آخر الأخبار

أحداث جرمانا : "نخاف أن يتكرر في المدينة ما حصل في الساحل السوري"

شارك
مصدر الصورة

شهدت مدينة جرمانا في ريف دمشق بسوريا ليلة غير مسبوقة من التوتر والعنف، بعد انتشار تسجيل صوتي مسيء يُزعم أنه يهاجم النبي محمد.

اندلع التوتر بشكل مفاجئ بعد هجوم شنّته مجموعات مسلحة، تخلله إطلاق نار كثيف، وأعقبته موجة من التكبيرات والاشتباكات المسلحة، وسقوط قذائف هاون، ما أدى إلى حالة من الذعر والقلق بين الأهالي.

وفي تطور سريع للأحداث، تبين أن التسجيل الصوتي الذي تسبب بالتصعيد مفبرك، وهو ما أكدته وزارة الدفاع السورية في بيان رسمي، موضحة أن التسجيل لا يعود للشخص الذي نُسب إليه.

كما نفى الشيخ المعني علاقته بالتسجيل بشكل قاطع، وهو يقيم أصلاً في محافظة السويداء ولم يصدر عنه أي تصريح من هذا النوع.

وقد أسفرت الاشتباكات العنيفة عن مقتل 14 شخصاً على الأقل هم سبعة مسلحين محليين دروز وسبعة من قوات الأمن ومسلحين تابعين لها، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء في حصيلة جديدة قال إنها "غير نهائية".

"ليلة من الرعب"

مرهف، شاب من محافظة السويداء ويقيم في جرمانا منذ سنوات، يروي لبي بي سي تفاصيل اللحظات الأولى للهجوم قائلاً: "فجأة، بدأ إطلاق النار في الهواء، واجتاز المسلحون الحاجز الأمني عند مدخل المنطقة. كان اليوم عادياً جداً، الحياة طبيعية تماماً، ثم بدأ إطلاق نار كثيف من دون أي إنذار أو مبرر واضح".

أضاف مرهف أن حالة من الاستنفار عمّت جرمانا فور اندلاع الاشتباكات: "استنفرت كل المنطقة، وخرج أبناء جميع الطوائف، حتى من يملكون السلاح من المدنيين، وشعرنا بأن الخطر يهددنا جميعاً دون استثناء".

وعن مشاعره خلال الحدث، قال بصوت متقطع: "أشعر أني مخنوق جداً، من الصعب علي الكلام.. لا أستطيع أن أُخرج الكلمات. أنا حزين جداً على الشباب الذين قُتلوا. كنا دائماً يداً واحدة: المسيحيون والمسلمون والدروز والجميع".

مرهف وصف الهجوم بأنه كان "عشوائياً وهمجياً"، وأشار إلى أن التهديد ما زال قائماً بسبب استمرار الحشود.

"مشكلتنا الآن مع جماعات مثل الشيشان وأبو عمشة، وغيرهم من الملثمين، وهؤلاء ليسوا عرباً أصلاً. نخاف أن يتكرر في جرمانا ما حصل في الساحل السوري".

وفي حديث مع بي بي سي، أوضح مكرم عبيد، محامي في مركز العمل الأهلي في جرمانا ومُكلف من قبل الهيئة الروحية بمتابعة التطورات في المدينة، أن ما جرى هو نتيجة مباشرة لـ "تجييش طائفي غير واعٍ وغريب عن عادات وأخلاق سكان جرمانا. وقال: "هذا النوع من التحريض قد يخلق حساسيات خطيرة بين المكونات الاجتماعية، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لمواجهته وتقديم الحقائق كما هي".

وأشار عبيد إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في تضليل الرأي العام، إذ يمكن لأي شخص نشر مقطع صوتي من أي مكان وادعاء أنه من داخل جرمانا.

وتابع قائلاً إنهم تحدثوا مع جيرانهم في منطقة المليحة، التي شهدت أيضاً اعتداءات مشابهة، وقد أكد الأهالي هناك أن المجموعات المهاجمة ليست من المليحة أصلاً، بل عناصر غريبة عن المنطقة، مما يزيد من تعقيد الوضع وخطورته.

"لا نملك معلومات دقيقة عن خلفية هذه المجموعات، لكن من الواضح أنهم خارجون عن القانون، متطرفون، ويحملون أجندات غريبة لا تنتمي إلى المجتمع السوري".

وأعرب في ختام حديثه عن ارتياحه لتدخل الحكومة: "تدخل الحكومة جاء في الوقت المناسب، وقد وعدت بعدم تكرار هذا المشهد الذي تسبب بتوتر كبير".

مصدر الصورة

هدنة مؤقتة ومفاوضات

وقال مصدر أمني لبي بي سي إن جرمانا شهدت مساء أمس الاثنين "تجمعات مريبة لمقاتلين خارجين عن القانون، تزامناً مع توتر شعبي واسع النطاق بعد انتشار تسجيل صوتي مسيء نُسب إلى شخصية قيل إنها من وجهاء الطائفة الدرزية، ما أدى إلى شحن في النفوس وتوتر طائفي واضح".

وأوضح أن عدة أعيرة نارية أُطلقت باتجاه منطقة المليحة المحاذية لجرمانا، "ما أدى إلى استفزاز بعض المقاتلين المحليين، الذين تصرفوا بشكل فردي دون علم الدولة، واشتبكوا مع مجموعات مسلحة من داخل الحي في جرمانا".

وأضاف قوات الأمن تدخّلت سريعاً لفضّ الاشتباك والسيطرة على الوضع، وتم بالفعل "احتواء الاشتباكات وانتشار وحدات أمنية في المنطقة لضبط الأمن ومنع أي مقاتلين من الوصول إلى داخل جرمانا".

وأشار إلى أنه تم إقرار هدنة مؤقتة، وأن مفاوضات تُجرى حالياً مع وجهاء جرمانا لتسليم الخارجين عن القانون، مضيفاً أن "هناك أسرى من الطرفين ويتم التفاوض بشأنهم ضمن بنود التهدئة".

كما تشمل بنود المفاوضات تسليم الجثث بين الطرفين، التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار، وتسليم الأسلحة الموجودة داخل جرمانا، في خطوة تهدف إلى إعادة الهدوء وضمان سلامة المدنيين.

من جهته، أصدر المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية السورية عدة بيانات رسمية أكد فيها استمرار التحقيقات لكشف هوية صاحب التسجيل الصوتي. وأشار البيان إلى أن بعض المسلحين الذين شاركوا في الاشتباكات ينتمون إلى المنطقة، في حين جاء آخرون من خارجها.

كما أكدت الوزارة في بيان لاحق أن "الوحدات الأمنية، مدعومة بقوات من وزارة الدفاع، تدخلت لفض الاشتباكات وفرض طوق أمني حول جرمانا للحفاظ على السلم المجتمعي ومنع تكرار الحادثة".

مصدر الصورة

تنوع طائفي وطابع سلمي

واختتم المحامي السوري، مكرم عبيد، حديثه بالتأكيد على الطابع التعددي السلمي الذي عُرفت به جرمانا لعقود:

"جرمانا تضم الدروز، السنة، العلويين، المسيحيين، وكل الطوائف التي تعيش بانسجام تام. نحترم مقام النبي محمد ولا نسمح بالإساءة إليه"

في ظل هذه التطورات، يبقى الهدوء الحذر سائداً في المدينة، بينما يأمل الأهالي أن تكون التدخلات الحكومية كفيلة بإعادة الاستقرار وقطع الطريق على أي محاولة لإثارة الفوضى من جديد.

تقع جرمانا في ريف دمشق الجنوبي الشرقي، وتحديدًا إلى الجنوب الشرقي من العاصمة السورية دمشق، على بُعد حوالي 5 كيلومترات فقط من مركز المدينة، وتُعد منطقة سكنية كثيفة السكان، وتتميّز بتنوعها الطائفي والمجتمعي، حيث تعيش فيها طوائف عدة ضمن نمط تقليدي من التعايش السلمي.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا