آخر الأخبار

الإفراج عن محتجزين دروز يفتح نافذة تواصل بين دمشق والسويداء

شارك

دمشق ـ يحتل مطلب إطلاق سراح المحتجزين والمحتجزات من الدروز لدى دمشق حيزا واسعا في المشهد الاجتماعي والسياسي بمحافظة السويداء ، إذ تتجدد المطالبة به أسبوعيا في مظاهرات السبت التي يحرص التيار الانفصالي في السويداء على تنظيمها منذ أغسطس/آب الماضي.

وفي خطوة وصفت بالإيجابية، أفرجت الحكومة السورية الأربعاء 8 أكتوبر/تشرين الأول عن 36 محتجزا من سجن عدرا بدمشق، في محاولة لإعادة بناء جسور الثقة والتواصل مع أبناء المحافظة الجنوبية.

ويشرح محافظ السويداء مصطفى البكور، في حديثه للجزيرة نت، أن الحكومة السورية فعّلت مديريات الأمن العام في بلدتي الصورة الصغرى (ريف السويداء الشمالي) والمزرعة (ريف السويداء الغربي)، وأنشأت مكاتب إدارية لتسهيل معاملات المواطنين.

وأضاف أنه "حُرّر عدد من المختطفين من أبناء المحافظة بجهود مشتركة بين قيادتي الأمن الداخلي في السويداء وريف دمشق ، كما تم الاتفاق على إطلاق سراح 30 شخصا مختطفا لدى الفصائل المسلحة في السويداء مقابل الإفراج عن 110 أشخاص نقلوا إلى سجن عدرا كإجراء احترازي لتجنب ردود الفعل الانتقامية".

وأشار البكور إلى أن لجنة التحقيق الخاصة بأحداث السويداء باشرت دراسة ملفات المحتجزين، لافتا إلى أن "بعض الفصائل الخارجة عن القانون حاولت عرقلة الاتفاق، لكننا قررنا المضي في الإفراج التدريجي بعد موافقة اللجنة، وبقي عدد قليل سيُفرج عنهم على دفعات".

وفي السياق ذاته، عقد وزير الداخلية السوري أنس خطاب اجتماعا موسعا ضم قائد الأمن الداخلي في السويداء العميد حسام الطحان ومعاونيه ومديري الأمن، لبحث آخر التطورات الأمنية والخطط الرامية إلى تعزيز الاستقرار وحماية المواطنين وممتلكاتهم، والاستجابة الفورية لأي طارئ.

مصدر الصورة المحتجزون نقلوا إلى سجن عدرا كإجراء احترازي لتجنب ردود الفعل الانتقامية (سي إن إن)

نهج جديد

ويقول الخبير الأمني والعسكري هشام مصطفى، للجزيرة نت، إن الحكومة السورية "منذ سقوط نظام بشار الأسد وتولّيها السلطة انتهجت سياسة معتدلة تجاه جميع المكونات السورية، بما في ذلك الدروز"، موضحا أن "رسائل المحبة والود كانت تتوالى من دمشق إلى السويداء".

إعلان

وأضاف أن "هناك فئة صغيرة من أبناء السويداء تتعامل مع الخارج وتسيطر حاليا على القرار في المحافظة، رغم أن 80% من السكان ما زالوا مع الدولة"، متوقعا أن "يتمكن الوطنيون الأحرار في السويداء في نهاية المطاف من إقصاء التيار الانفصالي وإعادة المحافظة إلى الحضن السوري".

وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أطلقت فعاليات في السويداء حملة لجمع التوقيعات على عريضة تطالب المجتمع الدولي بدعم حق المحافظة في تنظيم استفتاء شعبي لتقرير مصيرها، لكن المبادرة لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن.

ويعتبر نجيب أبو فخر، رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري في جنوب سوريا (تشكيل يضم ضباطا من ريف دمشق والقنيطرة ودرعا والسويداء)، أن الإفراج الأخير "خطوة إيجابية"، متوقعا إطلاق دفعة جديدة من المحتجزين خلال الأسبوع الحالي، إلى جانب حل أزمة الدقيق وعودة الأفران إلى العمل بكامل طاقتها الإنتاجية.

ويضيف أبو فخر، في حديثه للجزيرة نت، أن "على الشارع المحلي في السويداء أن يدرك أن المشهد الحالي هو مقدمة للهاوية، إذ فقدت المحافظة نحو 1300 شخص لأسباب متعددة، ونحن نتحمل جزءا من المسؤولية عن هذه الخسائر وعن الاستعصاء السياسي القائم، وصمتنا عن عصابات الفساد والمخدرات، مما قاد إلى هذا الانسداد الخطير".

ويؤكد أبو فخر أن السويداء كان يمكن أن تتجنب الدمار والانتهاكات والتهجير لو أتيحت فرص التفاهم المباشر مع دمشق، مشيرا إلى أن أنصار الحرب من الدروز انسحبوا بأسلحتهم الثقيلة إلى القرى الآمنة وتركوا عبء المواجهة على المدنيين المسلحين بالبنادق فقط.

مصدر الصورة قوات الأمن السورية تنتشر في محيط محافظة السويداء (وكالة الأنباء السورية)

انقسام داخلي

وتبدو السويداء اليوم أكثر انقساما من أي وقت مضى بين تيار انفصالي يقوده الشيخ الهجري، وتيار وطني يدعو للانتماء إلى سوريا ومحاسبة المتورطين في أحداث يوليو/تموز الدامية.

ويرى محمود السكر، القيادي في حزب شباب الاستقلال (الذي أُسّس منتصف سبتمبر/أيلول تحت شعارات الحرية والعدالة والتنمية)، أن الإفراج عن المحتجزين "جاء نتيجة تبادل مواقف بين الطرفين وليس بقرار أحادي من الحكومة"، موضحا في تصريحه للجزيرة نت أن "الجانب الآخر أفرج بالمقابل عن 6 أشخاص كانوا محتجزين داخل السويداء".

ويضيف السكر، المقرب من الشيخ الهجري، أن أزمة السويداء هي بالأساس أزمة ثقة مع السلطة، وحلها يحتاج إلى قرار خارجي من الدول الضامنة، إذ تتحرك القوى المحلية ضمن هامش محدود للغاية، بحسب قوله.

ويتابع قائلا إن "ما شهدته السويداء من مجازر لا يمكن إخضاعه لمبدأ المصالحة، بل يتطلب تحقيقا دوليا مستقلا ينصف الضحايا، ليبنى بعده أي مسار سياسي قابل للحياة".

في المقابل، يرى أبو فخر أن الأزمة وصلت إلى مرحلة استعصاء سياسي خانق، لكنها ستفرض بالضرورة "فرز جسم سياسي وطني جديد".

ويوضح قائلا: "بدأنا عمليا بتشكيل لجنة تضم شخصيات من ريف دمشق والقنيطرة ودرعا والعشائر، ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، سعيا لإطلاق مشروع وطني بديل عن إدارة السويداء الحالية التي أوصلتها إلى الخراب، بل حتى سرقت المعونات المخصصة للمهجرين".

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا