آخر الأخبار

اللجنة الاستشارية الليبية.. 4 سيناريوهات تصطدم بجدار الانقسام

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

شهدت ليبيا مطلع عام 2025 محطة جديدة في مسار البحث عن تسوية سياسية، مع إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن تشكيل لجنة استشارية تضم 20 خبيرا ليبيا، بهدف معالجة القضايا الخلافية المتعلقة بالإطار الانتخابي.

وقدمت اللجنة تقريرها النهائي في مايو/أيار 2025 تحت عنوان "الملخص التنفيذي لمعالجة القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي". غير أن النتائج -كما في تجارب سابقة- اصطدمت بأزمة الشرعية، والانقسام الحاد، والتدخلات الخارجية، مما جعل مخرجاتها أقرب إلى إعادة إنتاج مأزق قائم بدلا من تجاوزه.

ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان " اللجنة الاستشارية الليبية: بين المقترحات التنظيرية والواقع المعقد " للباحث الليبي الفيتوري شعيب قدّم خلالها قراءة في نتائج اللجنة الاستشارية، استشرافا للمستقبل وتقديرا للواقع، ومدى ملاءمة تقريرها للوضع السياسي الليبي، وإمكانية تنفيذه، وإنهاء الانسداد السياسي، وتجديد السلطات المختلفة في البلاد.

أزمة الشرعية والانقسامات الداخلية

الأزمة الليبية الراهنة تتسم بتشابك الصراعات السياسية والمصلحية والمؤسساتية، وسط غياب مشروع جامع لبناء الدولة. فقد عانت البلاد لسنوات من انسداد سياسي منهجي قوّض مؤسساتها، وأدى إلى صراع محموم على السلطة والموارد.

هذا التفتت ترافَق مع فقدان شبه كامل للشرعية الحقيقية للأجسام القائمة شرقا وغربا؛ إذ لم تعد أي منها منبثقة من إرادة شعبية. كما فشلت جميع المراحل الانتقالية السابقة في إنتاج جسم شرعي مستقر، وباتت المؤسسات السياسية أسيرة للخلافات الداخلية وضغوط القوى الإقليمية والدولية.

طبيعة اللجنة وحدودها

منذ إنشائها، حُددت مهمة اللجنة بكونها "استشارية بحتة"، تقتصر على تقديم مقترحات فنية وسياسية لمعالجة العقبات القانونية أمام الانتخابات، من دون أن تمتلك صلاحية اتخاذ قرارات ملزمة.

وقد استندت في عملها إلى المرجعيات السياسية السابقة مثل "اتفاق الصخيرات"، وخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي، وقرارات مجلس الأمن .

إعلان

وتمثل الهدف في تقديم خيارات قابلة للتنفيذ تُمكّن من تجديد السلطات التشريعية والتنفيذية وفق أطر زمنية محددة، مع الالتزام بمبادئ وحدة ليبيا و"الملكية الليبية" للعملية السياسية.

لكن هذا الطابع الاستشاري عكس محدودية اللجنة منذ البداية، إذ اكتفت بطرح مقترحات نظرية لا تملك ضمانات واقعية للتطبيق في بيئة سياسية منقسمة ومتوجسة.

المقترحات والإشكاليات التنفيذية

ركزت اللجنة على إصلاحات أساسية، أبرزها:


* تصحيح وضع المفوضية العليا للانتخابات؛ إذ يُعد عدم اكتمال مجلس المفوضية العليا للانتخابات (4 من أصل 7) مؤشرا على عدم نجاحها.
* تعديل الإطار القانوني الدستوري.
* تشكيل سلطة تنفيذية موحدة بمهام وولايات محددة.

صنّفت اللجنة معوقات الإطار الانتخابي إلى 3 مجموعات:


* المرتبطة بالتعديل الدستوري الـ13.
* المتصلة بالقوانين الانتخابية (27 و28).
* ما يتعلق بالبيئة المؤسساتية.

غير أن التقرير عجز عن الحسم في قضايا خلافية حساسة. فمسألة ترشح مزدوجي الجنسية حُسمت بالإبقاء على حقهم في الترشح مع التعهد بالتخلي عن الجنسية الثانية بعد الانتخابات، وهو حل أثار جدلا واسعا ويُعد غير مقبول قانونيا ومجتمعيا.

كما ظل شرط ترشح العسكريين غامضا، إذ أوكلت اللجنة إلى المفوضية تنظيمه بدلا من وضع قاعدة واضحة.

هذه المعالجات الفضفاضة عمّقت الانطباع بأن اللجنة لم تقدم حلولا جذرية، بل أعادت تدوير الخلافات السابقة.

خيارات اللجنة الأربعة

خلص التقرير إلى 4 خيارات كخارطة طريق محتملة:


* إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة: عبر تشكيل حكومة انتقالية جديدة لا تتجاوز ولايتها 24 شهرا. لكن تجربة 2021 أثبتت أن التزامن بين الاستحقاقين يمثل نقطة ضعف تُتيح تعطيل العملية برمتها إذا لم تتوافق النتائج مع مصالح القوى المتصارعة.
* انتخاب مجلس تشريعي أولا ثم اعتماد دستور: يقوم على تشكيل سلطة تنفيذية مؤقتة، وانتخاب مجلس من غرفتين خلال 24 شهرا، مع إيكال صياغة الدستور الدائم إلى مجلس الشيوخ المنتخب.
* اعتماد الدستور قبل الانتخابات: عبر استفتاء على مسودة 2017 أو نسخة معدلة، لتأسيس قاعدة دستورية تسبق الانتخابات العامة.
* مسار تأسيسي جديد: يتمثل في تشكيل مجلس تأسيسي من 60 عضوا يضطلع بمهام تشريعية وتأسيسية مؤقتة، ويعتمد دستورا مؤقتا، ويشكل سلطة تنفيذية، ويمهد لانتخابات تشريعية خلال 4 سنوات، بالتوازي مع الدفع نحو المصالحة الوطنية. هذا الخيار يعكس قناعة بعدم قدرة البرلمان والمجلس الأعلى للدولة على إدارة المرحلة المقبلة، لكنه يتطلب توافقا مسبقا على آلية اختيار أعضائه وتحييد القوى المتصارعة.

قراءة في المخرجات

على الرغم من تنوع الخيارات، فإن التحدي الأكبر يتمثل في غياب القدرة على التوافق حول أحدها وتحويله إلى واقع عملي. فقدرة الفاعلين السياسيين على التعطيل، وانعدام الثقة بينهم، إلى جانب تأثير الأجندات الخارجية، تجعل أي مقترح عرضة للعرقلة. كما أن تاريخ البعثة الأممية في ليبيا مملوء بالمبادرات غير المكتملة التي لم تتجاوز إدارة الأزمة.

يضاف إلى ذلك أن فقدان الشرعية للأجسام السياسية القائمة يطرح تحديا هيكليا يهدد أي حل مستدام. فاستمرار هذه الأجسام من دون شرعية شعبية يفتح الباب أمام الفوضى والتنافس على السلطة، ويقوّض أي إمكانية لبناء مؤسسات قادرة على فرض الاستقرار.

إن استمرار الانسداد السياسي في ليبيا، وتفاقم فقدان الشرعية للمؤسسات القائمة، ينبئ بمزيد من التدهور، ما لم تُطرح مبادرة وطنية شاملة تتجاوز منطق المراحل الانتقالية والأجسام المنتهية الصلاحية.

إعلان

ويستدعي هذا دورا فاعلا للنخب الاجتماعية والمكونات السياسية المحلية، إلى جانب دعم إقليمي ودولي يركّز على تجديد الشرعية الشعبية، تمهيدا لبناء دولة قادرة على فرض القانون وتحقيق الاستقرار.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا