آخر الأخبار

سوق الغاز في فلسطين... الواقع والتحديات

شارك الخبر
مصدر الصورة

تهريب الغاز من "إسرائيل" ومنع المنافسة غير العادلة والتهرب الضريبي والتلاعب في الأوزان والأسعار يتطلب ضوابط أكثر صرامة للحد منها

الحدث – إبراهيم أبو كامش:

طالب باحثون ومسؤولون عن سوق الغاز في فلسطين، بتطبيق ضوابط أكثر صرامة للحد من تهريب الغاز من "إسرائيل" ومنع المنافسة غير العادلة والتهرب الضريبي، وتطبيق لوائح بيئية وسلامة عامة صارمة لتقليل المخاطر المرتبطة بتداول وتخزين غاز البترول المسال، وهذا يشمل الاستثمار في تقنيات السلامة العامة المتقدمة وإلزامية إضافة أجهزة في محطات التعبئة لفحص التسريب من إسطوانات الغاز قبل إعادتها للسوق، ووضع مبادئ توجيهية واضحة وآلية لحل الشكاوى للمستهلكين للإبلاغ عن الممارسات غير العادلة أو مشكلات الجودة، وإنشاء قنوات اتصال شفافة بين الحكومة والنقابة وأصحاب المحطات لتسهيل حل المشكلات واتخاذ القرار بسرعة وكفاءة، ودمج جميع محطات تعبئة الغاز في شركة أو شركات مساهمة عامة تعمل ضمن معايير موحدة داخل القطاع وتساهم في زيادة الإيرادات العامة من خلال حقوق الامتياز.

وأكد مشاركون في لقاء لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) حول "سوق الغاز في فلسطين: الواقع والتحديات"، على ضرورة أن تكون هناك حلول لهذا القطاع خاصة فيما يتعلق بالكود الخاص بالمواصفات، وضبط أمور السلامة، والملكية للأسطوانة، كما أكدوا على ضرورة تحليل السعر بحيث تتوفر معلومات كافية للمواطنين فيما يتعلق بالسعر، وكذلك ضرورة تضمين إجراءات ترخيص المباني العامة بالمخططات الهندسية.

تداعيات الحرب على استهلاك الغاز وتقدير الطلب المستقبلي

يقدر الباحث في معهد (ماس) حبيب حن، الطلب المستقبلي على غاز البترول المسال في الضفة الغربية باستخدام سيناريوهين، ولم يشمل التقدير قطاع غزة أو إجمالي الاستهلاك بسبب حرب الإبادة التي شنها الاحتلال على القطاع، والدمار الشامل للبنية التحتية وجميع مقومات الحياة.  

وبحسب السيناريو الأول، يفترض الباحث حن، ثبات حصة الفرد من غاز البترول المسال في الضفة الغربية كما في عام 2022، أي استمرار الوضع القائم، متوقعا أن يصل إجمالي استهلاك غاز البترول المسال في الضفة الغربية إلى 149 ألف طن في عام 2026، مقارنة بنحو 137 ألف طن في عام 2022. معتبرا هذه التقديرات كسيناريو الوضع الطبيعي قبل الحرب، وبالتالي يمكن استخدامه لتقدير أثر الحرب وتداعيتها الاقتصادية في الضفة الغربية على مستويات استهلاك الغاز، على حدّ قولة.

أما السيناريو الثاني، فيأخذ منظورا متشائما بسبب الحرب على غزة وتداعياتها الاقتصادية على الضفة الغربية، ويتوقع الباحث حن أن يصل إجمالي استهلاك غاز البترول المسال في الضفة الغربية إلى 122.5 ألف طن في عام 2026. لافتا إلى أنه تم تقدير الطلب المستقبلي في السيناريو الثاني على أساس انخفاض حصة الفرد من غاز البترول المسال إلى 35.3 كيلو للفرد، وهي أقل قيمة سجلها المؤشر في العشر سنوات الماضية.

ويستنتج الباحث بأن الاختلاف بين السيناريوهين يمثل أثر الحرب على استهلاك الغاز في الضفة الغربية، والذي يتوقع أن يشهد المزيد من الانخفاض في عام 2024. "ويحتاج استهلاك الغاز لفترة طويلة للتعافي والعودة لمستويات ما قبل الحرب في حال استمرار التداعيات الاقتصادية للحرب في الضفة الغربية على مدى السنوات القادمة".

التهريب يؤثر على مبيعات معظم محطات تعبئة الغاز

وأظهرت نتائج مسح محطات تعبئة الغاز الذي صمم استبيانه الباحث حن، بأن تهريب الغاز يؤثر على مبيعات معظم محطات تعبئة الغاز، حيث أفادت تسع محطات من أصل 23 محطة ممسوحة أن تهريب الغاز يؤثر بشكل كبير أو كبير جدا على مبيعاتهم، وسبع محطات أفادت أنه يؤثر بشكل متوسط. في المقابل، خمس محطات أفادت أن أثر تهريب الغاز على مبيعاتهم محدود أو محدود جداً، ومحطتان لا تتأثر مبيعاتهما بتهريب الغاز. 

وتبين هذه النتائج أن تهريب الغاز يمثل مشكلة كبيرة في قطاع الغاز، وتداعياته تشمل المنافسة السلبية بين محطات الغاز(بحسب رأي 19 من أصل 23 محطة ممسوحة) وتخفيض الإيرادات العامة من قطاع الغاز (13 محطة) والتشجيع على التهرب الضريبي (7 محطات) وإضعاف مخزون المحطات من الغاز (4 محطات).

أما مشكلة التهريب الثانية؛ يقول حن: "فتتمثل بتهريب الأسطوانات التالفة من السوق الإسرائيلي إلى السوق الفلسطيني، وبحسب معظم محطات تعبئة الغاز (18 من أصل 23) فإن ذلك يمثل مشكلة كبيرة أو كبيرة جدا لقطاع الغاز في فلسطين، بينما أفادت ثلاث محطات بأنها محايدة بهذا الصدد ومحطتان قالتا إن تهريب أسطوانات الغاز التالفة من السوق الإسرائيلي لا يمثل مشكلة.  أما تداعيات تهريب الأسطوانات التالفة من السوق الإسرائيلي إلى السوق الفلسطيني فتشمل التأثير سلباً على السلامة العامة لأن بعض الأسطوانات غير صالحة للاستخدام في المنزل/العمل (18 محطة)، وإضعاف الامتثال للمواصفات والمقاييس الفلسطينية (16 محطة)، والمساهمة في تنمية اقتصاد المستوطنات ويزيد إيراداتهم (10 محطات)، والتأثير سلبا على الاقتصاد الوطني (10 محطات)، التأثير سلبا على إيرادات محطات تعبئة الغاز. كما أشار أحد المبحوثين إلى صعوبة استبدال الأسطوانات التالفة حيث أن وكالات الغاز تميل لشراء الأسطوانات المستعملة بدل الجديدة مما سبب تراجعا كبيرا في بيع الأسطوانات الجديدة.

منافسة شديدة مدفوعة بالتلاعب بالأسعار

ويستنتج الباحث حن، بأن قطاع الغاز يواجه منافسة شديدة، مدفوعة في المقام الأول بالتلاعب بالأسعار من خلال التخفيضات المقدمة لوكالات الغاز التي تؤثر بشدة على الربحية. منوها إلى أن معظم المحطات تتفق على أن الضفة الغربية لديها محطات تعبئة غاز أكثر من اللازم، مما يشير إلى تشبع السوق، ويؤدي هذا العرض الزائد إلى تفاقم الضغوط التنافسية ويقلل الربحية.

 وأشار إلى أن متوسط هامش الربح الإجمالي بلغ نحو 8%، فيما بلغ هامش صافي الربح نحو 2.8%، مع وجود تباين كبير بين المحطات. وبشكل عام، تشير النتائج إلى أن مستوى الربح لا يتناسب مع حجم الاستثمار، حيث أفادت نحو 73.9% من محطات تعبئة الغاز الممسوحة أن صافي ربح المحطة غير مناسب لحجم وطبيعة الاستثمار. بالإضافة إلى الخصومات، حيث يعد تهريب الغاز مشكلة كبيرة تؤثر على المبيعات والربحية والسلامة العامة، ويساهم في المنافسة السلبية.

كما استنتج بأن ممارسات السلامة العامة غير متسقة عبر المحطات، حيث أعربت العديد من المحطات أن القطاع يفتقر إلى إجراءات سلامة عامة موحدة. إضافة إلى عدم انتظام أو اتساق في فحوصات الصيانة، وهي أمور مثيرة للقلق تستدعي وضع معايير سلامة أكثر صرامة وتوحيدًا. 

ومن حيث البيئة التنظيمية، تشعر معظم المحطات بنقص الشراكة مع السلطات التنظيمية، ويعتقد الكثيرون أن الأنظمة التشريعية الحالية لا تعكس واقع القطاع ولا تخدم مصالحهم أو مصالح المواطنين، مما يستدعي إصلاحات تنظيمية أكثر شمولًا.

المجالات الرئيسية لتنظيم ومراقبة السوق والشراكة

وبناء عليه يطالب الباحث حن، بتطبيق ضوابط أكثر صرامة لمنع تهريب الغاز الأرخص، وتقديم حوافز اقتصادية للامتثال مثل إعفاءات ضريبية للمحطات الملتزمة بدفعاتها للهيئة والمحطات التي تلتزم بمعايير السلامة، والاستثمار في تقنيات السلامة العامة المتقدمة وإلزامية إضافة أجهزة في محطات التعبئة لفحص التسريب من أسطوانات الغاز قبل إعادتها للسوق، وزيادة السعة التخزينية للإدارة العامة للبترول وإنشاء مخازن استراتيجية جديدة بالشراكة مع محطات تعبئة الغاز، وربط التراخيص الجديدة بالكثافة السكانية وحث محطات تعبئة الغاز في المناطق التي يوجد فيها تزاحم إلى مناطق أخرى بحاجة لتغطية قبل منح تراخيص جديدة، وتطوير برامج تدريبية لأصحاب المحطات والموظفين حول أفضل ممارسات السلامة والإدارة والامتثال التنظيمي، ووضع مبادئ توجيهية واضحة وآلية لحل شكاوى المستهلكين للإبلاغ عن الممارسات غير العادلة أو مشكلات الجودة، وإنشاء قنوات اتصال شفافة بين الحكومة والنقابة وأصحاب المحطات لتسهيل حل المشكلات واتخاذ القرار بسرعة وكفاءة، وتطبيق لوائح بيئية وسلامة عامة صارمة لتقليل المخاطر المرتبطة بتداول وتخزين غاز البترول المسال، ودمج جميع محطات تعبئة الغاز في شركة مساهمة عامة واحدة تعمل ضمن معايير موحدة بداخل القطاع وتساهم في زيادة الإيرادات العامة من خلال حقوق الامتياز.

التنظيم في هذا القطاع تاريخيا لم ينجح

في حين يرى صلاح هنية - رئيس جمعية حماية المستهلك، أن التنظيم في هذا القطاع تاريخيا لم ينجح، ويقول: "لسنوات طويلة يتم جمع وكلاء الغاز لمعالجة الإشكاليات والتحديات في هذا القطاع ولكن لا جدوى من ذلك، خاصة فيما يتعلق بالأسعار، أضف لذلك أن الشركات الكبيرة التي توزع الغاز للخزانات في العمارات (صهاريج الغاز الخاصة) سيطرت على الشركات الصغيرة مما أدى إلى اختلاف جهة إصدار الفواتير على المواطن دون إعلامهم بشكل مسبق. 

وبين هنية، أن هناك مشكلة في موضوع ملكية أسطوانة الغاز حيث يعمل المستهلك على الحفاظ على الأسطوانة الخاصة به من خلال الذهاب إلى محطات التعبئة خوفا من أن تقوم وكالات توزيع الغاز باستبدال الأسطوانة الجديدة بأخرى قديمة.   

إيقاف التراخيص ومنع المضاربة وتوحيد الأسعار

وشدد هنية، على ضرورة مراقبة جودة الغاز ووزن الأسطوانات، والحد من التهريب من إسرائيل لمنع المنافسة غير العادلة والتهرب الضريبي، وإيقاف التراخيص ومنع المضاربة وتوحيد الأسعار ومنع الخصومات وتعديل قوانين السلامة العامة وإعادة تأهيل المحطات القديمة، وزيادة مخزون الهيئة، بالأخص في فصل الشتاء، وضمان التوزيع الجغرافي الصحيح والملائم لمحطات تعبئة الغاز، وتخفيض أسعار الغاز لكي تتناسب مع أوضاع الأسرة الفلسطينية والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، خاصة في الوقت الراهن، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين من قبل شركات تعبئة الغاز ووكالات الغاز، بالأخص خدمات توصيل الغاز وسرعة الحصول على أسطوانات الغاز من قبل وكالات الغاز، وتحسين إجراءات ومعايير السلامة العامة في محطات الغاز، وتحديثها حسب المعايير العالمية. هذا يشمل عدم ترخيص أي محطة تعبئة غاز في مناطق قريبة من السكن ومأهولة بالسكان، وتوفير خدمة توصيل وتركيب الغاز وتنظيمها، وذلك من خلال توفير أيدي عاملة تعمل على خدمة توصيل الغاز وتركيبه في بعض المنازل التي لا يوجد فيها رجل أو يصعب على الأفراد حمل أسطوانة الغاز، خاصة النساء والكبار بالسن، والحرص على استمرار توريد كميات مناسبة من الغاز إلى المحطات في الشتاء ووجود مخزون كاف خلال موجات الصقيع، والاستغناء عن أسطوانات الغاز تدريجياً والنظر في إمكانية توصيل الغاز للمنازل من خلال خطوط وأنابيب خاصة مثل الكهرباء والمياه.

كما وشدد، على ضرورة تغيير نوعية أسطوانات الغاز المستخدمة محلياً، أي توفير وتوزيع أسطوانات غاز جديدة، والتوجه نحو استخدام أسطوانات ألياف الكربون أو فايبر جلاس أو أسطوانات بأشكال وأنواع جديدة أكثر كفاءة للتخلص من الأسطوانات القديمة، وتحسين الرقابة على جودة أسطوانات الغاز المستخدمة. ومنع التعامل بالأسطوانات القديمة والمتهالكة وفرض عقوبات كبيرة على وكالات الغاز / محلات تعبئة الغاز التي تبيع هذه الأسطوانات والتأكيد على حق المواطن في الحصول على أسطوانة غاز جيدة ولا تقل عن جودة الأسطوانة التي يتم استبدالها.

وطالب هنية، الجهات الحكومية بالتشديد على إجراءات ال ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الحدث المصدر: الحدث
شارك الخبر

إقرأ أيضا