آخر الأخبار

جريدة القدس || فـي الـذكـرى الـ23 لاسـتـشهاده.. أبو علي مصطفى.. حديث لم يُنشَر

شارك الخبر

أجرى اللقاء : إبراهيم ملحم (عام 2000)

-

عندما قامت حرب 1967، أين كنت؟

كنت في عمان، قبلها كانت هناك حملة اعتقالات في العام 1966، حيث وجِّهَت ضربة للأحزاب الوطنية، وجرى النظر إلى كل الأحزاب بوصفها تنظيمات غير مشروعة منذ العام 1957، ثم بدأ العمل ينتظم في سنوات الستينيات، وبدأت الحركة تعود إلى الحياة.

تعرضنا لحملة اعتقالات سنة 1963 بتهمة محاولة القيام بانقلاب بالاستيلاء على الإذاعة في رام الله، لكن الحملة لم تكن واسعة واعتقلوا عددًا بسيطًا، وهرب عدد آخر إلى الجنوب على طريق غزة ولجأ إلى مصر.

في نيسان (أبريل) 1966 شُنَّت علينا حملة واسعة، وكنت وقتها في جنين، أتسلم منطقة الشمال، وأعتقد أنهم  بدأوا حينها يتوجسون من إمكانية نهوض وطني قادر على أن يصنع حِراكًا في البلد، إضافةً إلى ذلك، أعتقد أنهم عرفوا بتشكيل فرق مسلحة، وكانت «فتح» قد بدأت في الظهور، فبدأوا يعتقلون أفرادًا تحت اسم «فتح». أذكر أن أكبر حادثة اعتقال وقعت في جنين عندما اعتُقِلَ شخص من دار كميل في ميدان الشهداء، وكان يحمل سلة ملآى بالقنابل. وبدأت الناس تتداول اسم «فتح». وبدأت السلطة تخاف من أن تتشكل قوى تضاف إلى قائمة القوى السياسية.

فكانت جنين ضمن مسؤولياتي سواء في العمل الخاص السري، أو في العمل التنظيمي العام، كان خطأنا هو عدم توزيع المسؤوليات، كان يجب أن يكون هناك فصل للمسؤوليات في هذا المستوى، لأنه لا يجوز لمن يعمل في العلن أن يعمل في العمل الخطير.

الحملة لم تكن تستهدفنا وحدنا، بل استهدفت الشيوعيين والبعثيين أيضًا، في هذه الحملة أبقونا لمدة أشهر بين السجن العسكري، وزنازين التحقيق.

ونحن أيامها كنا ننسق مع قيادة منظمة التحرير في القاهرة، وكان قائد جيش التحرير أيامها لواء أحضروه من الكويت، كان ضابطًا فلسطينيًّا في الكويت، اسمه «وجيه المدني»، هو أول من أسس جيش التحرير الفلسطيني آنذاك. وكانت لنا علاقة جيدة وننسق معهم في التدريب والتسليح والتمويل بحدود معينة. 

نحن لم نتوقع أن تقع حرب حزيران (يونيو) 1967، وعندما خرجتُ من السجن أخذت زوجتي وابنتي لأعمل في عمان، حتى وقعت الحرب.


كيف استولدتم جبهةً شعبية لينينية ماركسية في حركة القوميين العرب؟ ما القاعدة الفكرية التي استندتم إليها للانتقال من العصبية القومية إلى جبهة شعبية تحمل فكرًا لينينيًّا ماركسيًّا أمميًّا؟

كانت هناك ميزة في التربية والثقافة داخل الحركة آنذاك، نحن لم نكن قوميين على طريقة الأتراك، كنا متأثرين بساطع الحصري، وقسطنطين زريق، وعبد الناصر.

إن أكثر من كتب في الجانب القومي هو لبناني اسمه علي ناصر الدين، لكن الميزة الأهم في تربية الحركة وثقافتها الداخلية أن البناء كان تقدميًّا، وليس على طريقة الحركة النازية، أو الحركة الفاشية عند موسوليني، كنا نقرأ لغاريبالدي عن الوحدة الإيطالية، ونقرأ لبسمارك عن الوحدة الألمانية، ونتأثر بتلك الأفكار.

ولا شك كانت عندنا نزعة تقديسية لمسألة الوحدة، لدرجة أننا قرأنا كتاب كفاحي لهتلر. وكان في الحركة عددٌ كبيرٌ من الشباب المثقفين وخريجي الجامعات.

وما لفت انتباهنا أن محمد عزة دروزة، وكان أحد المنظرين الأساسيين في الحركة، ألف كتابًا اسمه (الحركة الشيوعية ومعركة العرب القومية)، وكان كله هجومًا على الشيوعية والشيوعيين، لأنهم وقتها لم يكونوا يستوعبون المعطيات الوطنية، لذلك تعرضوا لحملةٍ عندما وافقوا على قرار التقسيم، وأيضًا عندما اعترضوا على الوحدة العربية مع عبد الناصر، كانت هناك موجة عداء جعلت الناس يتلقفون أي كتابٍ يصدر.

هل الانتقال من الحركة القومية إلى الجبهة الشعبية جلب لكم أنصارًا أم خسرتم أنصارًا؟

لا شك أن الجبهة لم تكن مولودًا طارئًا، بل كانت نشأتها تواصلًا مع مسار معين، ولكنها جاءت في لحظة تفتتت فيها حركة القوميين العرب، وأخذت شكل التفتت الإقليمي، إذ لم يعد المركز قائمًا، بعد الاختلافات التي حصلت على إثر هزيمة حزيران (يونيو) 1967. اجتمعت اللجنة التنفيذية وأصدرت كراسًا سمَّته (هزيمة حزيران وتقرير المصير)، وقالت فيه إن البرجوازية فشلت في برنامجها، وهُزِمَت، وكان في الكرَّاس تقييم لتجربة عبد الناصر.

عندما وقع هذا الاشتباك الداخلي والخلاف الفكري، حدث الانقسام وأخذ شكلًا أفقيًّا وعموديًّا في نفس الوقت، بمعنى أن إقليم اليمن، على سبيل المثال، اعتبر نفسه مستقلًا، ولا علاقة له بالمركز، وكل البلدان الأخرى اتخذت القرار نفسه.

أما إقليم فلسطين، وبعد وقوع الانقسامات، فاعتبر أنه لا بد أن يؤسس تنظيمًا يتناسب مع طبيعة المرحلة، وأن يعلن الكفاح المسلح. لكنه لم يكن مقطوع الجذور عن التجربة وبنيتها، خاصة أن الشخص الذي يجمع بين التجربتين موجود، وهو جورج حبش، مؤسس حركة القوميين العرب، ورئيس اللجنة التنفيذية في الحركة، ومؤسس الجبهة الشعبية.

القدس المصدر: القدس
شارك الخبر

إقرأ أيضا