في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
رصدت كارين دي يونغ كبيرة المتخصصين في شؤون الأمن القومي بصحيفة واشنطن بوست، كيف تحولت سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه فنزويلا في ولايته الثانية، من حملة معلنة لمكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير النظامية ، إلى مواجهة مفتوحة مع نظام الرئيس نيكولاس مادورو .
ومع تجاوز حصيلة القتلى في الضربات الأميركية البحرية حاجز الـ100، وتوسيع الحصار على صادرات النفط الفنزويلية، تبدو خيارات ترامب آخذة في التقلص، بين التصعيد نحو تغيير النظام أو التراجع مع ما يحمله ذلك من كلفة سياسية.
وتوضح دي يونغ أن التصعيد العسكري والاقتصادي الذي يقوده الرئيس ترامب ضد فنزويلا وصل إلى نقطة مفصلية، باتت فيها خيارات الإدارة الأميركية محدودة ومحفوفة بالمخاطر.
فما بدأ على المستوى الخطابي كحملة لوقف تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية، تحول تدريجيا إلى مواجهة مباشرة تستهدف بقاء نظام الرئيس مادورو.
وكان الرئيس الأميركي قد صرح بأنه لن يسمح لأحد بخرق الحصار على فنزويلا، وذلك بعد أن أمر، في وقت سابق الأربعاء، بفرض حصار على جميع "ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات" المتوجهة إلى فنزويلا. في الأثناء رفض مجلس النواب الأميركي ، بفارق ضئيل، قرارين يسعيان إلى تقييد حملة ترامب على فنزويلا.
وفي تصعيد جديد، فرض ترامب حصارا شاملا على دخول ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات إلى فنزويلا وخروجها منها، وأعلن تصنيف نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو منظمة إرهابية.
واستهلت دي يونغ مقالها التحليلي مشيرة إلى أن ترامب أعلن أنه نجح في تقليص تهريب المخدرات بحرا إلى الولايات المتحدة بنسبة 94%، وأنهى عبور المهاجرين غير النظاميين عبر الحدود.
ووفقا للمقال، سرعان ما قدم الرئيس مبررا جديدا للتصعيد، متهما فنزويلا بأنها سرقت نفطا وأراضي وأصولا أميركية منذ عقود، في إشارة إلى سياسات التأميم التي انتهجتها كراكاس وفسخها عقودا مع شركات نفط أميركية. وهدد ترامب بأن الحشود العسكرية الأميركية في الكاريبي ستتوسع، ما لم تعاد تلك الأصول فورا.
فرض ترامب حصارا شاملا على دخول ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات إلى فنزويلا وخروجها منها، وأعلن تصنيف نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو منظمة إرهابية.
وبحسب دي يونغ، نفذت القوات الأميركية حتى الآن 28 ضربة ضد قوارب تقول واشنطن إنها مرتبطة بتهريب المخدرات، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 104 أشخاص.
وبالتوازي مع ذلك، أعلنت الإدارة الأميركية ما يشبه حصارا أحادي الجانب على السفن التي تنقل النفط الفنزويلي الخاضع للعقوبات. وترى الكاتبة أن هذه الخطوات أنهت عمليا أي ادعاء بأن الهدف يقتصر على مكافحة المخدرات أو الهجرة، لا سيما بعدما صرح ترامب بأن "أيام مادورو باتت معدودة"، ورفض استبعاد خيار الحرب.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع وصفته بأنه على دراية بأسلوب تفكير الإدارة الأميركية، القول إن مادورو قائد لما يسمى " كارتل الشمس "، متهمة مسؤولين فنزويليين كبارا بالتورط في تهريب المخدرات والبشر لتمويل هجمات إرهابية.
غير أن مادورو لا يزال في موقعه، ما يجعل خيارات ترامب "ضيقة جدا"، وفق خبراء ومسؤولين سابقين نقلت عنهم واشنطن بوست.
وتقول دي يونغ في مقالها، إنه إذا لم تؤد الضربات البحرية ومصادرة شحنات النفط إلى دفعه للتنحي، فلن يبقى أمام واشنطن سوى خيارين: إما الانسحاب وإعلان نصر جزئي، أو السعي لتغيير النظام بالقوة. لكن غزوا بريا محتملا يتناقض -برأيها- مع تعهد ترامب المتكرر بـ"عدم خوض حروب جديدة"، وينطوي على خطر سقوط قتلى أميركيين.
ويسلط المقال الضوء على الانقسام داخل الكونغرس. فبينما يعارض بعض المشرعين استمرار العمليات العسكرية بدون تفويض تشريعي، يدعو آخرون إلى الحسم.
ويبرز في هذا السياق موقف السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام ، الذي يرى أن السماح لمادورو بالبقاء بعد هذا الاستعراض للقوة سيكون خطأ إستراتيجيا، على الرغم من اعترافه بأن الإدارة لم توضح صراحة ما إذا كان إسقاط مادورو هدفا معلنا.
تخلص دي يونغ إلى أن سياسة ترامب تجاه فنزويلا تحولت إلى مقامرة عالية المخاطر، قد تقود إلى صراع إقليمي، في حين بات على الرئيس أن يختار قريبا بين التصعيد أو الانسحاب
وتتعمق دي يونغ في الدوافع السياسية الأوسع لهذا التصعيد. وتقول إن إستراتيجية الأمن القومي الجديدة لإدارة ترامب تعيد تركيز الاهتمام على نصف الكرة الغربي، وتربط التعاون مع واشنطن بمبدأ "أميركا أولا".
وبالنسبة لوزير الخارجية ماركو روبيو ، يشكل إسقاط نظام مادورو وسيلة غير مباشرة لتقويض النظام الشيوعي في كوبا التي تعتمد اقتصاديا على النفط الفنزويلي.
على الصعيد الداخلي، تلعب سياسة الهجرة دورا محوريا. إذ تنقل كاتبة المقال عن ستيفن ميلر، نائب كبير موظفي البيت الأبيض ، وصفه المهاجرين الفنزويليين بأنهم يشكلون تهديدا أمنيا، مكررا مزاعم ترامب بأن مادورو أرسل مجرمين إلى الولايات المتحدة، وهي ادعاءات لا تدعمها تقييمات الاستخبارات الأميركية .
ويختلف هذا الخطاب جذريا عن موقف إدارة ترامب في ولايته الرئاسية الأولى، التي وصفت الفنزويليين آنذاك بأنهم فارون من الانهيار الاقتصادي والقمع السياسي.
ويضع المقال الأزمة الحالية في سياق تاريخي، مذكرا بمحاولات ترامب السابقة لإسقاط مادورو عبر العقوبات والدعم الدبلوماسي للمعارضة، والتي فشلت في النهاية. أما اليوم، فتشير دي يونغ إلى أن ترامب يبدو أكثر تصميما، ومحاطا بمستشارين أقل تحفظا حيال استخدام القوة.
وتخلص دي يونغ إلى أن سياسة ترامب تجاه فنزويلا تحولت إلى مقامرة عالية المخاطر، قد تقود إلى صراع إقليمي أو تراجع سياسي، في حين بات على الرئيس أن يختار قريبا بين التصعيد أو الانسحاب، مع ما يحمله كل خيار من أثمان باهظة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة