما مجمله (37,500 م3/يوم)، حيث توقفت بشكل تام مع بداية العدوان.
وتناول تداعيات العدوان على أنظمة الصرف الصحي، والتي تشمل نظام الصرف الصحي القائم من مرافق وبنى تحتية متكاملة (من مرحلة التجميع والضخ وحتى النقل والمعالجة)، حيث يغطي النظام حوالي 73% من سكان القطاع، ببنية تحتية تشمل شبكة مختلفة الأقطار تقدّر طولياً بحوالي 2,250كم، و79 محطة ضخ، و29 حوض تجميع مياه أمطار مرتبطة بـ8 محطات ضخ لمياه الأمطار، إضافة إلى خمس محطات معالجة بقدرة تصميمية تصل إلى 154,600م3 يوميا.
وجراء العدوان توقفت جميع خدمات الصرف الصحي، ما أدى إلى تصريف المياه العادمة إلى البحر وتسرّب جزء آخر إلى المناطق المأهولة بالسكان، بالإضافة لامتلاء معظم برك تجميع الأمطار بالمياه العادمة، ما كان له انعكاسات خطيرة على الصحة والبيئة.
التدخلات للتخفيف من الكارثة المائية
وأوضح الفقهاء أن سلطة المياه نفذت عدة تدخلات في سبيل تخفيف الكارثة المائية؛ من خلال الاستمرار في أعمال صيانة وإصلاح وصلات "ميكروت" الثلاث والخطوط الرئيسية التابعة لها، حيث تعرضت للاستهداف والدمار أكثر من مرة ما تسبب بتوقفها بشكل تام مع بداية العدوان.
وأشار إلى أنه تم استئناف عملية الضخ لهذه الوصلات الثلاث بعد إصلاح الخطوط الرئيسية والفرعية المتضررة، وإعادة هيكلتها بغرض توسعة نطاق التوزيع لتغطي المناطق الغربية من خان يونس ومناطق الوسط لمدينة دير البلح ومدينة غزة والتي أصبحت ذات كثافة سكانية عالية، وحاليا يمثل مصدر مياه "ميكروت" حوالي 30% من إجمالي إمدادات المياه في قطاع غزة، بعد أن تم إعادة تفعيل عملية الضخ.
وبين أنه جرى العمل على دعم تشغيل وصيانة مستمرة لمحطتي تحلية الوسط والجنوب، بما يشمل توفير الوقود وشراء قطع الغيار ومولدات وألواح شمسية بالتعاون مع مصلحة مياه بلديات الساحل، حيث بلغت اليوم انتاجية المحطتين ما يقارب 5000 متر مكعب في اليوم، أي أقل بـ30% من الكميات المنتجة قبل العدوان.
وأشار الفقهاء إلى مواصلة سلطة المياه في شمال قطاع غزة، في نقل وتوزيع الوقود لمرافق المياه والصرف الصحي لتشغيل حوالي 65 بئراً، و4 محطات ضخ حرجة للمطر والصرف الصحي، ما أدى إلى تحسين القدرة الإنتاجية الإجمالية للمياه في غزة وشمال غزة إلى حوالي 50,000 متر مكعب/يوم، (20,000 م3/يوم من وصلة "ميكروت" غزة، 30,000 م3/يوم من مياه الآبار)
وأكد على عمل التنسيقات اللازمة لنقل وتوزيع الوقود لمرافق المياه في جنوب ووسط قطاع غزة، ما أسهم في تشغيل 90 بئرا، وتوفير حوالي 63,000 متر مكعب يوميا من المياه لسكان محافظات الجنوب والوسط، وذلك بالتعاون مع مصلحة مياه بلديات الساحل، علما أن القدرة الانتاجية للآبار على مستوى قطاع غزة ارتفعت إلى 93,000 م3/يوم بعد أن كانت لا تتجاوز 14,000م3/يوم في بداية العدوان بعد تنظيم عملية إدخال الوقود وتوزيعه على جميع الآبار.
وقال الفقهاء إن سلطة المياه عملت على إعادة تأهيل وتفعيل مجموعة من الآبار المركزية والمهمة التي كانت قد تضررت بشكل جزئي أو كلي، حيث تم استصلاح وإعادة تشغيل أكثر من 10 آبار في غزة وشمال غزة و25 بئرا في مناطق الوسط والجنوب، بالإضافة لـ15 محطة تحلية محدودة الكمية، وذلك بالتعاون مع مزودي الخدمة ومجموعة عمل المياه والصرف الصحي والنظافة (WASH Cluster).
وأضاف أنه بالتنسيق مع الشركاء، جاري العمل على مراقبة جودة مصادر المياه (الآبار، ومياه ميكروت) بالإضافة لشبكات المياه، حيث تم إنجاز الدورة الأولى لفحوصات الجودة في محافظتي غزة والشمال، ويجري العمل على مراقبة جودة مصادر المياه في محافظات الجنوب والوسط من خلال مصلحة مياه بلديات الساحل، ودعم وتشغيل معظم المرافق القائمة للمياه والصرف الصحي ما أمكن في كامل قطاع غزة، حيث تشمل 160 بئرا و12 خزان مياه و15 محطة تحلية للمياه الجوفية، بالإضافة إلى 16 محطة ضخ لمياه الأمطار والصرف الصحي، وذلك بالتعاون مع مزودي الخدمة.
وأوضح الفقهاء أن العمل والتنسيق جار مع الشركاء الدوليين لإنشاء نقاط تعبئة وتزود بمياه "ميكروت" في غزة ليتم نقلها إلى مراكز النزوح والإيواء، ومتابعة احتياجات وطلبات البلديات الواردة إلى سلطة المياه بشكل يومي، وتوفير ما أمكن منها وبما يشمل الوقود وقطع الغيار والمعدات والتنسيق لتنفيذ عمليات الصيانة وتشغيل المنشآت المائية التابعة لها.
وبين أن سلطة المياه نفذت عدد من التدخلات الإغاثية الأخرى ومنها: توفير المياه عبر التنكات والعمل على شراء مئات الخزانات من المياه بسعة 5 أمتار مكعبة، وشراء وحدات تحلية تعمل بالطاقة الشمسية، إلى جانب شراء مولدات تعمل بالديزل لضمان تشغيل محطات التحلية بشكل مستمر وتوفير أدوات النظافة الشخصية (Hygiene Kits) لحوالي 250 ألف مواطن.
التدخلات في قطاع الصرف الصحي
وتحدث الفقهاء عن التدخلات في قطاع الصرف الصحي؛ من خلال متابعة الأضرار في البنية التحتية للصرف الصحي نتيجة التعرض لقصف الاحتلال الإسرائيلي في جميع محافظات قطاع غزة، وتنسيق عمليات الصيانة اللازمة للبلديات ومصلحة بلديات مياه الساحل، إضافة إلى تنسيق إدخال المواد اللازمة مباشرة للتشغيل والصيانة من مواسير المياه والقطع والمواد.
وقال إنه جرى تخصيص حصة من الوقود لتشغيل عدد من محطات ضخ الصرف الصحي الرئيسية لتصريف تجمع المياه العادمة الراكدة في الأحياء السكنية ومعالجة الفيضانات؛ لمنع انتشار الأمراض الخطيرة خاصة بين الأطفال، منها مضخات بركة الشيخ رضوان، والبقارة، وعسقولة في مدينة غزة، ومضخة بركة أبو راشد في جباليا، ومضحة الأمل في خان يونس.
واشار الفقهاء إلى التحضير لموسم الأمطار بما يشمل عمل الصيانات والإصلاحات الطارئة اللازمة لخطوط الصرف الصحي وسيل مياه الأمطار، وتحديث خرائط المناطق الحرجة والأكثر عرضة للفيضانات في كامل قطاع غزة لأخذ الإجراءات الضرورية للحد من مخاطر الفيضانات، إضافة إلى تقييم الأضرار التي لحقت بمحطتي معالجة مياه الصرف الصحي في خان يونس والبريج، وعمل خطة لإعادة تأهيل المحطتين وجاري العمل على استكمال التقييم لباقي المحطات.
إعداد خطة عمل الطوارئ وخارطة طريق التعافي لقطاع المياه والصرف الصحي في غزة
وأكد الفقهاء أنه تم إعداد "خطة عمل الطوارئ وخارطة طريق التعافي لقطاع المياه والصرف الصحي في غزة"، بهدف توفير الدعم اللازم للمساعدات الإنسانية والتدخلات العاجلة في هذه المرحلة؛ وضمان تقديم الدعم في الوقت المناسب في مرحلة التعافي المبكرة لاستعادة الخدمات الأساسية بعد وقف العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة على شعبنا في القطاع؛ والبدء بتنفيذ عدد من التداخلات العاجلة؛ من خلال إعادة تخصيص ما مجمله 25.6 مليون يورو من منحة الاتحاد الأوروبي في نيسان/أبريل 2024، وإعادة تخصيص ما مجمله 9 ملايين يورو من البنك الدولي أيضا لتنفيذ عدد من التدخلات الأخرى ضمن الخطة، إضافة إلى تقديم مقترحات فنية من قبل سلطة المياه لمختلف المانحين بغرض الاستفادة من المنح الحالية في إجراء التدخلات الطارئة؛ منها تقديم مقترح للصندوق الكويتي بغرض الاستفادة من المنحة الحالية.