آخر الأخبار

جريدة القدس || صبري صيدم لـ"القدس": الانحياز الأمريكي لإسرائيل قوّض فرص التسوية

شارك الخبر

الاتفاقية أعادت الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية 

والفكر المتطرف ظل يعمل على إلغائها


قدّم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ونائب أمين سرّها د. صبري صيدم في حوار خاص بـ”القدس"، تحليلاً شاملاً لاتفاقية أوسلو بمناسبة مرور 30 عاماً على توقيعها، مسلطاً الضوء على إخفاقها في تحقيق الهدف المنشود بإقامة سلام عادل وشامل. وأرجع صيدم هذا الإخفاق إلى انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل، وتزايد نفوذ التيارات اليمينية المتطرفة في المشهد السياسي الإسرائيلي، ما أدى إلى تقويض فرص السلام، وتراجع الدعم الدولي للقضية الفلسطينية. كما تناول أثر التطبيع المتنامي بين بعض الدول العربية وإسرائيل، معتبراً أنه أسهم في إضعاف الموقف الفلسطيني. وفي ختام حديثه، دعا صيدم إلى توحيد الصف الفلسطيني، وتصعيد الجهود الشعبية والدبلوماسية لمواجهة الاحتلال وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.


دفن الاتفاق


س‌-بعد مرور ثلاثين عامًا منذ توقيع اتفاقيات أوسلو، ولم تحقق الهدف الأساسي منها وهو الوصول إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أين تعتقد أنها فشلت، ولماذا؟


اتفاقية إعلان المبادئ التي سميت لاحقاً بـ"اتفاق أوسلو"، جاءت بموجب ضمانات دولية كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة الأميركية أحد الوسطاء النزيهين والحياديين في التعامل مع هذا الملف، إلا أنها اختارت أن تقف إلى جانب إسرائيل، وتنصاع تماماً لرغبات الحكومات المتعاقبة التي كانت تتدحرج باتجاه أن تكون حكومات يمينية متطرفة ترفض اتفاق أوسلو. 


 وبالتالي، عدم حيادية الولايات المتحدة الأميركية، والتغيير السياسي في إسرائيل، وتنامي معسكر اليمين قد قاد لولادة حالة العنف التي باتت ظاهرة في الشوارع الفلسطينية، والتي استشهد بموجبها الرئيس ياسر عرفات، وجاء نتنياهو إلى السلطة في عدة مناسبات ليعلن وفاة اتفاق أوسلو، وبالتالي اتفاق أوسلو قد مات بفعل تأثير اليمين الصهيوني، وتنامي هذه العقلية العنصرية داخل المجتمع الإسرائيلي، وفقدان مصطلح السلام الذي كان أحد المصطلحات التي جرى تداولها في الحلبة السياسية الإسرائيلية، ولكنه اختفى تماماً حتى انقرض في جولات الانتخابات الإسرائيلية المتعاقبة التي ميزت السنوات القليلة الماضية، ووصول وتفاقم تصاعد اليمين إلى السلطة.


هيمنة السياسة الأميركية على مصير فلسطين


س‌-    يزعم كثيرون أن أوسلو أضفت الشرعية على القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، هل تعتقد أن هذا الاتفاق ساعد في رفع مكانة فلسطين على المستوى العالمي؟


أعتقد أن اتفاق أوسلو أعاد الاهتمام الدولي للقضية الفلسطينية، وفتح شهية العالم نحو توفير مقومات النماء في المجتمع الفلسطيني لتدعيم هذا الاتفاق، وللوصول إلى تحقيق رؤية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستقلاله، ولكن من الواضح أن المدرسة الصهيونية كانت تتدحرج باتجاه رفض هذا الاتفاق وصولاً إلى الاعتراف مؤخراً بأنه كان أسوأ اتفاق وقعته إسرائيل، ولكن أيضا كما أسلفت، عدم حيادية الإدارة الأميركية وعدم جديتها في هذا الأمر، أدّى إلى تآكل الدعم العالمي.


أيضاً أضف إلى ذلك أن شرعية الدول التي دخلت باتت مقوّضة جرّاء السيطرة الأميركية، مثل استحداث الرباعية، فيما أثبتت التجربة بأنها لم تكن إلا أحادية، وتجاوزت الأمم المتحدة، وتجاوزت الاتحاد الأوروبي، وتجاوزت روسيا، ولم تنصاع لأحد وإنما استفردت بالملف السياسي الفلسطيني-الإسرائيلي، ورجّحت الكفة باتجاه الإسرائيليين، وساهمت في حماية أمنهم، وطوّعت سياساتها لتتواءم مع تعاقب الحكومات في إسرائيل، والتي راكمت هذه العنصرية المطبقة التي قادت إلى المشهد الذي نعيشه اليوم.


إزاحة الفلسطينيين

س- عند النظر إلى الوراء، هل تعتقد أن هناك لحظات مهمة، أو فرص ضائعة خلال عملية أوسلو كان من الممكن أن تؤدي إلى نتيجة مختلفة اليوم؟


الإدارة الأميركية لم تكن موفقة في إدارة هذا الملف، ورضخت تماماً أمام إسرائيل، وانبطحت أمام اليمين الصهيوني، وسمحت لتفاقم هذه العنصرية المطبقة في الحلبة السياسية، والتي قادت نحو سيطرة اللوبي الصهيوني تماماً على مصنع القرار الأميركي، واستحكامه على مصانع القرار الدولية، وبالتالي ضيعت فرص كثيرة باتجاه إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني، وتحويل أوسلو إلى جسر يربط الفلسطينيين من الشتات إلى العودة إلى الوطن، ومن الثورة إلى الدولة.


 وعليه، أعتقد أنه كانت هناك فرص ضائعة، وكان هناك عدم التزام، وكان هناك انبطاح تام أمام الرؤية الصهيونية، وأعتقد أن حالة التغير الجذري في ميكانيزمات العمل داخل المكنة الصهيونية، من محاولة المناورة السياسية الإيجابية التي حاول أن يفرضها اليسار الإسرائيلي، إلى حالة المراوحة الوسطية التي تاهت فيها السياسة الإسرائيلية، وما بين أنها تريد السلام وما بين أنها تبني المستوطنات وتقضم الأرض العربية، وصولاً إلى الوضع المأساوي الغير مسبوق الذي نعيشه اليوم، والذي فرض نفسه اليوم على عقلية السيطرة والاستحكام الإسرائيلي، والقائم على مفهوم شطب الهوية الفلسطينية، وإزاحة الفلسطينيين بشكل كامل من البحر إلى النهر".

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا