وذكرت صحيفة "الوطن" في تقرير مطول أن الوقائع على الأرض منذ توقيع الاتفاق من قبل الرئيس أحمد الشرع وقائد "قوات سوريا الديمقراطية – قسد" مظلوم عبدي، تؤكد أن القيادة والحكومة السورية اتبعت سياسة "الصبر الوطني" بشأن تنفيذ بنود الاتفاق في حين مارست "قسد" وغطاؤها السياسي المسمى "الإدارة الذاتية"، التسويف والمراوغة.
وأفادت الصحيفة بأن الرئيس الشرع وبعد أشهر قليلة على تحرير سوريا من نظام حكم بشار الأسد الذي صادفت الذكرى السنوية الأولى له في الثامن من ديسمبر 2025، أبدى حرصا واضحا على تعزيز الوحدة الوطنية والجغرافيا السورية، وانطلاقا من ذلك وقع مع عبدي في دمشق في العاشر من مارس 2025 اتفاقا ينص على دمج مؤسسات "الإدارة الذاتية" في وزارات ومؤسسات الدولة السورية، وقد تم تحديد آخر العام الجاري موعدا لاكتمال تنفيذ بنود هذا الاتفاق.
ومنذ توقيع الاتفاق أظهرت القيادة والحكومة السورية حرصا ومرونة لتنفيذه وتجلى ذلك في عقد مسؤولين فيها اجتماعات عدة في دمشق وفي شمال شرق سوريا مع شخصيات من "الإدارة الذاتية"، وذراعها المسلحة "قسد".
وأشار المصدر ذاته إلى أن الأمر وصل إلى أبعد من ذلك، حيث بذلت الدبلوماسية السورية جهودا كبيرة لإقناع تركيا، التي تصنف "وحدات حماية الشعب الكردية" العمود الفقري لـ"قسد" تنظيما إرهابيا وتطالب بحلها وإبعادها عن الحدود وتنفيذ اتفاق العاشر من مارس لكونها تشكل تهديدا للأمن الوطني للبلاد، إقناعها بعدم إجراء أي تحرك عسكري تجاهها على أمل إقناع تلك الإدارة الذاتية و"قسد" بتنفيذ بنود الاتفاق.
وأوضحت الصحيفة أنه وفي المقابل لم تبد "الإدارة الذاتية" و"قسد"، أي بوادر حسنة لتنفيذ الاتفاق، وكانت المماطلة والتسويف والمراوغة ديدنهم، على الرغم من حضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك عددا من الاجتماعات التي ضمت الجانبين في إطار التباحث لتنفيذ بنود الاتفاق.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وصل إلى قيام "الإدارة الذاتية" و"قسد" بتحريض الولايات المتحدة بأن يكون رفع "قانون قيصر" مشروطا، ومحاولاتهم إثارة النعرات الطائفية مجددا، وإرسال رسائل تهديد لدمشق، وهو ما سكبت عليه الإدارة الأمريكية ماء بادرا، وفق "الوطن".
ولفتت الصحيفة السورية إلى أن المسوغات والمبررات التي سوقتها "الإدارة الذاتية" و"قسد"، بأنهم لا يريدون التخلي عن المكتسبات التي حققوها خلال سنوات الحرب في سوريا التي امتدت لـ 14 عاما، مشيرة إلى أنه لا يمكن لعاقل أن يفسرها إلا بأنهم يريدون إقامة "دولة داخل دولة".
وبينت أن "الإدارة الذاتية" و"قسد" يرفضون انضمام عناصر "قسد" بشكل إفرادي إلى الجيش السوري وإنما ككتلة واحدة والبقاء في أماكن سيطرتهم، كما لا يريدون التخلي عن سيطرتهم على المدن والبلدات والقرى الواقعة تحت نفوذهم في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة وريف حلب، ولا يريدون تسليم آبار النفط والغاز للحكومة السورية.
وتقول الصحيفة "إن كل ممارسات "الإدارة الذاتية" و"قسد" تدل على أنهم لا يريدون التخلي عن مشروعهم الانفصالي، وقد دل على ذلك حفر الأنفاق داخل المدن، وهو ما يشير إلى التحضير لمعركة محتملة، وإدخال أعداد كبيرة من مسلحي "حزب العمال الكردستاني" من مناطق قنديل إلى مناطق سيطرتها في الجزيرة السورية، إضافة إلى تجمّع المئات من فلول النظام السابق في الجزيرة السورية وتسليحهم لقتال الحكومة السورية، وتصعيدهم من خطاب الكراهية والتحريض، ودعمهم للتمرد في المنطقة الساحلية والسويداء من قبل العناصر والعصابات الخارجة عن القانون ضد الحكومة السورية، واستهداف عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش السوري على خطوط التماس وفي المناطق ذات السيطرة المشتركة مثل حيي الأشرفية والشيخ مقصود بحلب".
وتضيف "الوطن" أنه ومع وصول "الإدارة الذاتية" و"قسد" إلى طريق مسدود في تنفيذ مشروعهم الانفصالي وخصوصا في ظل الموقف العربي والدولي والعالمي، الداعم لتنفيذ الاتفاق والرافض للتقسيم والانفصال، استنجدوا بالاحتلال الإسرائيلي، حيث أجرى متزعم "قسد" مقابلة مع صحيفة "جيروزالم بوست" العبرية بداية الشهر الجاري، وجدد اللعب على معزوفة إثارة الفتنة والنعرات الطائفية والمذهبية، بزعمه أن هناك ما سماها "مخاوف حقيقية" في اللاذقية وفي السويداء بعد الأحداث التي حصلت هناك، وزعمه بأن الرسالة كانت: "الأكراد فيما بعد".
واختتمت الصحيفة السورية تقريرها بالقول: "فيما يبدو أن "الإدارة الذاتية" و"قسد" تعوّلان على الاستمرار في سياسة التسويف والمماطلة والمراوغة في تنفيذ الاتفاق، حيث صرّح العديد من المسؤولين فيهما قبل بضعة أيام بأن تنفيذ الاتفاق غير مرتبط بمدة محددة، بينما ألمح البعض إلى مسألة تمديد مهلة التنفيذ، وهو أمر وضعه مراقبون في سياق استمرار "الإدارة الذاتية" و"قسد" في المراهنة على "الفتنة" بتصاعد تحركات العصابات الخارجة عن القانون في السويداء والمنطقة الساحلية، على الرغم من أن تلك التحركات فشلت".
وتطرح الصحيفة "تساؤلا اليوم ومع انتهاء المدة المحددة لتنفيذ اتفاق العاشر من مارس، هل الحكومة السورية التي منحت "الإدارة الذاتية" و"قسد" وقتا كافيا للالتزام بتنفيذ بنوده وواصلت التنسيق مع تركيا والولايات المتحدة بشأن ذلك، ستذهب في سياسة "الصبر الوطني" التي تتبعها إلى منحهما مهلة إضافية جديدة للتنفيذ، أم ستلجأ إلى خيار آخر؟.. الجواب في جعبة الأيام القليلة القادمة من العام الجديد".
المصدر: "الوطن"
المصدر:
روسيا اليوم