في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يلقي مقال للصحفي آلان غريش، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ، نشر على موقع "أوريان 21" الإلكتروني المستقل، نظرةً على فترة مظلمة من حرب إسرائيل السرية على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في أوائل سبعينيات القرن الماضي.
ويستند المقال تحديدا إلى ما كُشف عنه في كتاب أفيفا غوتمان "عملية غضب الرب.. التاريخ السري للاستخبارات الأوروبية وحملة اغتيالات الموساد "، الذي نشرته دار نشر جامعة كامبريدج هذا العام 2025.
ويسلط هذا الكتاب الضوء على التعاون الفعّال بين العديد من أجهزة الاستخبارات الأوروبية، بما في ذلك الفرنسية، في حملة الاغتيالات المذكورة.
بعد الهجوم على دورة الألعاب الأولمبية في ميونخ في سبتمبر/أيلول 1972، شنّت الحكومة الإسرائيلية بقيادة غولدا مائير "عملية غضب الرب"، وهي حملة استهدفت القضاء على أعضاء مُشتبه فيهم من منظمة أيلول الأسود، وهي المنظمة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.
لكن كما يشير آلان غريش في مقاله، فإن الهدف الحقيقي لهذه الحملة تجاوز الانتقام بكثير، فقد كان "توجيه ضربة قاضية للقضية الفلسطينية بالقضاء على مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية ".
هآرتس: على عكس الأسطورة القائلة بأن الموساد قوة مطلقة، اعتمد الجهاز بشكل كبير على الاستخبارات الأوروبية
ويكشف كتاب أفيفا غوتمان عن وجود "نادي برن"، وهي شبكة غير رسمية أُنشئت عام 1969 بين أجهزة المخابرات الأوروبية لتبادل المعلومات الحساسة، وسرعان ما انضمت إليها إسرائيل و الولايات المتحدة .
وقد استخدمت هذه المجموعة منصة اتصالات مشفرة، تحمل الاسم الرمزي "كيلووات"، لنقل بيانات مفصلة عن النشطاء الفلسطينيين في أوروبا.
ووفقًا لغوتمان، نقلاً عن صحيفة هآرتس، "على عكس الأسطورة القائلة بأن الموساد قوة مطلقة، اعتمد الجهاز بشكل كبير على الاستخبارات الأوروبية".
بين عامي 1972 و1973 نُفذت حوالي 10 اغتيالات في أوروبا، منها 3 في فرنسا:
في معظم الحالات، أُغلقت التحقيقات بسرعة، رغم الشكوك القوية بتورط الموساد.
وبالنسبة لهمشري، يُشير غريش إلى أن إفادة للضحية قبل وفاته هي التي ساهمت في دحض روايات الشرطة والإعلام.
رغم اعتقال 6 عملاء للموساد في النرويج بعد اغتيال أحمد بوشيكي (نادل مغربي ظنّوه خطأً أحد قادة فتح)، لم تُعِد السلطات الفرنسية فتح التحقيقات في اغتيال همشري وبودية والقبيسي.
ويطرح غريش السؤال المحوري التالي: "هل كانت أجهزة الاستخبارات الفرنسية والأوروبية "أغبياء مفيدين" لإسرائيل أم كانوا شركاء على دراية بما يتم؟".
ترى أفيفا غوتمان أن الإجابة واضحة: فالوثائق التي رُفعت عنها السرية تُظهر تعاونا علنيا، وإن تم التعتيم عليه من خلال الخطاب السياسي الأوروبي.
العواصم الأوروبية لعبت على كلا الحبلين، فمن جهة حافظت على علاقات رسمية جيدة مع الدول العربية (..)؛ ومن جهة أخرى، ساعدت إسرائيل سرا في حربها على النضال الفلسطيني المسلح
وتقول "العواصم الأوروبية لعبت على كلا الحبلين، فمن جهة حافظت على علاقات رسمية جيدة مع الدول العربية (..)؛ ومن جهة أخرى، ساعدت إسرائيل سرا في حربها على النضال الفلسطيني المسلح".
ويُعيد الفيلم الوثائقي "موتى من أجل فلسطين "، الذي أخرجه مأمون البني عام 1974، النظر في الاغتيالات المُستهدفة، ويُعطي صوتا لأقارب الضحايا وداعميهم، مثل جان جينيه وميشيل بوفيلار، المحامية في حزب جبهة التحرير الوطني .
ويُؤكد غريش أن هذه الفترة وقعت في ظل مناخ من العنصرية الهيكلية، حيث ربطت وسائل الإعلام الفرنسية الفلسطينيين بالإرهاب بشكل مُمنهج.
كما يقتبس من الصحفي فاوستو جوديس، الذي سيُشير لاحقًا إلى هذه الفترة بسلسلة من "عمليات الإبادة العربية" في فرنسا ما بعد حرب الجزائر.
ويُشير غريش إلى أن إحدى أهم مساهمات الكتاب الحالي هي تفكيك التفسير الأمني السائد، الذي يختزل النشطاء الفلسطينيين في ظاهرة الإرهاب، دون مراعاة السياق السياسي والتاريخي، كما ينتقد أفيفا غوتمان لعدم تملّصها التام من هذا المنطق:
"إنها ليست بمنأى عن هذه الرؤية التبسيطية"، يكتب غريش، مذكّرا بأنه حتى شخصيات مثل الكاتب والدبلوماسي وائل زعيتر الذي اغتيل في روما عام 1972، أو همشري، لم تكن لهم أي صلات مؤكدة بـ"الأنشطة الإرهابية".
وأخيرًا، يقتبس غريش من صلاح خلف (أبو إياد)، الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك قوله: "عملت منظمة أيلول الأسود كذراع للمقاومة، في وقت لم تعد فيه الأخيرة قادرة على الاضطلاع بمهامها السياسية والعسكرية على أكمل وجه".