انتقد كاتب أميركي سياسات الرئيس دونالد ترامب في مجال الأمن والدفاع بسبب تكليف من وصفهم بالمنافقين بتلك الملفات، في حين شنت الكاتبة مورين دوود هجوما حادا على حكومة ترامب وقالت إنها مكونة من "عديمي الكفاءات" وإن أداءها يتسم بالتخبط.
وفي مقال بمجلة فورين بوليسي تحت عنوان "عندما يكون التهديد داخل البيت الأبيض"، قال الصحفي تيم وينر إن ترامب صنع "كابوس الأمن القومي" عندما عين جون راتكليف على رأس وكالة الاستخبارات المركزية ( سي آي إيه )، و كاش باتيل ، المحارب في حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" ( ماغا ) على رأس مكتب التحقيقات الفدرالي ( إف بي آي )، ومؤيدة نظرية المؤامرة، تولسي غابارد على رأس الاستخبارات الوطنية، وكلّف القومي المسيحي بيت هيغسيث بوزارة الدفاع.
وقال وينر، استنادا إلى مقابلة مطولة مع مسؤول بارز غادر منصبه في "سي آي إيه" في مايو/أيار الماضي، إنه على مدار 8 عقود، اعتبر ضباط الوكالة أنفسهم جيشا سريا في معركة ما كان يعرف سابقا بالعالم الحر، لكن البلاد تواجه حاليا تهديدا داخليا.
ويرى وينر في هذا المقال المستنبط من كتاب له صدر في يوليو/تموز الجاري بعنوان "المهمة: وكالة المخابرات المركزية في القرن الـ21" أن ترامب يعتدي على الحريات المدنية وعلى الدستور وأن أدوات الأمن القومي الأميركي أصبحت في أيدي أنصاره وأن أسس السياسة الخارجية بدأت تتهاوى.
وأضاف أن سي آي إيه فقدت في الآونة الأخيرة الكثير من كوادرها ذات الكفاءة العالية والخبرة في إطار موجة التسريحات الواسعة والاستقالات، وأن علاقاتها بالأجهزة الأجنبية بدأت تتآكل.
وخلص إلى أن هذا يثير خطر فشل استخباراتي كارثي، وقال في هذا الصدد "تخيلوا ما قد يحدث إذا تعرضت الولايات المتحدة لهجوم مفاجئ مرة أخرى في الأيام المقبلة. ما الذي سيمنع ترامب من إعلان الأحكام العرفية، وتعليق الانتخابات، والحكم كديكتاتور حقيقي؟".
وحاول الكاتب في مقابلة مطولة مع توم سيلفستر، هو مسؤول كبير في سي آي أي، عمل في مناصب حساسة قبل أن يغادر منصبه، أن يستقي رأي العارفين بكواليس وكالة المخابرات المركزية الأميركية بشأن من سماهم "الجواسيس والمتملقين الذين يتولون الآن مسؤولية الأمن القومي الأميركي".
وبناء على تلك المقابلة، تساءل وينر "كيف يتعامل سيلفستر مع انهيار تحالفات أميركا، وكيف يرى أداء الهواة والمتملقين المسؤولين الآن عن الأمن القومي الأميركي، وما إذا كان يخشى أن ترتفع فرص فشل استخباراتي كارثي بالسرعة نفسها التي ارتفعت بها في فجر القرن الـ21".
وقال إن "سي آي إيه" أداة لتنفيذ السياسة الخارجية الأميركية، وإن جواسيسها يتعاملون بحساسية مع أوامر الجهات العليا، وينفذون عملياتٍ سرية تحت قيادة الرؤساء وحدهم، وتساءل ماذا يفعل هؤلاء الجواسيس عندما يكون التهديد الأكبر للأمن القومي الأميركي هو الرجل الأول في البيت الأبيض؟
وضرب الكاتب المثل بملف أوكرانيا والدور الكبير الذي لعبته سي آي إيه هناك في إطار الحرب الاستخباراتية مع موسكو التي كانت تقود المعسكر الشرقي، وكيف تواصل ذلك الدور عبر العقود إلى أن كانت الوكالة سباقة إلى استشعار الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.
ويرى الكاتب أن ترامب ألغى كل إنجازات سي آي إيه في أوكرانيا عندما وصف رئيسها فولوديمير زيلينسكي بالدكتاتور، واتهمه ببدء الحرب في أوكرانيا، وحاول فرض وقف إطلاق نار بشروط روسيا.
وفي الخامس من مارس/آذار الماضي، قطع ترامب تدفق المعلومات الاستخباراتية الأميركية إلى كييف، وأبقى على ذلك الوضع لمدة أسبوع بينما كانت القوات الأوكرانية تتراجع وتتراجع أمام القوات الروسية.
وفي هذا السياق انتقدت الكاتبة مورين دوود فريق ترامب وقالت إنه مكون من "عديمي الكفاءات" وإن أداءه يتسم بالتخبط واستشهدت بالغموض حول الجهة التي اتخذت مؤخرا قرار وقف الإمدادات العسكرية الأميركية لأوكرانيا.
وقالت مورين دوود في مقال رأي بصحيفة نيويورك تايمز إن كايتلان كولينز، مراسلة شبكة سي إن إن، سألت ترامب قبل أيام قليلة عن الجهة التي أذنت بتعليق شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، فأجاب ترامب دفاعا عن نفسه "لا أعرف. لماذا لا تخبريني أنت؟".
ونقلت دوود عن مصادر صحفية أن بيت هيغسيث الذي وصفته بالمخادع الدائم، هو من اتخذ ذلك القرار دون إخبار ترامب أو وزير الخارجية ماركو روبيو أو غيرهما من كبار المسؤولين، ولاحقا اتخذ ترامب قرارا معاكسا لموقف وزير الدفاع وأمر باستئناف إرسال شحنات الأسلحة لأوكرانيا.
وفي متابعة للموضوع طرح الصحفي شون ماكريش من نيويورك تايمز، سؤالا على ترامب عما إذا كان قد اكتشف من اتخذ قرار وقف إرسال الذخائر لأوكرانيا. وعندما قال ترامب "لا"، تساءل ماكريش "ماذا يعني اتخاذ قرار بهذا الحجم داخل حكومتك دون علمك؟".
وأغضب ذلك السؤال ترامب فقال "إذا تم اتخاذ قرار، فسأعلم بذلك. سأكون أول من يعلم. في الواقع، على الأرجح كنت سأصدر الأمر، لكنني لم أفعل ذلك بعد".
اختيار ترامب لمستشاريه بناء على الولاء المفرط، ستكون نتيجته أن الرئيس سيكون محاطا بمتملقين غير صادقين معه
واعتبرت دوود أنه من غير المطمئن أن يواصل ترامب ترديد الترهات وأن يبقى أعضاء حكومته الفاشلون فاقدين للبوصلة، وقالت إن الأمر ينطوي على مفارقة، فإذا تم اختيار الحكومة بناء على مظهرها، فمن المرجح أن تكون النتيجة حكومة تُسيء لرئيسها، مؤكدة أن إدارة الحكومة أصعب من التباهي على قناة فوكس نيوز وبرامج البودكاست المتنوعة، في إشارة إلى أن بعض المسؤولين في إدارة ترامب اشتغلوا في تلك المحطة التلفزيونية وفي الإعلام الجديد.
وأكدت الكاتبة دوود أن اختيار ترامب لمستشاريه بناء على الولاء المفرط، ستكون نتيجته أن الرئيس سيكون محاطا بمتملقين غير صادقين معه.
وضربت مثلا بوزيرة الأمن الداخلي الأميركي كريستي نويم، وقالت إنها وفية لترامب وكانت تناصره في مساعيه لإلغاء الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ وسنت قانونا لخفض ميزانيتها، وكانت النتيجة أن الوكالة عجزت عن التعاطي بشكل ناجع مع الفيضانات التي اجتاحت ولاية تكساس مؤخرا.
كما أوردت الكاتبة دوود مواقف متناقضة لأعضاء آخرين من حكومة ترامب بينهم وزيرة العدل بام بوندي التي أدلت بتصريحات تعتبر فضيحة الملياردير الراحل جيفري إبستين ملفا منتهيا، وهو ما فاقم الخلافات في صفوف إدارة ترامب بشأن ذلك القضية الشائكة.