في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
لا يزال الغموض هو سيد الموقف بشأن اللقاء الذي يجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة ميامي حيث أظهر ترامب ترحيبا وانحيازا كبيرين لضيفه، كما يقول محللون.
فقد تحدث ترامب للصحفيين عن علاقاته الجيدة بنتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- واعتبره "بطل حرب"، وقال إنه مستعد لتوجيه ضربة عسكرية جديدة لإيران إذا حاولت تطوير صواريخها.
كما قال ترامب إن نتنياهو "هو سبب استمرار إسرائيل"، وإنه تحدث مع نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بشأن العفو عن رئيس الوزراء، مؤكدا أنه سمع أن الأمر قيد البحث، وهو ما نفاه هرتسوغ فورا.
وكان لافتا أن ترامب قبل بتقديم موعد اللقاء حتى يتزامن مع نشرة الساعة 8 في إسرائيل، وكأنه تعمد تعزيز مكانة نتنياهو الداخلية، برأي الباحث في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، الذي لم يستبعد -في تحليل للجزيرة- أن يكون هذا المدح مقدمة للحصول على تنازلات من أجل المضي قدما في اتفاق وقف إطلاق النار.
بيد أن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، يرى أن ترامب متقلب ومزاجي ويضفي كثيرا من الغموض على كل شيء، مضيفا أنه "بدا في المؤتمر الصحفي وكأنه منحاز لكل ما يريده نتنياهو".
واستغرب الدويري هذا الموقف من الرئيس الأميركي الذي بدا وكأنه يتنصل تماما من خطة غزة التي تحمل اسمه ويفترض أنه ملتزم بتنفيذها.
أما مستشار الأمن القومي الأميركي السابق مايك فايفل، فقال إن هذا المؤتمر "لم يجب عن الكثير من الأمور بشأن نزع سلاح غزة، وطبيعة قوة الاستقرار الدولية، ومن سيشارك في مجلس السلام الذي سيطبق كل هذا".
وكان ملحوظا، وفق فايفل، أن ترامب تعمد أخذ أسئلة من صحفيين بعينهم بحيث لم يتم طرح الأسئلة التي كان يفترض طرحها، في حين التزم نتنياهو الصمت وكأن العمل الحقيقي -حسب المتحدث- تم مع وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر، بحيث يجري مناقشة التفاصيل في الغرف المغلقة.
ووفق مراسل الجزيرة فادي منصور، فقد أجرى نتنياهو وروبيو لقاء مغلقا اليوم الاثنين، وقد تحدث وسائل إعلام أميركية عن مشاركة ويتكوف وكوشنر.
وكانت المتحدثة باسم نتنياهو قالت إنه سيبحث مع المسؤولين الأميركيين الانتقال للمرحلة الثانية وتحديدا نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومواجهة مخاطر إيران الصاروخية على الولايات المتحدة وليس على إسرائيل فقط، حسب ما نقله منصور.
وقد كتب نتنياهو، على حسابه في منصة "إكس"، أنه أجرى لقاء مع وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين.
في غضون ذلك، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين إسرائيليين أن الوقت "لا يزال مبكرا لتعطيل المسار الذي تقوده واشنطن"، وأن شكوكا تحيط بجدوى خطة ترامب، ولم يستبعد المسؤولون تنفيذ عملية جديدة في غزة.
وتعليقا على هذه الأنباء، قال فايفل، إن ترامب من الناحية العملية لم يطلب من إسرائيل التوقف عن مواصلة القصف، وإن هذه الحرب سوف تستمر بهذا الشكل حتى يتم تشكيل قوة استقرار دولية ونزع سلاح حماس والشروع بإعادة بناء القطاع.
وفي سياق متصل، قالت القناة الـ15 إن نتنياهو سيحاول الحصول على مكاسب يقنع بها شركاءه في الحكومة من أجل الانتقال للمرحلة الثانية.
وكان لافتا -وفق الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي- تجاهل ترامب التام للشعب الفلسطيني حيث ركز على رفات أسير إسرائيلي واحد لا تزال في غزة بينما لم يشر لجثث نحو 700 فلسطيني بينهم أطفال تحتجزها إسرائيل منذ سنوات وبعضها منذ عقود.
ولم يكن حديث ترامب عن إمكانية ضرب إيران مجددا مبشرا أيضا، برأي البرغوثي، الذي استغرب وصف نتنياهو بأنه بطل حرب بينما هو مجرم حرب باعتراف المحكمة الجنائية الدولية.
ومع ذلك، يرى البرغوثي أن حديث ترامب عن إمكانية مشاركة تركيا في قوة الاستقرار الدولية "كان مزعجا لنتنياهو الذي يرفض هذا الأمر تماما"، مشيرا إلى أن هذا الأمر قد يكون رسالة بأن الأمور لن تسير كلها كما تريدها إسرائيل.
ولا يزال الحديث عن جدوى هذا اللقاء مبكرا، كما يقول البرغوثي، مضيفا أن غزة "أرسلت اليوم رسالة واضحة لترامب بأنه لا توجد هزيمة ولا يوجد استسلام، وأن نتنياهو لم يحقق شيئا مما أراد بعد عامين من الحرب".
وأخيرا، قال مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد عطاونة، إن تصريحات ترامب "ليست مبشرة؛ لأنها تبنت كل ما يريده نتنياهو"، معربا عن اعتقاده بأن اللقاء "ربما يفضي لآلية جديدة للانتقال للمرحلة الثانية".
وبنى عطاونة هذه الفرضية على اللقاء السابق الذي جمع ترامب بالوسطاء في فلوريدا قبل أيام، والذي جرى الحديث بعده عن إدارة محلية للقطاع وتشكيل القوة الدولية، فيما تم تجاهل مسألة نزع السلاح.
فأميركا لديها مصالح كبيرة مع دول مهمة منخرطة في الوساطة مثل قطر ومصر وتركيا والسعودية، ومن ثم فهي تبحث عن توازن في المواقف "قد يفضي لنتائج لا تتماشى مع حديث ترامب وهو يقف إلى جانب نتنياهو"، كما يقول عطاونة.
المصدر:
الجزيرة