أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا ومالطا أنها ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول، ليُعاد التركيز على حل الدولتين.
جاء ذلك، بعدما اعتمد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، الوثيقة الختامية لمؤتمر حل الدولتين، داعياً جميع الدول لتأييدها.
وتتضمن الوثيقة الاتفاق على العمل المشترك لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بناء على التطبيق الفعّال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة.
ويهدف مؤتمر حل الدولتين، الذي انعقد على مدى ثلاثة أيام في نيويورك برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا، إلى اتخاذ خطوات ملموسة محددة بإطار زمني ولا يمكن التراجع عنها من أجل التسوية السلمية للقضية الفلسطينية والمضي قدماً في تطبيق حل الدولتين.
حل الدولتين هو مسعى لإحلال السلام من خلال إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل على الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967. لكن هذا المسعى يواجه عقبات تزداد بمرور الوقت.
وتشمل هذه العقبات تسريع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، والمواقف المتشددة بشأن القضايا الجوهرية، ومنها الحدود ومصير اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس، وفق تقرير لرويترز.
وقع الصراع في فلسطين إبان خضوعها للانتداب البريطاني. وفي عام 1947، وافقت الأمم المتحدة على خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية وأخرى إسرائيلية مع خضوع القدس لإدارة دولية. وقبل زعماء إسرائيل الخطة التي أعطتهم 56 بالمئة من الأرض، ورفضتها الجامعة العربية.
ثم أُعلنت دولة إسرائيل في 14 مايو أيار 1948. وبعد يوم واحد، هاجمتها خمس دول عربية. وانتهت الحرب بسيطرة إسرائيل على 77 بالمئة من الأراضي.
وفر نحو 700 ألف فلسطيني أو طُردوا من ديارهم، وانتهى بهم المطاف في الأردن ولبنان وسوريا وأيضا في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ورغم اعتراف 147 من أصل 193 بلدا عضوا في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة، فهي ليست عضوا فيها، ما يعني أن المنظمة لا تعترف بمعظم الفلسطينيين كمواطنين لأي دولة.
ويعيش حوالي 3.5 مليون فلسطيني لاجئين في سوريا ولبنان والأردن، بينما يعيش 5.5 مليون فلسطيني في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. ويعيش مليونان آخران في إسرائيل كمواطنين إسرائيليين.
كان حل الدولتين حجر الأساس لعملية السلام المدعومة من الولايات المتحدة التي دشنتها اتفاقات أوسلو عام 1993 والتي وقعها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين.
وأدت الاتفاقات إلى اعتراف منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف وإنشاء السلطة الفلسطينية.
وكان الفلسطينيون يراودهم الأمل في أن تمضي هذه الخطوة بهم نحو إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. واصطدمت العملية برفض شديد لدى كلا الطرفين.
ونفذت حركة حماس هجمات انتحارية أسفرت عن مقتل عشرات الإسرائيليين، وفي عام 2007، استولت على غزة من السلطة الفلسطينية في حرب أهلية قصيرة. ويدعو ميثاق حماس الصادر عام 1988 إلى زوال إسرائيل رغم أنها قالت في السنوات القليلة الماضية إنها ستقبل بدولة فلسطينية على حدود عام 1967. وتقول إسرائيل إن هذه التصريحات التي تطلقها حماس خدعة.
في عام 1995، اغتيل رابين على يد إسرائيلي سعى إلى إفشال أي اتفاق سلام مقابل الأرض مع الفلسطينيين.
وفي عام 2000، جمع الرئيس الأميركي بيل كلينتون بين عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في كامب ديفيد للتوصل إلى اتفاق، لكن جهود كلينتون باءت بالفشل.
وكان مصير القدس التي تصفها إسرائيل بأنها عاصمتها "الأبدية وغير القابلة للتقسيم" هو العقبة الكبرى.
وتصاعد الصراع مع بدء الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005. وسعت الإدارات الأميركية إلى إحياء عملية السلام لكن دون جدوى. وانهارت آخر محادثات سلام في عام 2014.
يتصور المدافعون عن حل الدولتين وجود فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية يربطها ممر عبر إسرائيل.
وقبل عقدين، أعد مفاوضون إسرائيليون وفلسطينيون سابقون مخططا به تفاصيل لكيفية تحقيق ذلك.
وتضمن المخطط، المعروف باسم مبادرة جنيف أو وثيقة جنيف، الاعتراف بالأحياء اليهودية في القدس كعاصمة لإسرائيل، والاعتراف بالأحياء العربية كعاصمة لفلسطين، وبدولة فلسطينية منزوعة السلاح.
ووفقا للمخطط تضم إسرائيل مستوطنات كبيرة وتتنازل عن أراض أخرى في عملية مبادلة، وتنقل المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية ذات السيادة لتوطينهم في مناطق أخرى.
بعدما سحبت إسرائيل المستوطنين والجنود من غزة عام 2005، توسعت المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وقالت منظمة السلام الآن الإسرائيلية إن عدد سكان المستوطنات ارتفع من 250 ألفا في عام 1993 إلى 700 ألف بعد ثلاثة عقود. ويقول الفلسطينيون إن هذا يقوض أساس الدولة القادرة على الحياة.
وتسارعت وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بشكل حاد منذ بداية الحرب على غزة.
وفي أثناء الانتفاضة الثانية قبل عقدين، أقامت إسرائيل أيضا جدارا عازلا قالت إنه يهدف لوقف الهجمات الفلسطينية، لكن
الفلسطينيين يصفونه بأنه سلب للأرض.
وتدير السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس مناطق منعزلة في أراضي الضفة الغربية تحيط بها مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية تشكل 60 بالمئة من الأراضي، تتضمن الحدود مع الأردن والمستوطنات، وهي ترتيبات منصوص عليها في اتفاقيات أوسلو.
وقال نتنياهو في السابع من يوليو تموز إنه يريد السلام مع الفلسطينيين لكنه وصف أي دولة مستقلة لهم في المستقبل بأنها منصة محتملة لتدمير إسرائيل، قائلا إن السيطرة على الأمن يجب أن تبقى في يد إسرائيل.
وفازت حماس في الانتخابات عام 2006، وبعدها بعام أخرجت القوات الموالية لعباس من غزة، ما أدى إلى تفتيت الفلسطينيين سياسيا.
ومنذ ذلك الحين، خاضت حماس وإسرائيل عدة حروب بلغت ذروتها بالهجمات على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، التي أشعلت شرارة الحرب الحالية في غزة.