آخر الأخبار

جريدة القدس || أبو علي مصطفى- الحلقة الأخيرة

شارك الخبر

مسؤولياتي داخل الجبهة لم تختلف منذ كنت نائباً للأمين العام

كانت للدكتور جورج حبش رغبة في ترك قيادة الجبهة منذ المؤتمر الخامس

عودتنا المشروطة لم تكن هي المأمولة ولكن من حقِّنا أن نكون على أرضنا

تعرفتُ على أبو عمار في غرفة عمليات بالسلط وتعمَّقت علاقتي به في "التنفيذية"


جرى سجال طويل بشأن موضوع الاتفاقات وجرت مياه كثيرة في نهر السياسة الفلسطينية

الجبهة تأثَّرت بتطورات أوضاع القضية الفلسطينية وانعكس ذلك على جسم التنظيم


* هل اختياركم أمينًا عامًا للجبهة الشعبية خلفًا للدكتور جورج حبش كان انتصارًا للتيار المعتدل على التيار المتشدد؟

لم ينتصر أحد على أحد، نحن في الجبهة الشعبية مثل كل جسم حيّ، يحوي داخله آراء ووجهات نظر واختلافات، وفلسفة نظامنا الداخلي تقوم على الأقلية والأغلبية. يرى بعض الناس أن ظهور اختلاف يعني حدوث انقسام، ولكن مسؤولياتي لم تختلف منذ كنت نائبًا للأمين العام.


ألم يؤثر غياب جورج حبش على قيادة الجبهة؟

بالتأكيد يؤثر بما يمثِّله من تاريخ وتجربة وخبرة، ولكن تجربتنا، على مدار تاريخها، لم يكن الأمر فيها مرتبطًا بفرد، وبالتالي كانت قناعتنا بمسألة تداول القيادة راسخة، ولذلك فإن نسبة التجديد هي تقليد ثابت في الجبهة، وكانت نسبة التجديد في اللجنة المركزية المنتخبة في المؤتمر الثالث 56٪، ونسبة التجديد في المكتب السياسي: ثلثان جديدان وثلث قديم.


كانت للدكتور جورج حبش رغبة في ترك القيادة منذ المؤتمر الخامس، وهي الرغبة ذاتها التي أبداها في رسالته للمؤتمر الخامس، وكان داعيه إلى ذلك ثلاثة اعتبارات: الأول، حقه في أن يحظى بفرصة لكتابة تجربة حركة القوميين العرب باعتباره مؤسسها. والثاني، رغبته في أن يضرب مثلًا للكثير من القوى والأحزاب مفاده أن القائد لا يظل قائدًا إلى الأبد. والثالث، رغبته في إنشاء مركز دراسات وأبحاث حول الصهيونية يستطيع من خلاله أن يقدم عملًا موثقًا ومكتوبًا للحركة الوطنية العربية والفلسطينية.


كانت للأمين العام السابق للجبهة الشعبية، الدكتور جورج حبش، هالةٌ كبيرة نتيجة لعمله الثوري وبُعده عن الوطن، أنت الآن بين شعبك وأهلك، ولا توجد اليوم ممارسة للعمل المسلح والثوري، هل تعتقد أنك في ظل هذا الواقع لك نفس الشعبية التي كانت للدكتور جورج حبش؟


هذه مسألة لست أنا من يقررها، ويُسأل غيري عنها، إن ما يهمني هو الأمانة التي تقضي بها المسؤولية، وتلزمني بأن أكون أمينًا على برنامج التنظيم، وسياسته، والعلاقات الرفاقية التي تحفظ وحدته ونموّه وتطوره، وكل إنسان منا عرضةٌ للنجاح والفشل.


ما من شك أن منسوب الأداء النضالي يتأثر بكثير من العوامل والمؤثرات. وقد شهدتُ عوامل النهوض في مرحلة ما تتحقق في تمثيل الصورة والمشهد الوطني الفلسطيني في الصراع مع العدو بالكفاح المسلح. 


* أخ أبو علي، عدت إلى أرض الوطن، وعودتك كانت على أساس اتفاق كنت قد رفضته من قبل، كيف ترى هذه العودة؟ هل هذه هي العودة التي كنت تحلم بها إلى أرض الوطن؟


لا شك أن هذه ليست هي العودة التي كانت مأمولة لكل فلسطيني، ومع هذا يجب ألا ننسى أن فلسطين للشعب الفلسطيني، وأننا نحن الذين من حقِّنا أن نكون على هذه الأرض. لكن حول موضوع الاتفاقات ونتائجها جرى سجال طويل، وجرت مياه كثيرة في نهر السياسة الفلسطينية. نحن في الجبهة نعتبر عودة أي فلسطيني مواطنًا كان أو كادراً أو قائدًا هي مكسب للصراع الفلسطيني. مثلما نعتبر المليون ومئتي ألف فلسطيني المقيمين في الداخل فلسطينيين، بالرغم من أن بعضهم يحملون الباسبور الإسرائيلي. هؤلاء شعبنا، وليس من الواجب عليهم التطهُّر بإلقاء الجوازات ومغادرة إسرائيل، فشأنهم شأن كل الأمة العربية التي أُرغِمت على التعاطي مع واقع سايكس بيكو. من هنا، وبالرغم من عودتي إلى فلسطين، سأظل أناضل ضد اتفاقية أوسلو، فأنا لا أعتبر هذه العودة المشروطة عودة فعلية.


* أخ أبو علي كيف هي علاقتك بالأخ الرئيس ياسر عرفات؟ ومتى تعرفت عليه؟

تعرفتُ عليه في غرفة عمليات في وادي شعيب في السلط، وكان لقاءً بين وفدين من "فتح" و"الجبهة الشعبية"، وكان حوارنا حول موضوع العمل العسكري والفدائي وتنسيق مناطق العبور، وعدة أمور سياسية أخرى تجري على الساحة.


بحكم واقع العمل الوطني الفلسطيني ظللنا على تواصل، وكانت في لبنان قيادة مشتركة بيننا، فكان ثمة تواصل بيننا يفرضه العمل الوطني المشترك. الاحتدام في النقاش السايسي برز جليًا في محطة مناقشة نتائج حرب تشرين (أكتوبر) 1973. كان المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1974 قد طرح موضوع التسوية، وكنت أرأس وفد الجبهة الشعبية، لأن د. جورج حبش لم يكن قد سجِّل عضوية المجلس الوطني حتى العام 1979.


تعمَّقت علاقتي بالأخ أبو عمار عند معرفتي أشياء في شخصيته، عندما دخلت اللجنة التنفيذية في العام 1987 في الجزائر، وحتى العام 1991. كان النقاش حادًا بيننا، وكانت لدي ثلاث ملاحظات تتعلق بـ: موضوع المأسَسَة، واحترام القرارات، وانتظام العلاقات حسب اللوائح. هذه كانت نقاط الاشتباك في الاجتماعات. واستمرت علاقتنا، وانقطعت فترةً في مرحلة أوسلو، ثم أُعيدت العلاقة في القاهرة، واستمرت حتى اليوم.


هل هذا الاشتباك كان يفسد للودِّ قضية؟

على المستوى الشخصي.. لا. هناك ودٌّ واحترامٌ متبادلان للعلاقات التاريخية، منذ أيام القواعد في الأردن، ولكن السياسة تفرِّق بيننا بالطبع في وجهات النظر، ولذلك ما زلت أقول إنه على عاتق القيادة السياسية الفلسطينية مسؤولية إرساء تقاليد مؤسسية وعمل جماعي واحترام للقرارات والعلاقات.


* أخ أبو علي في نهاية اللقاء لديّ مجموعة من الأسئلة القصيرة..

تفضَّل.


* يُقال إنك لا تمتلك سحر الأمين العام د. جورج حبش.

لا سحر لديَّ.. لا أنا ولا جورج حبش، نحن بشر مثل كل البشر (ابتسامة). لكن لكل إنسان طبيعته.


* يُقال إنك تمثل تيارًا أكثر واقعية داخل الجبهة، وإن هذا التيار دفعك وانتخبك لهذا المنصب.

أنا الآن أمثل كل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأعتقد أن ما صدر عن المؤتمر الوطني السادس هو الجواب.


* يُقال إن الجبهة الشعبية تواجه حالة هروب لأعضائها منها، وأنها لم تشهد يومًا انتشارًا كاسحًا.

الجبهة الشعبية مثل كل تنظيم، تأثَّرت بالأوضاع التي عاشتها القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة، ولا شك أن تلك الآثار تعكس نفسها على جسم التنظيم، ولكن الجبهة صاحبة تاريخ وامتداد وحضور وسط الجمهور الفلسطيني.


* يُقال إن مهمتك أصعب من مهمة د. حبش، فإنك تخوض مهمة في واقعٍ أصعب وأعقد، وفي ظل خيارات أقل.

هذا الكلام أقرَّ به د. حبش نفسه، فالظروف والمهمات والمسؤولية أصعب، لكن لدينا ثقة في تجاوز تلك الصعوبات.


* يُقال إنك كنت وراء فكرة الانفتاح والتعامل مع الأطروحات السياسية التي غيَّرَت وجهة الجبهة.

لم تُقدَّم أطروحات سياسية للنقاش في السنة الأخيرة إلا على قاعدة التمسُّك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وهي الموجِّه لبوصلة الجبهة الشعبية في الاتجاه السليم.


* يُقال إن عودتك للوطن كانت ناجمة عن خيبة أمل في الخارج.


لا يزال الخارج يحتل مكانة مهمة جدًّا في قناعتنا وبرنامجنا، باعتبار أن نصف الشعب الفلسطيني لا يزال في الخارج، ولا يمكن أن ننظر للحاضر أو المستقبل إلا بالوحدة السياسية للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وهذا ما يحفِّزنا لاعتبار شعبنا في الخارج والوطن كلًّا متكاملًا.


نشكرك شكرًا جزيلًا الأخ أبو علي مصطفى، على هذا الحوار.

أنا الذي أشكركم جزيل الشكر.

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا