آخر الأخبار

جريدة القدس || ماذا بقي في جراب الحاوي؟!

شارك الخبر

مَن كان في مَيعة الصبا يبيع خشب السويد على أنه زان، يواصل في خريف العمر هوايته الأثيرة إلى قلبه، والمغذّية لنوازع الشر في عقله؛ الاستثمار في عدم الاستقرار.


فكلما لاحت فرصةٌ لتسويةٍ ضيّعها، أو فُتحت ثغرةٌ ينفذ منها الضوء أغلقها، وما إن يتبين الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود، حتى يقطعه، ليواصل العيش في العتمة وعلى أسنّة الرماح وبين بروق السيوف، التي لا يجد مبرراً لحياته بعيداً عنها.


هكذا هو نتنياهو الغارق في ملذاته، والمستسلم لهواجسه وشهواته، ولأحلام التوسع والسيطرة التي تتلبسه، وهو الـمُسيَّر من العارفين بنقاط ضعفه، الذين يواصلون إرضاعه كل المغذيات الضامنة لبقائه على عرشه، ملكاً متوجاً على الخراب، والأرض اليباب، كما الغراب، الذي يصحب دليله إلى جثث الكلاب. 


مثل ملاكمٍ شرسٍ يلاحق خصمه خارج الحلبة ليُجبره على أن يعود إليها، مستجدياً ومستدعياً رداً يُبرر كَيلَ المزيد من اللكمات، هكذا بدا نتنياهو أمس بمواصلته تفجير "الووكي توكي"، بعد متوالية "البيجر" أول من أمس، ما يشفّ عن رغبةٍ في استجلابٍ سريعٍ للرد، حتى ينفذ مخططاته، ويحقق الأهداف التي استدركها أخيراً، وأضافها إلى قائمة أهدافه، مستثمراً في حالة السيولة الزائدة التي تمر بها الدولة العظمى، وحالة الإسناد، وفي أقلها عدم الممانعة، من الدول الراعية للإبادة في غزة.


الساعات المقبلة حُبلى بالمفاجآت الدامية، مهما حاول الخصم الاعتصام بالصبر والتحلّي بالحكمة، كما فعلت إيران بكظمها الغيظ، وعدم الرد على اغتيال هنية في طهران، منعاً للانزلاق نحو حربٍ شاملةٍ تُجهض في لجّتها جنينَ قوتها النووية، قبل أن تكتسيَ العظامُ لحماً.


في لُجة الفوضى وانعدام اليقين اللذين يُشهرهما نتنياهو كسلاحٍ جديد، فإن السؤال الذي ينهض اليوم من بين الآلام ومتوالية الأحزان في لبنان: ماذا بقي في جراب الحاوي بعد "البيجر" و"الووكي توكي"؟!

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا