تعمل الحكومة الأفغانية على تنفيذ مشروع ضخم يعرف باسم قناة قوش تيبه، من أجل مكافحة انعدام الأمن الغذائي المتفاقم بفعل تغير المناخ، ولكن المشروع يثير بعض المخاوف بقدر ما يولد من آمال كبيرة.
بهذه المقدمة، افتتحت صحيفة لوتان -تقريرا بقلم مارغو دافييه- أوضح فيه أن هذه القناة تستمد مياهها من نهر جيحون ( آمو داريا )، أحد أهم الأنهار في آسيا الوسطى، ومن المتوقع أن تروي نحو 500 ألف هكتار من الأراضي الجافة في شمال أفغانستان، في مسعى لتحويلها إلى مساحات زراعية خصبة.
ووصفت الكاتبة الوجوه المتعبة والأمل الجديد في قرية قرشي غاك بولاية بلخ، حيث ينهمك حامد الله وأقاربه في العمل بالطين مستخدمين أدواتهم البسيطة لبناء جدران جديدة من الطوب المحلي.
وذكرت مارغو دافييه بهجرة آلاف العائلات بعدما قضى الجفاف على المحاصيل ومصادر الدخل، مشيرة إلى أنه مع اقتراب انتهاء أعمال قناة قوش تيبه، يتجدد الأمل في عودة الحياة إلى الأرض، يقول حامد الله "اثنان من إخوتي هاجرا إلى تركيا قبل 10 سنوات وقد يعودان قريبا. نحن هنا لنبني لهما بيتا كي يستقرا هنا".
وينظر إلى هذا المشروع -حسب الصحيفة السويسرية- على أنه أمل كبير للمزارعين الذين عانوا من الجفاف المتكرر وندرة المياه، خاصة أن ملايين الأفغان يعانون من تراجع حاد في الإنتاج الزراعي، حيث يعتمد نحو 80% من السكان على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش.
وبسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، أصبح 23 مليون أفغاني في حالة انعدام أمن غذائي حاد، مما أدى إلى نحو 400 ألف حالة نزوح بسبب الكوارث المناخية في عام 2025 وحده، ولكن كثيرا من القرويين بدؤوا يعودون إلى مناطقهم على أمل أن تحسن القناة من ظروفهم المعيشية.
بدأت فكرة القناة -حسب الصحيفة- منذ السبعينيات، ولكنها تعطلت بسبب الغزو السوفياتي والحروب المتتالية، وقد أُعيد إحياؤها في عهد الرئيس السابق أشرف غني عام 2017، وتولت طالبان مواصلتها بعد عام 2021، معلنة أن 80% من المرحلة الثانية قد أُنجزت، مع هدف إتمام المشروع عام 2028.
يبقى مشروع قوش تيبه بالنسبة للحكومة الأفغانية رمزا للطموح والسيادة الوطنية، ولو على حساب مخاطر بيئية مستقبلية لا تزال غير محسوبة بالكامل
ومع كل ما يبعثه هذا المشروع من أمل لدى الشعب، ورمزية لدى الحكومة التي تسعى لاستخدامه لتحسين صورتها دوليا، فإن بعض المخاوف ترافق تطوره -حسب الصحيفة- حيث يحذر خبراء، يرون أنه لا يلتزم بالمعايير الهندسية الحديثة، من أنه قد يؤدي إلى أضرار بيئية خطيرة، كتملح التربة وتسرب المياه.
ومع ذلك تؤكد الحكومة الأفغانية التي تسعى من خلال هذا المشروع إلى إظهار قدرتها على إطلاق مشاريع بنية تحتية كبرى تخدم الشعب، بعد عقود من الحروب والفقر، أن هذه القناة ستحدث "ثورة زراعية" وتسهم في خلق حزام أخضر يقلل التلوث ويحسن المناخ المحلي.
ولكن على المستوى الإقليمي، قد يتحول المشروع -حسب الصحيفة- إلى بؤرة توتر مائي بين أفغانستان ودول آسيا الوسطى التي تعتمد بدورها على مياه نهر آمو داريا، والتي ترى أن سحب المياه من النهر نحو القناة قد يؤدي إلى انخفاض بنحو 3 كيلومترات مكعبة إضافية سنويا.
وفي ظل غياب اتفاقيات واضحة لتقاسم المياه، يخشى مراقبون أن يعمق المشروع أزمات الجفاف والتنافس الإقليمي، بدل أن يقدم حلا مستداما لأزمة المناخ في المنطقة.
ومع ذلك، يبقى مشروع "قوش تيبه" بالنسبة للحكومة الأفغانية رمزا للطموح والسيادة الوطنية، ولو على حساب مخاطر بيئية مستقبلية لا تزال غير محسوبة بالكامل.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة