آخر الأخبار

لماذا اهتمت وسائل الإعلام الغربية فجأة بالسودان؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

خلص الكاتب باري مالون في مقاله على صحيفة "ميدل إيست آي" إلى أن الإعلام الغربي لم يبدِ أي اهتمام بحرب السودان المتواصلة منذ نحو عامين ونصف العام، إلا حين علِق مواطنون أجانب بيض في بدايتها، بينما تجاهل لاحقا المجازر والكارثة الإنسانية التي أصابت السودانيين.

ورأى أن جذور المشكلة تعود إلى نظرة عنصرية دفينة لدى الإعلام الغربي، إذ لا يعطي أولوية لحياة غير البيض في التغطية، لافتا إلى حدوث العكس في الغزو الروسي لأوكرانيا .

واستدعى الكاتب لحظة تصدّر أخبار السودان في أبريل/نيسان عام 2023، الصفحات الأولى والنشرات التلفزيونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وكانت الحرب اندلعت للتو بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وكان الناس يفرون من العاصمة الخرطوم والخطر يحدق في كل زاوية.

أُجلي الأجانب من السودان فلا داعي للتغطية

واستدرك بالقول "لكن لم يكن هذا ما جذب انتباه وسائل الإعلام الغربية"، مشيرا إلى أن محور تغطيتهم المستمرة آنذاك كان عن الأجانب، ومعظمهم من البيض، الذين وقعوا في خضم اندلاع المعركة المفاجئة "كيف سيخرجون من هذا البلد الأفريقي الذي مزقته الحرب؟".

وكتب كيف قامت فرنسا آنذاك بعملية في السودان لإجلاء المئات، كما نقلت الولايات المتحدة موظفي سفارتها جوا، وأرسلت المملكة المتحدة 6 طائرات لنقل البريطانيين العالقين.

وأشار مالون إلى أن الإعلام الغربي قابل الأجانب الذين جرى إجلاؤهم عند وصولهم إلى بلدانهم الأصلية، لكن مع عودتهم إلى حياتهم الطبيعية، فقدت وسائل الإعلام الدولية اهتمامها تدريجيا بالسودان، وتساءل "ماذا بقي؟ أفارقة يقتلون أفارقة، لا أحد يهتم".



كوارث غير مسبوقة بلا تغطية

وذكّر الكاتب بويلات الحرب وتداعياتها الكارثية، إذ قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وأُجبر 12 مليونا على الفرار من ديارهم، في حين مات الناس جوعا بينما كانت وكالات الإغاثة تكافح لمواكبة المجاعة .

إعلان

وسرعان ما أصبح السودان أحد أسوأ الأزمات الإنسانية على هذا الكوكب، ولكن لم يكن مستهلكو الأخبار أو الناس في الشارع على علم بذلك.

وفي أواخر الشهر الماضي، وبعد حصار دام 18 شهرا، استولت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، التي كانت آخر معقل للجيش السوداني في منطقة دارفور، ثم أريقت الدماء على نطاق واسع، واعترف عناصر الدعم السريع أنفسهم علنا بأنهم يرتكبون إبادة جماعية .

وبيّن مالون أنه حين بدأ الصحفيون والناشطون السودانيون في دق ناقوس الخطر، وتزايدت الانتقادات الموجهة إلى دولة إقليمية، لم يعد بإمكان وسائل الإعلام الغربية تجاهل الوضع.

وفجأة -تابع الكاتب- رأى الجميع تقارير ومقالات رأي وتحليلات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تناولت آثار الحرب وتساءلت عن سبب تورط الراعي الإقليمي لقوات الدعم السريع فيها.

وعلق قائلا "كانت هناك تغطية رائعة، لكن المشكلة أنها جاءت متأخرة".



صحفيون شجعان

وقال مالون إن ثمة صحفيين سودانيين عملوا في ظل مخاطر كبيرة على أنفسهم، وغطوا الأحداث بشجاعة على الرغم من علمهم بأنهم سيواجهون لامبالاة العالم، مشيدا بعمل مراسلة قناة الجزيرة الإنجليزية، السودانية هيبا مورغان، ومراسلة قناة سكاي نيوز، السودانية يسرى الباقر، والصحفية في قناة 4 نيوز ليندسي هيلسوم.

وأشار إلى أن الأخبار من أفريقيا كانت تنشر في أعماق مواقع الويب الخاصة بالمؤسسات الإعلامية الدولية، أو تُخصص لها دقيقتان في نهاية نشرة الأخبار، ولا تتصدر العناوين الرئيسية، ونادرا ما تُبث تقارير مباشرة من عواصم القارة.

لماذا غطوا فلسطين وأهملوا السودان؟

وعدّد الكاتب أحداثا عاصفة جرت في أفريقيا دون أن تحظى بتغطية مناسبة من قِبل الصحف والمؤسسات الدولية الكبرى، وتساءل "لماذا يصعب إقناع صانعي القرار في تلك المؤسسات بالاهتمام؟" ثم سرد مبررات شائعة مثل صعوبة الوصول إلى هذه الأماكن، أو أن القصص في أفريقيا معقدة للغاية.

وتابع "سيقولون إن إسرائيل و فلسطين تحظيان بتغطية إعلامية لأن القوى الغربية متورطة بشكل مباشر، لأنها حليفة إسرائيل الرئيسية، ولأن الإبادة الجماعية ما كانت لتحدث لولاهم"، وقال "أتعاطف مع هذا الرأي إلى حد ما، فهو صحيح جزئيا".

لكنْ هناك عامل آخر، يقول مالون، إذ يعتبر العديد من الصحفيين البيض أنفسهم جزءا من الإسرائيليين، ويُنظر إلى المجتمع الإسرائيلي في الأساس على أنه غربي، وأضاف "كما أن أعداءهم من الشعب الفلسطيني جُردوا من إنسانيتهم تماما من قبل هؤلاء الصحفيين أنفسهم والمؤسسات التي توظفهم".

أوكرانيا: سقط القناع

ويرى الكاتب أن "القناع سقط" في عام 2022 عندما غزت روسيا أوكرانيا، وبدأ الناس في الفرار من تقدم موسكو، إذ كانت اللغة التي استخدمها المراسلون والمذيعون البيض آنذاك واضحة.

وقال إن أوكرانيا لم تكن مثل العراق أو أفغانستان، فالأوكرانيون كانوا "متحضرين وأوروبيين ويشاهدون نتفليكس ولديهم إنستغرام ، ويشبهوننا".

إعلان

وخلص مالون إلى أن عنصرية الصحفيين الغربيين أصبحت واضحة، مشيرا إلى أنها غالبا ما تكون خفية، وهي التي تحدد القصص التي تُغطى أو يجري تجاهلها.

وختم بالقول "لم يكن من المفترض أن يتطلب الأمر اندلاع مذبحة عِرقية حتى تستيقظ وسائل الإعلام الكبرى"، وأضاف "إذا كنت تدعي إنتاج أخبار دولية، فعليك أن تعامل حياة غير البيض بنفس الطريقة التي تعامل بها حياة البيض، لأنهم لا يقلون أهمية عنهم".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا