ترامب يهدّد بتوسيع الضربات في فنزويلا.. وزارة العدل الأميركية تُبلغ الكونغرس أن الرئيس يستطيع مواصلة ضرباته العسكرية دون الحصول على تفويض | #تقرير: فرح الزمان شوقي#الأخبار pic.twitter.com/0KapXSmfG6
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 3, 2025
واشنطن- في حوار لـلجزيرة نت، قال المسؤول الاستخباري الأميركي السابق فولتون أرمسترونج، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تهدف من عملياتها الجارية ضد فنزويلا إلى إظهار قوّتها بمعاقبة الرئيس نيكولاس مادورو أو إطاحته، ومن ورائه إسقاط كوبا لكسب مزيد من الدعم من الأميركيين عامة.
كما تهدف -وفقا له- إلى صرف الانتباه عن قضية " ملفات جيفري إبستين "، وارتفاع التضخم ، و الإبادة الجماعية في غزة ، والحرب في أوكرانيا. وكذلك الدفع ب كراكاس للحد من المخدرات غير المشروعة التي يجري إدخالها ل لولايات المتحدة ، رغم عدم مرور مخدر "الفنتانيل" عبر فنزويلا.
وبعد تقاعده من العمل الاستخباري الذي امتد على مدار ثلاثة عقود في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية " سي آي إيه "، ينقل أرمسترونج خبرته لأجيال جديدة من خلال تدريسه بكلية العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية بواشنطن.
وكان قد شغل عدة مناصب حكومية رفيعة ككبير الخبراء المسؤولين عن أميركا اللاتينية في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بين عامي 2008 و2011، وبالبيت الأبيض في منصب مدير شؤون دول أميركا الوسطى والجنوبية.
منذ لجوء إدارة ترامب لمهاجمة مراكب في البحر الكاريبي و المحيط الهاد ئ تحت غطاء حربها لمكافحة "إرهاب المخدرات الهادف للإضرار بالشعب الأميركي" في الأسابيع الأخيرة، تتحسب الدوائر الأميركية للعمل العسكري ضد فنزويلا.
وقبل أسبوعين، صرح ترامب بأنه يتطلع إلى ضرب أهداف على الأرض داخل فنزويلا، مما دفع محللين للتقدير بأن مهاجمة منشآت عسكرية داخلها أصبح مسألة وقت، وقد تأتي في أي لحظة.
وتعليقا على ذلك، قال أرمسترونج "تأثرت بالعقود التي قضيتها ضابط استخبارات، رأيت خلالها سياسات غبية للغاية مثل هذه المتعلقة حاليا بفنزويلا".
وأضاف "خلال عهد الرئيس جورج بوش الأب، عندما كان السياسيون مقتنعين بأننا نستطيع أن نفجّر بسهولة مقر إقامة الرئيس البنمي مانويل نورييغا ، والاعتماد على عدد من ضباط الجيش ممن جندناهم للعمل معنا. لكن ما حدث أنه قُتل عدد منهم، والباقي كانوا مزيفين أو مزدوجي الولاء. انتهى بنا الأمر بغزو دولة مستقلة، واقتحام أحياء بأكملها وتفجيرها، فقط للقبض على رجل واحد".
وفي حالة بنما ، اتهمت واشنطن عام 1989 نورييغا بتجارة المخدرات وبتهريبها إلى السوق الأميركية، وب غسيل الأموال . كما ادعت أنها تهدف إلى دعم الديمقراطية فيها بعد تبنيه سياسات قمعية ضد معارضيه. وأمر بوش الأب بغزو البلاد في 20 ديسمبر/كانون الأول 1989 للقبض على نورييغا، واستمرت العملية 6 أسابيع رغم أن القتال الكبير انتهى في غضون أيام قليلة.
وأرسلت الولايات المتحدة نحو 27 ألف جندي، وشنت هجمات على المنشآت العسكرية ومراكز القيادة وقوات الدفاع البنمية. وقتل أكثر من 300 مدني بنمي ونحو ألف جندي، في حين قتل 23 جنديا أميركيا.
ولجأ نورييغا إلى سفارة الفاتيكان ، وبعد أيام من الضغط الأميركي، استسلم في 3 يناير/كانون الثاني 1990، ونُقل للمحاكمة في ولاية فلوريدا ، حيث أدين بتهم المخدرات.
وتحدث أرمسترونج عن إعادة دورة التاريخ دون أن يتعلم صانع القرار الأميركي تبعات قرارته الخطرة، وقال "أنا متأثر أيضا بتجربتي في مشاهدة سياسيين أميركيين حاليين، والعديد من البيروقراطيين الذين يتفقون معهم، وعدد من المهنيين كذلك، الذين يحاولون تخريب جهود الآخرين لتحقيق الاستقرار في العلاقة وإيجاد طرق للمضي قدما دون اللجوء للقوة".
وتابع "العلاقة مع كوبا نموذج عمره 64 عاما من الفشل. بالمثل لم نتمكن نحن من تبني سياسة فعالة تجاه فنزويلا لسنوات، على الأقل 25 عاما، وهذا وقت طويل كافٍ لإظهار أن قدرة واشنطن على إسقاط نظامها الحاكم، ومعها الهياكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، أقل كثيرا من قدرتنا على ذلك".
يُذكر أنه بعد نجاح الثورة الكوبية عام 1959 بقيادة فيدل كاسترو في الإطاحة بالرئيس فولغينسيو باتيستا الموالي لواشنطن، أمّم نظام كاسترو الشركات المملوكة للولايات المتحدة والتي سيطرت وتحكمت في اقتصاد هافانا.
وتحالف لاحقا مع الاتحاد السوفياتي مما أثار قلق واشنطن التي دعمت في عهد الرئيس جون كينيدي خطة لغزو كوبا باستخدام المنفيين الكوبيين الذين دربتهم وكالة الاستخبارات المركزية بإشعال انتفاضة شعبية لإطاحة كاسترو.
إلا أن الخطة فشلت وسحقتها قوات كاسترو في غضون 3 أيام، وهو ما سبب إحراجا كبيرا لواشنطن ففرضت عقوبات منذ ذلك الحين على كوبا وقطعت علاقتها معها، وأصبحت هافانا أقرب إلى الاتحاد السوفياتي، فروسيا، ثم الصين حاليا.
وأشار أرمسترونج إلى أن فنزويلا لا تشكل تهديدا كبيرا لأمن الولايات المتحدة القومي "أو حتى لأصدقائنا وحلفائنا في أميركا اللاتينية، التي خطيئتها الرئيسية هي أنها لم تتحرك في الاتجاه الذي تريده واشنطن. عندما حاولنا أن نملي الشروط على الرئيسين السابق هوغو شافيز والحالي نيكولاس مادورو، إلا أنهما رفضا. الحكومات الأميركية لا تحب الأشخاص الذين يتحدوننا".
وأوضح "قد نقبل ذلك من دول كبرى مثل الصين أو مؤثرة مثل السعودية، ولكن ليس مع الدول الصغيرة، خاصة في منطقة عرفت بهيمنة أميركية عليها طبقا لمبدأ مونرو، هذا هو الحال مع نصف الكرة الأرضية المعروف باسم الأميركيتين".
وذكر أن "التصعيد في حرب المخدرات لا يبدو قاسيا فقط. أليس هذا غطاء للهدف الأكثر أهمية المتمثل في إطاحة رجل سيء في فنزويلا، وفي حسابات مسؤولين ك روبيو تأتي كوبا أيضا. كانت تصريحات ترامب في مقابلته مع برنامج "60 دقيقة" يوم الأحد الماضي غير متماسكة، لكن عند مشاهدتها شعرت بأنه يحاول فعلا تحقيق تغيير النظام في كراكاس".
وتابع "سواء كان مؤقتا فقط أم لديه خطة واضحة، فإن التصعيد الأكثر ترجيحا هو تفجير القوارب الصغيرة في محاولة لزعزعة حكومة مادورو. وترامب لم ينجح بعد".
وحذّر من الاعتماد على العملاء خاصة مع زيادة الحديث عن الأشخاص الذين سيعملون بين ضباط جيش فنزويلا مع الاستخبارات الأميركية من خلال عمليات سرية لاستغلال أي ضعف من مادورو، وحشد الضباط غير الراضين لإطاحته.
تحدث أرمسترونج عن هدفين أميركيين في العمليات الجارية ضد كراكاس:
واعتبر أرمسترونج أن "المكافأة البالغة 50 مليون دولار على رأس مادورو لا يبدو أنها كانت جذابة بما فيه الكفاية. ليس لدينا طريقة لمعرفة ما إذا كانت وكالة الاستخبارات لديها مثل هؤلاء العملاء. وسيكون من الصعب تحقيق ذلك لأنه ليس لدينا سفارة هناك ولا تجارة ولا تفاعل ثنائي، وربما فقط الحد الأدنى من التفاعل يتم عبر دول ثالثة".
وهذا يعني، يقول أرمسترونج "أننا سنعتمد على الوسطاء الذين من المعروف أنهم غير موثوق بهم ويسهل علينا وعلى نظام مادورو كذلك التلاعب بهم".
والحشد الأميركي العسكري الضخم، دعمته مغادرة حاملة الطائرات الأميركية " يو إس إس جيرالد فورد " البحر المتوسط، يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول، متوجهة إلى البحر الكاريبي للانضمام إلى الأصول العسكرية الأميركية الأخرى المنتشرة في المنطقة المجاورة لفنزويلا.
كما أن لواشنطن عشرات من صواريخ " توماهوك " توجد على متن طرّادات في هذا البحر. وهناك 10 طائرات من طراز " إف-35 " في جزيرة بورتوريكو التابعة للسيادة الأميركية.
ودفع توسع هذا الانتشار العسكري لزيادة التكهنات بأن إدارة ترامب قررت أنها لا تستطيع القضاء على عصابات تهريب المخدرات الفنزويلية دون إزاحة الرئيس مادورو.
ويرى أرمسترونج أنه إذا لم يدفع تفجير القوارب الصغيرة مادورو لارتكاب خطأ يدفع بجيشه للانقلاب عليه، فإن التصعيد المحتمل سيشمل ضربات بطائرة بدون طيار وهجمات صاروخية ضد منشآت عسكرية أو حكومية يمكن أن يدعي الجانب الأميركي أن لديه معلومات عن تورطها في "إرهاب المخدرات".
وقال "أعتقد أن احتمال هذا السيناريو لا يزال منخفضا جدا، وإذا لم يفلح، فإن خوف ترامب من التورط في حرب طويلة، وحاجة روبيو الماسة للمصداقية، قد تدفع تجاه نوع من التحرك بالعمليات الخاصة. قد يقنعون أنفسهم أنها ستكون عملية خاطفة، لكن مادورو ودائرته المقربة سيكونون مستعدين بالتأكيد وستسيل الدماء. قد نكون قادرين بعد ذلك على إشعال نوع من الحرب الأهلية ، لكنني لا أعتقد أن هذا سيناريو جذاب حتى بالنسبة لترامب وروبيو".
وأشار أرمسترونج إلى أنه لا يمكن كذلك ضمان نجاح سيناريو خطف مادورو، إذ قد لا يؤدي ذلك إلى حكومة مستقرة موالية لواشنطن ومؤيدة لترامب، "رفاقنا المعترف بهم وتحبذهم واشنطن، مثل زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو الحاصلة على جائزة نوبل للسلام لن يدوموا يوما واحدا. نحن نحبها لكن معظم الفنزويليين لا. هناك قادة في المعارضة ممن يتمتعون بشرعية ودعم أكثر منها بكثير".
وفي الوقت الذي نقلت فيه صحيفة واشنطن بوست عن مصادر مطلعة "إن الإدارة الأميركية أبلغت الكونغرس بأنها لا تعتبر ضرباتها العسكرية ضد مهربي المخدرات في الكاريبي وفنزويلا نزاعا عسكريا مستمرا، وبالتالي ليست ملزمة بالحصول على موافقته وفقا لقانون صلاحيات الحرب لعام 1973، لا يرى أرمسترونج أي حاجة لترامب للذهاب للكونغرس.
وقال "بالنسبة لدستورية شن هجمات على القوارب أو داخل الأراضي الفنزويلية، فإن القراءة البسيطة لقوانين قرار سلطات الحرب تُمكن السياسيين والفقهاء الدستوريين من اللعب بالكلمات، ولكن يجدر بنا أن نتذكر أن الحرب قرار يملكه الرئيس طبق المادة الأولى من الدستور، والتي أعتقد أنها لا تزال قوية".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة