تبادلت روسيا وأوكرانيا الهجمات العسكرية قبل اجتماع مسؤولين من البلدين اليوم الاثنين في مدينة إسطنبول بتركيا لإجراء الجولة الثانية من محادثات السلام المباشرة بينهما.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم أن دفاعاتها الجوية أسقطت 162 مسيرة أوكرانية، كانت في طريقها نحو أهداف مدنية، فوق عدة مقاطعات روسية الليلة الماضية، منها 57 مسيرة تم إسقاطها فوق مقاطعة كورسك ، و31 مسيرة أسقطت فوق مقاطعة بيلغورود.
واعتبرت الوزارة أن الهجمات الأوكرانية على المنشآت المدنية في روسيا "محاولة لصرف الانتباه عن فشل ما تسميه بـالهجوم المضاد الذي كانت قد أعلنت عنه في يونيو/حزيران 2023".
وأضافت أن القوات المسلحة الأوكرانية" تستهدف بشكل شبه يومي المناطق الحدودية الروسية في جمهورية القرم ومقاطعات بيلغورود وبريانسك وكورسك وفورونيج بالمسيرات والصواريخ، بهدف زرع الرعب في صفوف المدنيين".
وشنت أوكرانيا أمس الأحد هجوما منسقا واسع النطاق وغير مسبوق بواسطة مسيرات على مطارات عسكرية في روسيا وصولا إلى سيبيريا. وقالت إنها استهدفت قاذفات روسية بعيدة المدى ذات قدرة نووية في سيبيريا وقواعد عسكرية أخرى.
وقال أندريه كوفالينكو المسؤول في مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني اليوم الاثنين إن أوكرانيا دمرت 13 طائرة على الأقل خلال هجوم على قواعد جوية روسية.
وذكر كوفالينكو، وهو رئيس مركز مكافحة التضليل الإعلامي في المجلس، في منشور على تطبيق تليغرام، أن أضرارا لحقت أيضا ببعض الطائرات الأخرى خلال الهجوم.
في حين قال سلاح الجو الأوكراني إن الكرملين أطلق 472 طائرة مسيرة على أوكرانيا، وهو أكبر عدد تطلقه روسيا في ليلة واحدة خلال الحرب.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن عمليات قصف وهجمات جوية روسية أسفرت عن مقتل 5 أشخاص بالقرب من مدينة زاباروجيا في جنوب شرق أوكرانيا ، بينما أدى هجوم بطائرات مسيرة على منطقة سومي بشمال شرق البلاد في وقت مبكر من اليوم الاثنين إلى إصابة 6 على الأقل بينهم طفلان.
وذكر إيفان فيدوروف حاكم منطقة زاباروجيا عبر تطبيق تليغرام أن 3 نساء قُتلن في سلسلة من عمليات القصف الروسي على قرية ترنوفات شرقي مدينة زاباروجيا في وقت متأخر من أمس ولحقت أيضا أضرار بالغة بمتجر وعدة منازل.
وقال فيدوروف إن رجلا لقي حتفه في منطقة مجاورة في ضربة روسية بقنبلة جوية موجهة، وأصيب 9 أشخاص في الهجمات الروسية التي دمرت منزلا خاصا.
وذكر أوليه سينيهوبوف حاكم منطقة سومي اليوم عبر تليغرام أن طفلين من بين المصابين في هجوم روسي بطائرة مسيرة على المنطقة، وقال إن طفلا عمره 7 أعوام من بين الضحايا وإن مباني عديدة في أنحاء المنطقة تضررت.
على الجانب الآخر، قال مسؤولون روس اليوم إن هجمات أوكرانية بالمسيرات على منطقتي كورسك وفورونيج الروسيتين تسببت في إشعال حرائق في مناطق سكنية وعطّلت حركة المرور على طريق سريع رئيسي.
وقال ألكسندر خينشتاين القائم بأعمال حاكم كورسك إن الحطام المتساقط من الطائرات المسيرة المدمرة في كورسك تسبب في إشعال حرائق بمنازل عدة وإلحاق أضرار بوحدات سكنية.
وقال حاكم المنطقة ألكسندر جوسيف إن حطام الطائرات المسيرة قطع خطوط الكهرباء التي سقطت على الطريق السريع الرئيسي إم-4.
وأضاف جوسيف أنه تم إغلاق جزء صغير من الطريق السريع الذي يربط مدن موسكو وفورونيج وروستوف أون دون وكراسنودار. وأضاف عبر تليغرام أن حطام المسيرات المتساقط ألحق أضرارا بواجهات عدة منازل. وأكد حكام المنطقتين عدم وقوع إصابات.
وتسبق هجمات اليوم الاثنين الإعلان عن لقاء وفدي البلدين مجددا في مدينة إسطنبول بغية التحرك باتجاه إنهاء النزاع الذي بدأ مع حرب روسيا على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ومن المقرر أن يعقد الجانبان الجولة الثانية من محادثات السلام المباشرة بينهما لكنهما لا يزالان متباعدين بشأن كيفية إنهاء الحرب مع احتدام القتال.
وذكر كيث كيلوغ مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الجانبين سيقدمان في تركيا وثائقهما التي تحدد أفكارهما بشأن شروط السلام، على الرغم من أنه من الواضح أن موسكو وكييف لا تزالان متباعدتين بعد 3 سنوات من الحرب.
وأشار كيلوغ إلى أن الولايات المتحدة ستشارك في المحادثات، بل إن ممثلين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا سيشاركون أيضا على الرغم من أنه لم يتضح على أي مستوى ستكون الولايات المتحدة ممثلة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية إن وفد كييف وصل إلى إسطنبول، ومن المقرر عقد اجتماع بين الجانبين بعد ظهر اليوم الاثنين.
وورد في أمر تنفيذي أصدره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأحد أن وفد أوكرانيا سيضم أيضا نائب وزير الخارجية، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين ومسؤولي مخابرات.
وأظهرت نسخة من وثيقة أوكرانية اطلعت عليها رويترز أن المفاوضين الأوكرانيين "سيقدمون في إسطنبول للجانب الروسي خارطة طريق مقترحة للتوصل إلى حل سلمي دائم".
ووفقا للوثيقة، فإن كييف "تهدف إلى عدم وجود أي قيود على القوة العسكرية الأوكرانية بعد إبرام اتفاق سلام، وعدم وجود أي اعتراف دولي بالسيادة الروسية على أجزاء من أوكرانيا استولت عليها قوات موسكو، وكذلك تقديم تعويضات لأوكرانيا".
وأضافت الوثيقة أن الموقع الحالي لخط المواجهة سيكون نقطة البداية للمفاوضات حول الأراضي.
وسيترأس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي، وهو مساعد للرئيس فلاديمير بوتين استشهد بعد الجولة الأولى بما حدث مع الجنرال ورجل الدولة الفرنسي نابليون بونابرت في الماضي ليؤكد أن الحرب والمفاوضات يجب أن تتم دائما في الوقت نفسه.
وقال ميدينسكي، كبير مفاوضي الكرملين، أمس إن موسكو تلقت مسودة المذكرة الأوكرانية، وصرح لوكالة الإعلام الروسية بأن الكرملين سيرد عليها اليوم.
وكان بوتين قد اقترح فكرة المحادثات المباشرة لأول مرة بعد أن طالبته أوكرانيا وقوى أوروبية بالموافقة على وقف إطلاق النار الذي رفضه الكرملين.
وقال بوتين إن روسيا ستضع مسودة مذكرة تحدد الخطوط العريضة لاتفاق سلام محتمل وبعدها فقط ستناقش وقف إطلاق النار.
وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب روسيا وأوكرانيا بإحلال السلام، لكنهما لم تتوصلا حتى الآن إلى اتفاق، وحذر البيت الأبيض مرارا من أن الولايات المتحدة "ستنسحب" من جهود إنهاء الحرب إذا حال عناد الجانبين دون التوصل إلى اتفاق سلام.
يذكر أن الجولة الأولى من المحادثات بين روسيا وأوكرانيا أجريت في 16مايو/أيار وأسفرت عن أكبر عملية تبادل للأسرى في الحرب، لكنها لم تسفر عن أي بادرة سلام، أو حتى وقف لإطلاق النار، إذ اكتفى الطرفان بتحديد موقفيهما التفاوضيين المبدئيين.