في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تحولت العلاقات التركية الأميركية بصورة كبيرة في ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، بعد أن كان سببا في تعميق الأزمة الاقتصادية لتركيا في ولايته الأولى، وصاحب إشادته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان تطور لافت في العلاقات الاقتصادية.
استهدفت إدارة الرئيس ترامب خلال عامي 2018 و2019 تركيا بسلسة إجراءات جاءت استجابة للسياسات الحمائية الشاملة، وفرضت رسوما جمركية على واردات الصلب على أنقرة من بين عواصم عديدة بداعي الأمن القومي.
بدأ التصعيد الأميركي في مارس/ آذار 2018 عندما فرضت إدارة ترامب رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب التركية، وشكّلت هذه الخطوة مقدمة التدهور الحاد بالعلاقة التجارية بين البلدين.
ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، بل عاد في أغسطس/ آب 2018 ليزيد الضغط على تركيا التي كانت تعيش أزمة اقتصادية هبطت بسعر صرف عملتها المحلية وأفقدتها أكثر من 80% من قيمتها، ورفعت التضخم لمستويات قياسية وصلت إلى 25%، من خلال مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب التركية لتصل إلى 50%، وعلى واردات الألومنيوم بـ 10% إضافية لتصل إلى 20%.
واستخدمت الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية رافعة عقابية بسبب احتجاز تركيا القس الأميركي أندرو برونسون، بتهمة التعاون مع تنظيم فتح الله غولن المسؤول عن محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذها عام 2016.
لم تأخذ تركيا وقتا طويلا للرد على الإجراءات الأميركية، عندما قررت فرض رسوم جمركية بنحو 1.8 مليار دولار من الواردات من الولايات المتحدة ، رغم مخاوفها من أن يؤدي الضغط الأميركي إلى أضرار اقتصادية أكبر وأعمق، خاصة مع الهبوط الجديد لليرة بـ 19% الذي صاحب إعلان ترامب مضاعفة الرسوم على واردات الصلب والألومنيوم.
بعد رفض الولايات المتحدة تزويدها بمنظومة "باتريوت"، لجأت تركيا للتقنية الروسية البديلة وهي منظومة "أس-400" وهو ما عمق من الأزمة بين البلدين، واتخذت الولايات المتحدة إجراءات عقابية تجاه الصناعة الدفاعية التركية، إذ أخرجتها من برنامج مقاتلات " إف-35 " وتسبب بخسارتها نحو 9 مليارات دولار نتيجة تصنيع الشركات التركية لنحو 900 جزء مختلف من أجزاء مقاتلة الجيل الخامس الأشهر عالميا.
وفرضت أميركا عقوبات على رئاسة الصناعات الدفاعية التركية في ديسمبر/ كانون الأول 2020، وشملت عقوبات مالية وتمويلية، إضافة إلى حظر تراخيص وتصاريح صادرات السلاح الأميركية لتركيا.
لم تساعد الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية في تقليل الواردات التركية وتوسيع الفائض التجاري مع تركيا، بل على العكس كشفت بيانات مكتب الإحصاء الأميركي استمرار الواردات من تركيا في الارتفاع متجاوزة الصادرات الأميركية لتحقق عام 2021 فائضا بأكثر من 4 ملايين دولار، هبوطا من 387 مليونا عام 2017.
واستغل الأتراك هذا الانقلاب لبدء الترويج لرفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، والإعلان عن هذا الرقم كهدف رئيسي، كما أن أسبابا مثل المرونة ونجاح الشركات التركية في تنويع أسواقها ومنتجاتها، خاصة التي لم تشملها العقوبات، إضافة للتأثير الإيجابي لانخفاض قيمة الليرة الذي زاد من تنافسية الصادرات التركية، أدت جميعها إلى نجاح تجاري هائل وثبات في السوق الأميركية.
لم يتوقف الرئيس ترامب، في ولايته الثانية عن الإشادة بنظيره التركي وإظهار الإعجاب به، بل إن هذا الإعجاب كان دافعا لتعميق التعاون الاقتصادي واتخاذ خطوات عملية لذلك.
ورغم سلبية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عدة دول، فإنها جاءت في حدها الأدنى بالنسبة لتركيا، ووضعتها في قائمة الرسوم الجمركية المنخفضة عند 15%، الأمر الذي اعتبرته وزارة التجارة التركية "إيجابيا"، وأن النظرة الأميركية ما زالت تعتبر أنقرة شريكا تجاريا متوازنا وإيجابيا.
وأكسب الحد الأدنى لهذه الرسوم الصادرات التركية ميزة تنافسية، وجعلتها بديلا رخيصا مقارنة بصادرات دول شملتها رسوم أعلى، إذ أظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي أن الصادرات ارتفعت بنسبة 4.1% خلال النصف الأول من العام الحالي، لتصل إلى أكثر من 131 مليار دولار.
وأفادت بيانات المعهد بأن صادرات 58 قطاعا من بين 97 سجلت زيادة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، من بينها المركبات الآلية والأحجار الكريمة، إضافة إلى الأسلحة والذخائر والآلات والأجهزة الكهربائية.
قبل اللقاء الذي جمع الرئيسان التركي والأميركي في واشنطن ، ألغت تركيا رسوما جمركية كانت فرضتها عام 2018 بقيمة 1.8 مليار دولار على واردات أميركية، في بادرة إيجابية لتحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
ولم تفشل هذه البادرة في تحقيق هدفها، فقد وقع البلدان اتفاقيات في مجالات متعددة، ففي قطاع الطاقة وقعت شركة خطوط البترول التركية (بوتاش) اتفاقية مع شركة "ميركوريا" السويسرية لاستيراد نحو 70 مليار متر مكعب من الغاز المسال الأميركي خلال 20 عاما، إضافة إلى توزيع هذا الغاز في أوروبا وشمال أفريقيا، وتتوافق هذه الاتفاقية مع الهدف الأميركي والأوروبي في تقليص الاعتماد على الغاز الروسي .
وفي السياق ذاته، وقعت بوتاش كذلك اتفاقية مع شركة "وودسايد" الأسترالية لتوريد 5.8 مليارات متر مكعب من الغاز المسال لمدة 9 سنوات، معظمها سيأتي من مشروع لويزيانا الأميركي، وفق وكالة الأناضول التركية.
ووقع البلدان، مذكرة تفاهم للتعاون النووي المدني الإستراتيجي، تهدف وفق منشور لوزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار عبر رسم مسار جديد في مجال الطاقة النووية من شأنه تعميق الشراكة المتجذرة ومتعددة الأبعاد بين تركيا والولايات المتحدة.
وحسب أرسلان، فإن ثمة احتمالا لتعاون تركي مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لإنشاء محطة الطاقة النووية الثانية.
وعلى صعيد قطاع الطيران، استكملت الخطوط الجوية التركية مفاوضتها لشراء 150 طائرة من طرازي 8-737 و 10-737 من إنتاج شركة بوينغ الأميركية، منها 100 طلب مؤكد و50 طلبا اختياريا، إضافة لإعلانها نيتها شراء 75 طائرة من بوينغ من طراز "بي 787".
أشارت وسائل إعلام عالمية إلى ربط الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات التي فرضها عام 2020 على رئاسة الصناعات الدفاعية التركية بالتخلي عن مصادر الطاقة الروسية، خاصة أن عقود توريد الغاز الروسي لتركيا التي تصل إلى 22 مليار متر مكعب سنويا ستنتهي قريبا.
وبينما يستطيع ترامب رفع هذه العقوبات، فإن التعديلات التي أدخلت على قانون الدفاع الوطني عام 2020، لن تمكن الرئيس الأميركي من إعادة تركيا إلى برنامج طائرات "أف 35" ولا نقلها إليها بحسب موقع ميدل إيست آي، رغم التحليلات التي أشارت إلى أن ارتداء ترامب لدبوس الطائرة خلال لقائه نظيره التركي قد يعني رغبة أميركية بإعادة النظر في بيعها للجيش التركي.