آخر الأخبار

جريدة القدس || ألسِنة اللهب ومِرجل الغضب!

شارك الخبر

استمرار حرب الإبادة طيلة أحد عشر شهراً متواصلة، بلا انقطاع، وإغلاق أبواب الفرص المؤاتية لوقف المعاناة وشلالات الدماء المتدفقة، يُنذران بارتفاع درجة الغليان في مرجل الغضب، وباتساع قوس النار الذي لم يُخفِ نتنياهو وشركاؤه الأكثر تطرفاً، رغبتهم في توسيع مروحته في جميع الاتجاهات، عبر خلق ذرائعَ وسردياتٍ مشروخةٍ تارةً، وطوراً باستدعائها عبر التحرش الخشن بأسباب اندلاعها.


كل ذلك يجري لجهة العمل على استمرار اشتعال الموقدة، واستجلاب المزيد من رياح الشمال لإبقائها مشتعلة، في أجواءٍ دوليةٍ لم تكن يوماً مثلما هي اليوم؛ مؤاتيةً لمواصلة العيش في المظلمة، والتوجس المصنوع من الخوف الوجودي الـمُعلّق على مشجب التهديد الإيراني، الذي يجري استدعاؤه لتبرير التدمير الممنهج في المخيمات، وحرق القرى والبلدات.


برسم "خطة الحسم"، يجري كل ذلك في الظاهر وفي الباطن، لتنفيذ مخططاتٍ وُضعت، وخرائط رُسمت ونُشرت، أداتها التنفيذية إرهاب الدولة المنظم الذي يستنسخ كل أشكال الإرهاب القديمة، ويُعيد إنتاجها بعلاماتٍ تجارية، ترتدي البزّة العسكرية الرسمية، دون خشيةٍ ولا مواربة، لتمارس جرائمها في العلن بمشاهد دمويةٍ تفُوق ما ارتكبته عصابات شتيرن والهاجاناه وليحي عام 1948، لتضاف إلى سفر العذاب، ودرب الجلجلة الذي يتنكّبه مَن يطرقون أبواب حريتهم من عدوّ يُنكر وجودهم، ولا يعترف بإنسانيتهم.


ما يتعرض له أهلنا في غزة يفوق قدرة العقل السليم على استيعابه، والقلب الطيّب على تحمّل أثقاله، حيث يُقتل الأطفال في أحضان آبائهم وأمهاتهم، ومع أجدادهم وجداتهم، صباح مساء، في المنازل والمدارس والخيام المتهالكة، ومَن ينجو من الموت قتلاً، لا ينجو منه جوعاً ومرضاً مستولَداً من كآبة المنظر وسوء المنقلب.


لقد بات القطاع ميدان تدريبٍ وتجريبٍ لمختلف أنواع الذخيرة الحية المميتة، ساحاتها بيوت الطوب والصفيح، ونفوسٌ غير مطمئنة من عناء التهجير والتقتيل والتجويع، لا تملك غير رفع أكف الضراعة إلى الله العليّ القدير، ليُفرّجَ الكرب، ويضعَ نهايةً لآلامها وعذاباتها.

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا