في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
حين وصلت إلى ميونخ، أحسست أنني في مدينة تحمل في ملامحها كل ما يميز أوروبا: تاريخ عريق، قصور ملكية، اقتصاد نابض، وثقافة حية. بصفتها عاصمة بافاريا وثالث أكبر مدينة ألمانية، شعرت أنها مدينة متكاملة تقدم كل شيء للزائر.
بدأت جولتي من قلب ميونخ، في ساحة مارين بلاتز، حيث يتوسطها مبنى البلدية الجديد بواجهته القوطية المهيبة، وتعلوه ساعته الموسيقية الشهيرة التي تجمع الناس كل يوم لمشاهدة حركتها الفريدة. لم يكن بعيدًا عنها كاتدرائية السيدة العذراء بقبتيها المميزتين، التي بدت لي كأنها رمز يعرّف المدينة من كل زاوية.
وفي طريقي وسط ميونخ، لفتتني أجواء المقاهي المنتشرة حول سوق فيكتوالين ماركت، حيث تنبعث رائحة القهوة الطازجة ممتزجة بعبق النقانق البافارية والأجبان المحلية. بين المقاهي والأكشاك الملونة، بدا المكان نابضًا بالحياة، يجمع السكان والسياح في مشهد يومي يعكس روح ميونخ البافارية الأصيلة.
لم أستطع أن أغادر ميونخ دون التوقف عند الإقامة الملكية (Residenz)، ذلك المجمع الضخم الذي كان مقرًا لحكام بافاريا. القاعات الفخمة والمعارض الفنية داخله جعلتني أعيش لحظة من حياة الملوك.
كما زرت قصر نيمفنبورغ، أحد أروع القصور الباروكية، تحيط به حدائق شاسعة، بدت لي كلوحة طبيعية مفتوحة أمام الزائرين.
ما يميز ميونخ أيضًا هو طبيعتها. قضيت وقتًا ممتعًا في الحديقة الإنجليزية، إحدى أكبر الحدائق الحضرية في العالم. هناك، شاهدت الناس يمارسون الرياضة، ويستمتعون بركوب الدراجات والمشي بين المروج الواسعة. مرور نهر إيسار عبر المدينة أضفى لمسة طبيعية خلابة، كأن ميونخ لا تريد لزائرها أن يبتعد عن الطبيعة حتى وهو في قلب مدينة كبيرة.
ولمحبي كرة القدم، تشكل الزيارة لملعب أليانز أرينا محطة لا يمكن أن يفوتها. المبنى المضيء بواجهته القابلة لتغيير الألوان وقد بدا أيقونة معمارية حديثة، وذكّرني بكون ميونخ ليست فقط مدينة تاريخية، بل أيضًا مدينة تعيش الحاضر بكل طاقته.
ما شدني في ميونخ أيضًا هو حضورها القوي كمركز اقتصادي عالمي. المدينة لا تُعرف فقط بمعالمها التاريخية أو مساحاتها الخضراء، بل تحتضن مقرات ومؤسسات كبرى تمنحها مكانة رائدة على مستوى ألمانيا وأوروبا.
فهنا يقع المقر الرئيسي لشركة بي إم دبليو (BMW)، أحد أعمدة صناعة السيارات في العالم، إلى جانب شركات عملاقة مثل سيمنس (Siemens) في مجالات التكنولوجيا والطاقة، وأليانز (Allianz) في قطاع التأمين والخدمات المالية. هذا الثقل الاقتصادي جعل ميونخ مدينة لا تقتصر على السياحة والثقافة فحسب، بل تمثل أيضًا مركزًا للأعمال والابتكار، حيث يلتقي الماضي العريق بالمستقبل الصناعي.
خرجت من ميونخ بشعور أنني زرت مدينة تجمع بين التاريخ والحداثة، القصور الملكية والطبيعة، الرياضة والاقتصاد. إنها وجهة متكاملة تجعل الزائر يعيش أكثر من تجربة في مكان واحد، وتجعل الصحفي مثلي يجد في كل زاوية قصة تستحق أن تُروى.