فقدت الولايات المتحدة آخر تصنيف ائتماني من الدرجة الممتازة يوم الجمعة، بعد أن خفّضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني بسبب ارتفاع مستويات الدين الحكومي وتزايد أعباء الفوائد.
وقامت "موديز" بخفض تصنيف الولايات المتحدة من Aaa إلى Aa1، لتنضم بذلك إلى وكالتي فيتش وستاندرد آند بورز، اللتين سبق أن صنفتا أكبر اقتصاد في العالم دون الدرجة الثلاثية الأعلى. وجاء هذا التخفيض بعد أكثر من عام من قيام "موديز" بتعديل نظرتها المستقبلية لتصنيف الولايات المتحدة من "مستقرة" إلى "سلبية"، لكنها أعادت النظرة الآن إلى "مستقرة".
"الفيدرالي" الأميركي يعتزم تقليص عدد موظفيه 10% خلال سنوات
وجاء في بيان "موديز": "رغم إدراكنا للقوة الاقتصادية والمالية الكبيرة للولايات المتحدة، نرى أن هذه المقومات لم تعد كافية لتعويض التدهور في المؤشرات المالية"، وفقا لتقرير نشرته وكالة "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية Business".
وفور صدور البيان، تراجعت عقود الخزينة الآجلة إلى أدنى مستوياتها خلال اليوم، مما دفع عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى الارتفاع حتى 4.49%. كما تراجع صندوق مؤشرات يتتبع أداء مؤشر S\&P 500 بأكثر من 0.5% في تداولات ما بعد الإغلاق.
يأتي هذا التخفيض في وقت يُسجل فيه عجز الميزانية الفيدرالية نحو تريليوني دولار سنوياً، أي أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي ظل استمرار النقاش بين الكونغرس وإدارة ترامب بشأن حزمة ضريبية جديدة تشمل تمديد بعض بنود قانون خفض الضرائب لعام 2017، تزداد الشكوك حول إمكانية كبح الإنفاق.
وقد تؤدي التوترات التجارية العالمية إلى تباطؤ الاقتصاد الأميركي، مما سيؤدي بدوره إلى تفاقم العجز مع ارتفاع الإنفاق الحكومي خلال فترات التباطؤ الاقتصادي.
وعلى مدى السنوات الماضية، تسبب ارتفاع أسعار الفائدة في زيادة كبيرة في تكلفة خدمة الدين الحكومي، في وقت تجاوز فيه حجم الدين الأميركي الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعًا بالاقتراض المفرط منذ جائحة كورونا.
وفي مايو، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أمام الكونغرس إن البلاد تسير في "مسار غير مستدام"، مضيفًا: "أرقام الدين مخيفة بالفعل، وأي أزمة مالية قد تعني توقفًا مفاجئًا في النشاط الاقتصادي نتيجة اختفاء الائتمان"،
وأكد: "أنا ملتزم بمنع حدوث ذلك".
وقدّر مختبر الميزانية في جامعة ييل أن مشروع القانون الضريبي الذي أعده الجمهوريون سيضيف 3.4 تريليون دولار إلى الدين العام خلال العقد المقبل، وقد تصل التكلفة إلى 5 تريليونات دولار إذا تم تمديد البنود المؤقتة — المقرر انتهاؤها خلال السنوات المقبلة — حتى عام 2035. وإن أصبحت هذه البنود دائمة، فمن المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 200% بحلول عام 2055، وفقًا لتقديرات المختبر يوم الجمعة.
بدأت إجراءات تخفيض تصنيف الولايات المتحدة من قبل "موديز" في نوفمبر 2023، حين خفّضت الوكالة النظرة المستقبلية من "مستقرة" إلى "سلبية"، مع الإبقاء على التصنيف عند الدرجة الأعلى Aaa. وغالبًا ما يتبع هذا التغيير خفض فعلي في غضون 12 إلى 18 شهرًا.
وبهذا القرار، تصبح "موديز" آخر وكالة من بين الثلاث الكبرى التي تسحب التصنيف الممتاز من الولايات المتحدة. وكانت وكالة فيتش قد خفّضت تصنيفها في أغسطس 2023 إلى +AA، بسبب الخلافات السياسية حول سقف الدين، والتي كادت أن تدفع البلاد إلى حافة التخلف عن السداد.
أما وكالة ستاندرد آند بورز، فكانت أول من خفّض التصنيف الأميركي في عام 2011، وتعرضت حينها لانتقادات شديدة من وزارة الخزانة.