أدى تجريد الأمير أندرو من آخر ما تبقّى له من مظاهر الحياة الملكية إلى إعادة تشكيل مستقبله، وامتدت تداعيات القرار لتطال أسرته أيضاً.
فقدت زوجته السابقة الآن لقب "دوقة"، وأصبح يُشار إليها ببساطة باسم سارة فيرغسون.
أما ابنتاه، بياتريس ويوجيني، فستحتفظان بلقب "الأميرة" رغم الفضيحة التي تلاحق والديهما.
خسر الأمير أندرو استخدام لقب "دوق يورك" بسبب صلاته بالمجرم الجنسي المدان جيفري إبستين.
فكيف ستبدو الحياة بعد هذا الزلزال الملكي بالنسبة لنساء عائلة يورك؟
بالنسبة إلى فيرغسون، البالغة من العمر 66 عاماً، سيكون التغيير أكثر وضوحاً.
فقد احتفظت طوال هذه السنوات باللقب الشرفي الذي يُمنح للمطلقات من العائلة المالكة "سارة، دوقة يورك"، لكنها الآن تعود إلى اسمها قبل الزواج: فيرغسون.
ورغم أن الجمهور اعتاد أن يناديها باسم "فيرغي"، يقول المعلق الملكي ريتشارد بالمر إن لهذا التغيير تأثير "لا شك فيه".
وقال بالمر: "لقد فقدت شيئاً من الوجاهة جراء ذلك، فهي كانت تستخدم اللقب باستمرار – حتى على منصة إكس تحمل اسم المستخدم @SarahTheDuchess".
لكن فقدان اللقب قد لا يكون مؤثراً عليها بقدر الفضيحة التي تواجهها حالياً بسبب ارتباطها الشخصي بإبستين.
ففي الشهر الماضي، أنهت عدة جمعيات خيرية علاقتها بها بصفتها راعية أو سفيرة لها، بعد تسريب رسالة إلكترونية تعود إلى عام 2011 تصف فيها إبستين بأنه "صديقها الأسمى supreme friend"، وتبدو وكأنها تعتذر فيها عن انتقادها العلني له.
وقالت المعلقة الملكية فيكتوريا ميرفي: "أعتقد أن الجدل الأخير المتعلق بالرسالة التي يُقال إنها أرسلتها لإبستين هو ما ترك الأثر الأكبر عليها في الفترة الأخيرة".
وأضافت: "قبل ذلك، كانت سارة قد تجنبت أن تكون في مرمى نيران الجدل حول إبستين، وربما كانت ستستمر على هذا النحو، حتى وإن لم تعد تُلقّب بدوقة يورك، لولا هذه الرسالة".
بعيداً عن نشاطها الخيري، لدى فيرغسون أيضاً مشاريع تجارية متعددة.
وترى ميرفي أن هذه الأنشطة أيضاً مرشحة للتأثر أكثر بارتباطها المزعوم بإبستين، وليس بتغيير لقبها.
وقالت: "من المرجح أن تتأثر مشاريعها بإعادة تقييم صلاتها بإبستين، تماماً كما حدث مع عملها الخيري، إذ لم تعد الجمعيات ترغب في الارتباط باسمها".
لكن فيرغسون تُعد من أكثر الشخصيات قدرة على الصمود في الأوساط الملكية، إذ دأبت على العودة إلى الواجهة مراراً.
فعلى الرغم من انفصالها عن الأمير أندرو قبل أكثر من ثلاثة عقود، ظلت داعمة له بشدة، وما زالت تعيش في قصره في وندسور.
وقبل عيد الميلاد الماضي بعام، عادت إلى الدائرة الملكية، حيث شاركت في تجمع العائلة المالكة في ساندرينغهام للمرة الأولى منذ عقود، رغم أنها وزوجها السابق لم يكونا من أفراد العائلة العاملين رسمياً أو المسموح لهم بحضور الفعاليات الملكية الرسمية.
وقد تساعدها قدرتها على النهوض مجدداً هذه المرة أيضاً.
وقالت الكاتبة الملكية كايتي نيكولز: "إنها الناجية الكبرى وسيدة إعادة ابتكار الذات".
وأضافت: "لم تُقبل مجدداً من قبل الجمهور فحسب، بل إن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية أعادتها إلى الدائرة الملكية، كما أن الملك تشارلز يُكنّ لها الود أيضاً".
وترى نيكولز أن فيرغسون مرّت خلال السنوات الماضية بـ"ما هو أسوأ من ذلك بكثير"، ولن تتأثر كثيراً بفقدان اللقب.
وقالت: "بعد أن كانت منبوذة من العائلة المالكة طوال هذه العقود، تعلمت ألا تولي مثل هذه الأمور أهمية كبيرة".
أما بالنسبة لابنتي الزوجين، بياتريس (37 عاماً) ويوجيني (35 عاماً)، فلن يطرأ أي تغيير رسمي عليهما.
ستواصلان حمل لقب "أميرة"، وهو اللقب الذي تحملانه منذ الولادة.
كما لم يطرأ أي تعديل على ترتيب ولاية العرش.
فالأمير أندرو ما زال يحتل المركز الثامن في خط الخلافة، تليه بياتريس ويوجيني في المركزين التاسع والثاني عشر على التوالي.
لكن عملياً، تقول ميرفي إن موقعيهما "بعيدان نسبياً"، وسيتراجعان أكثر بمرور الوقت.
وأضافت: "من الناحية العملية، موقعيهما لا يحملان أهمية تُذكر للمستقبل".
بياتريس ويوجيني أيضاً ليستا من أفراد العائلة المالكة العاملين، ورغم أنهما تقومان أحياناً بأدوار عامة – مثل إعلان الأميرة يوجيني مؤخراً كإحدى الموجهات ضمن شبكة "35 تحت 35" لمؤسسة الملك – إلا أن ميرفي تقول إنها "لا تتخيل سيناريو" تصبحان فيه منخرطتين رسمياً في مهام ملكية.
وتضيف: "لا أظن أن ذلك كان مطروحاً أساساً، ولا أراه خياراً ممكناً الآن".
كما استفادتا من شبكة العلاقات الواسعة التي كوّنها والداهما على مدى السنوات، وفقاً لبالمر، لكنه يشير إلى أن فقدان الأمير أندرو لقب "الدوق" قد ينعكس سلباً على ذلك أيضاً.
ولن يشارك الأمير أندرو الملك وبقية أفراد العائلة المالكة في احتفالات عيد الميلاد في ساندرينغهام بعد الآن، لكن من المحتمل أن تحضر ابنتاه، بحسب بالمر.
وقالت ميرفي: "فيما يتعلق ببياتريس ويوجيني، أعتقد أن هناك تفهماً لحقيقة أن هذه الفضيحة لا تتعلق بهما، وليس من العدل أن تؤثر مباشرة على حياتهما المستقلة".
وأضافت نيكولز: "ابنتاهما هما أكثر الضحايا حظاً سيئاً، فقد اضطرّتا لتحمل الصمت بصبر، وتصرفتا بكرامة".
وتابعت: "من المؤلم أن تريا والديهما يُجرّان إلى مثل هذه القضايا، لكنهما ما زالتا محبوبتين جداً من عمهما الملك، ولن أستغرب على الإطلاق أن نراهما في مناسبات عيد الميلاد المقبلة. فهما حتى الآن بعيدتان عن أي شبهة".
وفي النهاية، يبدو أنه لا خلاف على أن الشخص الأكثر تأثراً بكل ذلك هو الأمير أندرو نفسه.
فهو رجل اعتاد مظاهر الملكية، والبذخ، والاحتفالات الرسمية، لذا فإن فقدانه لألقابه يمثل له إهانة عميقة.
ومن المرجح أن يترك غياب هذه الألقاب أثراً بالغاً عليه على الصعيد الشخصي.