آخر الأخبار

جريدة القدس || مقتل المحتجزين الستة.. هل يُعيد إحياء الصفقة؟

شارك الخبر

د. دلال عريقات: نتنياهو قد يستخدم مقتل المحتجزين ذريعة لتصعيد حربه والمماطلة في التوصل إلى صفقة

سري سمور: أمريكا تعطل المفاوضات ومن يعتقد أنها غير قادرة على إجبار إسرائيل على التوصل لاتفاق مخطئ

سليمان بشارات: التباينات في المواقف داخل المجتمع الإسرائيلي تتركز على الأولويات وليس الحرب نفسها

سامر عنبتاوي: تصريحات "أبو عبيدة" إنذار للمجتمع الإسرائيلي بشأن المحتجَزين بغزة لخلق ضغط معاكس على نتنياهو


تتواصل التكهنات حول فرص التوصل إلى صفقة تبادل تقود إلى إنهاء حرب الإبادة التي تواصلها دولة الاحتلال في قطاع غزة، وسط تعقيدات سياسية داخلية ودولية، خاصة بعد مقتل المحتجزين الإسرائيليين الستة، وخروج مئات آلاف الإسرائيليين في الشوارع للاحتجاج على العقبات التي يضعها رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو في مسعى لتعطيل أي اتفاق محتمل.


هناك على طرفي الصراع، يأمل المدنيون من الفلسطينيين والإسرائيليين أن تُسرّع حادثة قتل الأسرى الإسرائيليين الستة عجلة المفاوضات من أجل إبرام صفقة تبادل، وسط تساؤلات حول أمكانية المجتمع الإسرائيلي وقدرته على الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إبرام الصفقة، خاصة بعد انضمام اتحاد نقابات العمال الإسرائيلية ( الهستدروت) ودعوته إلى يوم إضراب شامل.


ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أنه في ظل هذا التصعيد تبدو فرص التوصل إلى اتفاق سلام أو هدنة دائمة ضئيلة للغاية، مع استمرار نتنياهو في تعزيز مواقفه الرافضة لأي صفقة محتملة.


وأشار الكتاب والمحللون والمختصون إلى أن المخاوف تتعزز داخل إسرائيل إثر تصريحات المقاومة التي هددت بتصعيد أكبر ضد المحتجزين الإسرائيليين، في حال استمرت العمليات العسكرية ضد قطاع غزة أو محاولة الوصول إلى أولئك المحتجزين.


الوصول إلى صفقة ووقف دائم للحرب أمر مستبعد


وقالت د. دلال عريقات، أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات في الجامعة العربية الأمريكية: إن نجاح أو فشل الصفقة المتعلقة بوقف الحرب على قطاع غزة لن يتأثر بشكل كبير بقضية مقتل المحتجزين الإسرائيليين الستة.


وأوضحت عريقات أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يستخدم هذه الحادثة ذريعةً لتبرير تصعيده الحرب على قطاع غزة، إلا أن تعطيل المفاوضات يعود بالأساس إلى رغبة نتنياهو في استمرار الحرب وعدم التوصل إلى صفقة، بالرغم من أن هناك إجماعًا عالميًا على حق الفلسطينيين في إدارة غزة والضفة الغربية.


وعلى الرغم من تأكيدها أن الوصول إلى صفقة دائمة ووقف إطلاق النار بشكل كامل هو أمر مستبعد في الوقت الحالي، لكن عريقات أشارت إلى أن السيناريو الأقرب للتحقق يتمثل في إمكانية فرض ضغوط على نتنياهو مع اقتراب الانتخابات الأمريكية واجتماعات الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر، ما قد يؤدي إلى تهدئة مؤقتة من دون إنهاء الحرب بشكل كامل.


توقع استمرار الاحتجاجات.. والضغط الأمريكي على نتنياهو


وفي ما يتعلق بتأثير الرسائل المتبادلة بين المقاومة وإسرائيل، قالت عريقات: إن تصريحات "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والرسالة من حماس حول مقتل المحتجزين الستة، والردود الإسرائيلية من قبل نتنياهو والقادة الإسرائيليين، تخلق حالة من البلبلة داخل المجتمع الإسرائيلي.


ولفتت إلى أن رسالة "أبو عبيدة" كانت واضحة، وتهدف إلى دحض رواية نتنياهو، الذي يستخدم قضية مقتل الأسرى وسيلة للمماطلة في المفاوضات، وهو ما يثير المجتمع الإسرائيلي أكثر نحو الاحتجاجات.


وتوقعت عريقات استمرار الاحتجاجات والتظاهرات الإسرائيلية للضغط على نتنياهو، إلى جانب استمرار الضغط الأمريكي عليه.


وأشارت عريقات إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أوضح بشكل صريح أن نتنياهو لا يرغب في تقدم المفاوضات، ما قد يدفع الإدارة الأمريكية إلى التحالف مع المعارضة الإسرائيلية أو مع خليفة نتنياهو المحتمل في المستقبل القريب.


نتنياهو يمثل فريقاً وليس شخصاً


من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي سري سمور: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفريقه لا يسعون بجدية لإبرام صفقة لإنهاء الصراع في غزة.


وأوضح أن نتنياهو يعتمد بشكل كبير على الدعم الذي يتلقاه، وما كان بإمكانه التحكم بالدولة بهذه الطريقة لو كان يعمل بمفرده، مشيراً إلى أنه يمثل فريقاً وليس شخصاً.


وأكد سمور أن تعطيل المفاوضات يتم بقرار أمريكي، وأن من يعتقد أن الولايات المتحدة غير قادرة على إجبار إسرائيل على التوصل إلى اتفاق فهو مخطئ.


وأوضح سمور أن الولايات المتحدة لو كانت معنية بإبرام صفقة، فإنها تمتلك القدرة على فرضها على إسرائيل، ولكن في حال عدم وجود نية أمريكية في هذا الاتجاه، فإنه من المستبعد التوصل إلى أي اتفاق، خاصةً مع ضعف المعارضة الإسرائيلية في ممارسة ضغط حقيقي على الحكومة.


مطالب حماس كلها إنسانية ويصعب التخلي عنها


وفي ما يتعلق بحركة حماس، قال سمور إن هناك دعوات للحركة لتقديم بعض التنازلات، لكن كيف لحماس أن تستجيب لهذه الدعوات ومطالبها تقتصر على قضايا إنسانية أساسية، مثل الانسحاب وعودة النازحين وإعادة الإعمار، وهي مطالب لا يمكن لحماس التخلي عنها.


وأضاف: "قد تُظهر حماس مرونة في قضية إبعاد الأسرى إلى خارج فلسطين، في حين تعتبر التنازلات في الجوانب الأخرى أمراً صعباً".


ورأى سمور أن نتنياهو يستخدم المفاوضات كغطاء لمواصلة المجازر والعدوان، مشدداً على أنه لا يتوقع نهاية قريبة للحرب إلا بقرار فعال من الولايات المتحدة.


وحول تصريحات "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، قال سمور إنها تعكس التوقعات التي ظهرت بعد حادثة النصيرات، مشيراً إلى تشابه هذه الحالة مع حادثة مقتل الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان في عام 1994.


وأكد سمور أن حماس تسعى من خلال هذه التصريحات إلى إرسال رسالة مفادها أنّ العمليات العسكرية التي تهدف إلى تحرير المحتجزين الإسرائيليين ستنتهي بمقتلهم.


وأشار إلى أن إسرائيل قد تشهد احتجاجات أوسع للضغط على نتنياهو، لكنه يرى أن الأخير يتخذ خطوات من شأنها إضعاف هذا الحراك، ونتنياهو قد يقوم بتنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة المقاومة، ليس بالضرورة في قطاع غزة فقط.


فرص ضئيلة لنجاح مفاوضات وقف الحرب


بدوره، قال سليمان بشارات، الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي: إن فرص نجاح المفاوضات بشأن وقف الحرب على قطاع غزة لا تزال ضئيلة للغاية.


وأشار بشارات إلى أن حادثة استعادة جثث المحتجزين الإسرائيليين الستة، الذين قُتلوا قبل أيام قليلة من العثور عليهم، لم تؤثر بشكل جوهري على الموقف العام من الحرب داخل المجتمع الإسرائيلي.


وأوضح بشارات أن الغضب الشعبي الإسرائيلي الذي أعقب اكتشاف الجثث كان مرتبطاً بالبُعد العاطفي للحدث، أكثر منه بتغييرٍ في موقف الإسرائيليين من الحرب نفسها.


ولفت إلى أنّ التباين في وجهات النظر داخل المجتمع الإسرائيلي ما زال يتركز حول أولويات الحرب وليس حول دعمها من الأساس.


وأكد أن الحرب على قطاع غزة ما زالت تحظى بتأييد كبير، بما في ذلك من المعارضة والنخب السياسية، ما يُعزز من استمرار نتنياهو في نهجه الحالي.


وأوضح بشارات أن حادثة استعادة الجثث أثارت نقاشاً أوسع حول الحرب على غزة وملف المحتجزين، وأعادت إحياء هذا الملف بعد أن كان شبه منسي، إذ أصبحت عوائل الأسرى هي الصوت الوحيد الذي يطالب بإنهاء قضية احتجازهم.


وأشار بشارات إلى أن تحريك هذا الملف قد يزداد قوة إذا توافرت عوامل إضافية، مثل وجود إرادة أمريكية حقيقية، وضغوط متزايدة على الجيش والحكومة الإسرائيلية، أو حدوث تغييرات في مواقف جبهات أُخرى، مثل جبهة الشمال أو الضفة الغربية أو إيران.


3 سيناريوهات محتملة لمسار المفاوضات


وعرض بشارات عدة سيناريوهات محتملة لمسار المفاوضات: الأول، الذي يعتبره الأقرب للحدوث، هو أن يستمر المسار التفاوضي الحالي في حالة جمود، حيث تظل العروض والمقترحات والتعديلات تتداول دون تحقيق تقدم ملموس حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.


السيناريو الثاني، وفق بشارات، هو الأقل احتمالاً، يتمثل في التوصل إلى المرحلة الأولى من الصفقة، وتعنت الاحتلال وعدم وجود ضمانات من المقاومة يقللان من فرص حدوثه. أما السيناريو الثالث، فيتعلق بتطور ميداني مفاجئ قد يفرض ضغطاً كبيراً على إسرائيل، ما يُجبرها على وقف الحرب والانسحاب من غزة.


وأوضح بشارات أن جميع هذه السيناريوهات تعتمد بشكل كبير على التطورات الميدانية، مشيراً إلى أن تصريحات "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، قد تكون تحذيراً خطيراً، إلا أن المجتمع الإسرائيلي يبدو متجهاً نحو مزيد من التطرف.


ووفق بشارات، فإن المؤشرات الحالية تشير إلى أن نتنياهو قد يستمر في اتباع النهج نفسه الذي يسير عليه الآن، مع عدم وجود تغيرات تُذكر في الأفق.


نتنياهو لا يكترث بالضغوط الدولية والمحلية


ويرى سامر عنبتاوي، الكاتب والمحلل السياسي، أن فرص نجاح المفاوضات المتعلقة بإنهاء الحرب على قطاع غزة أصبحت شبه معدومة بعد مقتل المحتجزين الإسرائيليين الستة.


وأشار عنبتاوي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يضع العراقيل كافة لمنع إبرام أي صفقة، بالرغم من الضغوطات الدولية والمحلية، حيث يسعى إلى الاستمرار في احتلال قطاع غزة، ولا تشير المعطيات الحالية إلى إمكانية التوصل إلى أي اتفاق.


وتوقع عنبتاوي "استمرار نتنياهو في المراوغة وكسب الوقت حتى مرور عام على "طوفان الأقصى"، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية"، مشيراً إلى أن نتنياهو يراهن على وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة من جديد، ما سيعزز من موقفه.


وقال عنبتاوي: إن تصريحات "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، تحمل إشارات واضحة على أن استمرار إسرائيل في استهداف وقتل الفلسطينيين في غزة يعني أن الجميع مستهدف وقد يعرض المحتجزين للخطر.


نتنياهو سيطر على الحراك وتغلب على معارضيه


واعتبر عنبتاوي أن هذه التصريحات من "أبو عبيدة" تعد إنذاراً للمجتمع الإسرائيلي، حيث يصبح أهالي المحتجزين أكثر قلقاً على حياة أبنائهم، ما يخلق ضغطاً معاكساً على نتنياهو.


وفي ما يتعلق بالحراك داخل المجتمع الإسرائيلي، قال عنبتاوي: إن نتنياهو تمكّن من السيطرة عليه والتغلب على معارضيه، مشيراً إلى أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية أوقفت إضراب اتحاد نقابات عمال إسرائيل "الهستدروت"، كما أن هناك ضعفاً في تأثير المعارضة وعدم قدرتها على ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو.


وأشار عنبتاوي إلى أن نتنياهو استطاع أن يقنع الداخل الإسرائيلي بأنه الوحيد القادر على حماية الدولة، ما حصّنه وحكومته من أي ضغوط قد تدفعه نحو إبرام اتفاق.


ولفت عنبتاوي إلى أن الحراك الداخلي الإسرائيلي، حتى لو استمر واتسع، لن يتمكن من مواجهة نتنياهو، بالرغم من الأزمات التي يواجهها، إلا إذا حدثت تطورات كبيرة تُغير المسار السياسي بالكامل.

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا