في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أعاد تدشين إثيوبيا رسميا سد النهضة فتح ملف الخلاف مع مصر و السودان ، حيث وجدت دولتا المصب نفسيهما أمام واقع جديد يفرض إعادة حسابات إستراتيجية بشأن الأمن المائي وخيارات التعامل مع المشروع الذي تصر أديس أبابا على اعتباره إنجازا تنمويا جامعا.
وفي أجواء احتفالية بإقليم بني شنقول، حضر عدد من القادة الأفارقة إلى جانب آبي أحمد الذي شدد على أن السد جاء لإنارة ملايين المنازل ودعم التنمية، وأنه لا يهدف إلى الإضرار بمصر أو السودان. كما دعا إلى استئناف الحوار والتعاون الشامل بين دول الحوض.
وفي هذا السياق، أوضح مراسل الجزيرة في إثيوبيا حسن رزاق أن رسائل آبي أحمد خلال الحفل انصبت على طمأنة دول الجوار، وفي حين وصف الرئيس الكيني ويليام روتو المشروع بأنه "إنجاز أفريقي مشترك"، شدد قادة جنوب السودان و الصومال على أن السد يمثل مسؤولية جماعية تقتضي التعاون الإقليمي.
في المقابل، نقل مراسل الجزيرة في السودان الطاهر المرضي أن الخرطوم تنظر بقلق إلى التشغيل الأحادي للسد، خصوصا فيما يتعلق بفتح البوابات وإدارة منسوب المياه بما قد يؤثر على السدود السودانية ومشاريع الري وإنتاج الكهرباء، مجددا المطالبة باتفاق قانوني ملزم.
وأضاف أن اكتمال المشروع يضع مصر والسودان أمام خيار الانتقال من مرحلة الرفض إلى البحث عن إستراتيجيات جديدة للتكيف والتفاوض، خاصة أن السودان يرى أن التحكم المفاجئ في تدفقات المياه يشكل تهديدا مباشرا لأمنه المائي ولتشغيل سدوده القريبة.
أما في القاهرة ، فقد اعتبر محرر الشؤون المصرية في الجزيرة عبد الفتاح فايد أن غياب مصر عن حفل التدشين كان رسالة واضحة بعمق الأزمة.
وأشار إلى أن الموقف الرسمي يرفض الإجراءات الأحادية التي اتخذتها أديس أبابا، مؤكدا أن مصر ستواصل الدفاع عن حصتها المائية بكل السبل الممكنة.
ولفت فايد إلى أن القاهرة رفعت شكاوى سابقة إلى مجلس الأمن ، وتخشى أن تكون أهداف السد سياسية وجيوستراتيجية أكثر منها كهربائية، خاصة مع تخزين أكثر من 74 مليار متر مكعب من المياه خلفه، وهو ما يفوق بكثير الحاجة الفعلية لتوليد الطاقة.
وتعتبر مصر السد تهديدا وجوديا لاعتمادها على النيل لتأمين نحو 90% من احتياجاتها المائية، في حين يرى السودان إمكانية استفادته من طاقة رخيصة وتحكم أفضل بالفيضانات إذا تم الاتفاق على آلية تشغيل مشترك.
وبينما تحتفي أديس أبابا بإنجاز تصفه بأنه "حلم وطني"، تبدو القاهرة والخرطوم مضطرتين اليوم لإعادة تموضع سياسي وقانوني في مواجهة سد فرض نفسه كأمر واقع، ليفتح الباب أمام جولة جديدة من التجاذبات الدبلوماسية وربما إعادة إحياء مسارات التفاوض المتعثرة.
وتم إطلاق مشروع "سد النهضة الإثيوبي الكبير" في أبريل/نيسان 2011 بميزانية بلغت 4 مليارات دولار. ويعد أكبر مشروع كهرومائي في أفريقيا ، إذ يبلغ عرضه 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترا، في حين تصل سعته إلى 74 مليار متر مكعب من المياه.