في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد أكثر من 7 عقود على تأسيس الأمم المتحدة، لا تزال القارة الأفريقية، التي تضم 54 دولة وتشكل أكثر من ربع أعضاء الجمعية العامة، محرومة من عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، الهيئة الأعلى لصنع القرار في النظام الدولي .
هذا التهميش التاريخي يتناقض مع الواقع العملي للمجلس، حيث خصص في عام 2023 أكثر من ثلث جلساته لقضايا أفريقية، واتخذ نصف قراراته بشأنها، مما يعكس مركزية القارة في أجندة الأمن الدولي، ويعزز من مشروعية مطالبها بتمثيل دائم.
في أغسطس/ آب 2024، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش غياب أفريقيا عن العضوية الدائمة بأنه "أكبر ظلم"، بينما أعلنت الولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه دعمها منح أفريقيا مقعدين دائمين، مما أعاد النقاش حول إصلاح المجلس إلى الواجهة.
ويأتي هذا الحراك في سياق مطالب أفريقية متراكمة، أبرزها "توافق إزولويني" و"إعلان سرت" لعام 2005، اللذان يدعوان إلى تمثيل كامل للقارة في أجهزة صنع القرار، بما في ذلك حق النقض .
في ظل غياب آلية رسمية لاختيار ممثل دائم لأفريقيا، تتنافس عدة دول على هذا الموقع الإستراتيجي، مستندة إلى معايير القوة الناعمة والنفوذ الإقليمي والدبلوماسية الفاعلة.
– جنوب أفريقيا : بفضل وزنها الاقتصادي والسياسي ودورها التاريخي في دعم قضايا القارة.
– نيجيريا : الأكبر سكانا في أفريقيا، وذات اقتصاد نفطي قوي، وتمثيل متكرر في المجلس.
– مصر : بثقلها الجيوسياسي ودورها المحوري عربيا وأفريقيا، وخبرتها الدبلوماسية والعسكرية.
– إثيوبيا: رمز للاستقلال، وتضم مقر الاتحاد الأفريقي، ولها نفوذ في القرن الأفريقي .
– المغرب: ثاني أكبر مستثمر أفريقي، بعلاقات دولية قوية مع الغرب، ودور متنام في القضايا الإقليمية.
ويخضع اختيار الدولة أو الدول لتمثيل أفريقيا لفحص دقيق لعدة معايير، أبرزها القدرة على تمثيل القارة، والوزن الجيوسياسي، والشرعية الإقليمية والدولية، والمساهمات في حفظ السلام.
– المقعد الدائم الكامل مع حق النقض: يمثل الموقف الرسمي للاتحاد الأفريقي، ويستند إلى دوافع إصلاحية وديمغرافية.
لكن هذا السيناريو يواجه عقبة قانونية كبرى، إذ يتطلب تعديل ميثاق الأمم المتحدة بموافقة ثلثي الأعضاء، بما في ذلك الدول الخمس الدائمة، التي ترفض تقليص امتيازاتها.
– المقعد الدائم دون حق النقض: طرحته الولايات المتحدة كحل وسط، ويُعدّ أكثر واقعية، رغم طابعه التمييزي.
وقد يشكل خطوة أولى نحو تمثيل دائم، ويفتح الباب أمام إصلاح تدريجي.
– التمثيل الجماعي أو المقاعد الدائرية: يقترح منح مقعد دائم للاتحاد الأفريقي أو تناوب مجموعة من الدول عليه، لتجاوز التنافس بين القوى الكبرى في القارة.
يسعى المغرب إلى الحصول على عضوية دائمة في مجلس الأمن ، كجزء من رؤيته الإستراتيجية لتعزيز مكانته الدولية.
ورغم أن هذا الطموح يصطدم بعقبات هيكلية، أبرزها ضرورة موافقة الدول الخمس الدائمة، فإن المملكة تراهن على 3 مسارات متكاملة:
– التمثيل الإقليمي: يدعم المغرب مطالب أفريقيا والعرب، ويقدم نفسه كمرشح طبيعي من خلال دوره القيادي، خاصة في ظل تنامي شرعية خطته للحكم الذاتي في الصحراء، وتأييد دول غربية لها.
– الإصلاح التدريجي: يراهن المغرب على التراكم الدبلوماسي، كما حدث في 2011 حين فاز بمقعد غير دائم، ويواصل بناء تحالفات داخل المنظومة الأممية.
– تعزيز القوة الشاملة: عبر تطوير الاقتصاد، وجذب الاستثمارات، والمشاركة في حفظ السلام، ومكافحة التطرف، وتقديم نموذج الإسلام المعتدل، مما يزيد من رصيده الدولي.
– الإجماع الدولي: يتطلب الحصول على العضوية الدائمة موافقة الدول الخمس الكبرى، وهو أمر نادر في ظل التباينات الجيوسياسية.
– المنافسة الإقليمية: المغرب يواجه منافسة قوية من دول أفريقية أخرى، مما يتطلب بناء تحالفات وتقديم نفسه كبديل متوازن.
– القضايا العالقة: قضية الصحراء، رغم التقدم الدبلوماسي، تبقى نقطة خلاف قد تُستخدم ضد طموحاته.
ويمكن للمغرب زيادة فرصه، من خلال اتباع إستراتيجية متعددة المسارات وهي:
– تعزيز دوره القيادي في أفريقيا والعالم العربي، عبر المشاركة الفاعلة في حفظ السلام، والتعاون الإقليمي.
– بناء علاقات إستراتيجية مع الدول الخمس الدائمة، والتركيز على مجالات مشتركة مثل مكافحة الإرهاب والطاقة.
– معالجة قضية الصحراء بدبلوماسية نشطة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
– تقوية الأسس الداخلية، عبر التنمية الاقتصادية والاستثمار في الطاقة المتجددة والأمن الغذائي .
وعليه فإن الطريق نحو عضوية دائمة في مجلس الأمن طويل ومعقد، لكنه ليس مستحيلا.
يمتلك المغرب أساسا قويا يمكن البناء عليه، وإستراتيجية واضحة تركز على تعزيز المكانة الإقليمية والدولية، وبناء تحالفات، ومعالجة التحديات بمرونة.
النجاح في هذا المسعى سيعزز من نفوذ المغرب الدولي، ويعود بالنفع المباشر على أمنه الوطني وازدهاره الاقتصادي، سواء تحقق الإصلاح الأممي أم لا.
 المصدر:
        
             الجزيرة
    
    
        المصدر:
        
             الجزيرة
        
    
 مصدر الصورة
 
   مصدر الصورة 
   مصدر الصورة
 
   مصدر الصورة