آخر الأخبار

مخلفات القصف الإسرائيلي.. "حقول الموت الصامت" في جنوب لبنان

شارك
إسرائيل زرعت آلاف الألغام في لبنان

تمتد المساحات الخضراء على مرمى البصر في جنوب لبنان، لكن تحت هذا اللون المبهج تكمن "حقول موت صامتة" تهدد حياة أهالي القرى الحدودية بشكل يومي.

فمخلفات القصف الإسرائيلي الأخيرة تشكل معضلة مستمرة في لبنان، لا تنحصر بتهديد الأرواح فحسب، بل تطال سبل العيش والكرامة والهوية.

وبعد أكثر من عقدين على انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، لا تزال آلاف الألغام والقنابل العنقودية المزروعة في الأراضي تهدد السكان وتعيق استعادة دورة الحياة الطبيعية.

ومع غياب المساءلة الدولية عن استخدام إسرائيل القنابل العنقودية والفسفورية، تبقى مسؤولية الحل على عاتق الدولة اللبنانية وشركائها الدوليين، وسط حاجة ماسة لتسريع وتيرة العمل على تطهير الجنوب وتوفير الدعم اللازم لذلك.

أراض مزروعة بالخطر

تقدر الأمم المتحدة أن إسرائيل زرعت ما لا يقل عن 40 ألف لغم على طول "الخط الأزرق" قبل انسحابها عام 2000، وبحسب إحصاءات حديثة للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن نحو 24 مليون متر مربع من الأراضي اللبنانية ما زالت ملوثة بمخلّفات حربية، معظمها في الجنوب، هي السبب وراء مقتل أو إصابة الآلاف منذ عام 1975.

كما فاقم الأزمة الصراع الذي اشتعل على مدار أشهر بين إسرائيل و حزب الله، تزامنا مع حرب غزة التي بدأت في أكتوبر 2023.

هذه المساحات الملوثة، التي كانت يوما مصدرا للرزق، تحولت إلى أراض مهجورة، مزروعة بالخوف من الانفجارات المفاجئة.

يقول المزارع أبو فارس زهرة من بلدة شبعا الحدودية لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه معاناة سكان بلدتنا، خصوصا منطقة القاطع في جبل الشيخ والوادي، وصولا إلى مزرعة بسطرة ونزولا نحو حلتا، حيث يمنعنا الخوف من الألغام من الاقتراب من أراضينا".

وتابع: "لم نعد نزرع ولا نرعى مواشينا كما في السابق، لأن كل خطوة قد تكون الأخيرة".

حلم معلق

"أهالي الجنوب لا يطالبون بالكثير"، هذا ما أوضحه أحمد عثمان من بلدة الهبارية، الذي أضاف: "كل ما يريدونه هو أن يستعيدوا أراضيهم، وأن يعيشوا بأمان".

كما تقول سهام من بلدة العديسة المدمرة: "نريد أن يركض أولادنا في الحقل من دون أن نخشى أن تطأ أقدامهم الموت".

وفي ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تحاصر لبنان، تبقى الزراعة واحدة من فرص البقاء في الجنوب، لكن الألغام تقف بين الإنسان والأرض، وبين الحياة والموت.

في إحدى القرى الجنوبية بمحافظة النبطية، يقف عمار، وهو شاب في الثلاثينيات من عمره، على ساق واحدة، بعد أن فقد ساقه اليسرى عام 2021 حين داس على لغم أثناء عمله في أرضه الزراعية.

ويروي عمار معاناته لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا وهو يشير إلى موقع الحادثة: "كأن الحياة توقفت هناك، عند صوت ذلك الانفجار".

ويضيف: "بعد معاناة طويلة، حصلت على طرف صناعي بدعم من جمعية محلية، لكن مخاوفي لم تنته. ما زلت أسمع صوت الانفجار في رأسي، وما زلت أرى رفاقا يخشون العودة إلى أراضيهم".

خطر التجاهل

تلعب المجتمعات المحلية دورا مهما في الإبلاغ عن المناطق المشبوهة، ويؤكد مصدر مسؤول في فرق نزع الألغام لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "وعي السكان وتعاونهم هو خط الدفاع الأول ضد الحوادث، إذ إن الإبلاغ السريع قد ينقذ أرواحا ويمنع كوارث".

ويتابع المصدر: "لكن كثيرا من القرى لا تزال تفتقر إلى التوعية الكافية، ولا يملك السكان بدائل اقتصادية تمنعهم من المخاطرة بالعمل في الحقول التي قد تكون مزروعة بالألغام".

ويتحدث رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة هشام جابر، لموقع "سكاي نيوز عربية"، فيقول: "منذ عام 1998، يعمل المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام، التابع للجيش، على إزالة الألغام ومخلفات الحروب".

ويضيف جابر: "بحسب المركز، تم تطهير نحو 84 بالمئة من الأراضي الملوثة، إلا أن المساحات الأخطر ما زالت تنتظر الحل، خصوصا تلك التي لم تسلم خرائطها، مثل خرائط ألغام حرب 2006 التي ترفض إسرائيل تسليمها حتى اليوم".

ويؤكد: "أكثر ما نواجهه اليوم على الأرض هو الذخائر العنقودية. عند العثور على أجسام مشبوهة، يتم إبلاغ الجيش اللبناني الذي يتعامل معها مباشرة بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام (اليونيفيل) عند الحاجة".

ويختم جابر حديثه قائلا: "رغم هذا التنسيق، تبقى المهمة شاقة، خصوصا في ظل طبيعة الأرض الوعرة، والحاجة إلى تقنيات دقيقة ومكلفة، وغياب خرائط دقيقة للأماكن المزروعة بالذخائر".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا