آخر الأخبار

الذهب: هل يعود المعدن الأصفر للارتفاع؟ وما هو الاستثمار الآمن مستقبلا؟

شارك
مصدر الصورة

سجلت أسعار الذهب تراجعا طفيفا يوم الأربعاء، بلغت 3300 دولار أمريكي للأونصة، بعد أن كانت قد ارتفعت إلى مستويات قياسية خلال الأيام الماضية وبلغت ذروتها الثلاثاء، لتتجاوز 3500 دولار أمريكي للأونصة، مع استمرار بحث المستثمرين عما يُسمى بأصول "الملاذ الآمن"، بديلا عن العملة الأمريكية.

وتراجعت أسعار الذهب بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، بالعدول عن نيته إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، وإعلانه "التفاؤل" بإمكانية التوصل لاتفاق تجاري مع الصين.

وحقق الدولار ارتفاعات طفيفة أمام العملات الأخرى الأربعاء، وهبط اليورو 0.25% إلى 1.1389 دولاراً متراجعاً عن مستوى 1.15 دولار الذي سجله هذا الأسبوع وشكل أعلى مستوى في نحو ثلاثة أعوام ونصف العام.

وصعد الدولار بأكثر من 1% أمام العملة اليابانية إلى 143.21 ين في التعاملات المبكرة واستقر في أحدث التداولات عند 141.81 ين.

وانخفضت قيمة الدولار عند أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات، يوم الثلاثاء، بعد أن تأثرت سلبًا بحالة عدم اليقين المحيطة بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، على بعض دول العالم وأبرزها الصين، وهجومه على جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي).

وبلغ مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس قيمته مقابل سلة من العملات العالمية الرئيسية الأخرى، 98.4 نقطة يوم الثلاثاء، وهو أدنى مستوى له منذ مارس 2022، بحسب البيانات الرسمية الأمريكية.

وعن أسباب هذا التذبذب في أسعار الذهب يرى علىي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولى و عضو الجمعية المصرية للاقتصاد و التشريع، أن الذهب أصبح الأن الملاذ الآمن للمستثمرين في الولايات المتحدة وخارجها، والتراجع الأخير نتيجة عمليات "جني أرباح من المستثمرين بعد الارتفاع الكبير، بالإضافة إلى عوامل أخرى سياسية واقتصادية في الولايات المتحدة."

التصحيح الإجباري

مصدر الصورة

غالبا ما كان الدولار الأمريكي أحد الملاذات الآمنة للمستثمرين لتحقيق الأرباح، وكانت قيمته ترتفع خلال اضطرابات السوق، لكن هناك عوامل حالية أثرت على قيمة الدولار بالنسبة للمستثمرين، منها ارتفاع الدين الأمريكي لمستويات قياسية مؤخراً والحاجة إلى سداد أقساط كبيرة، وهو ما يؤثر على شعور المستثمرين بالأمان.

ومع تراجع الذهب الأخير عن مستوياته القياسية، يرى الخبراء أنه بدأ مرحلة تسمى "التصحيح الاجباري" على المستوى الشهري، بعد عمليات الشراء الهائلة، وقد تمتد عملية التصحيح لفترة قصيرة أو طويلة على حسب الإجراءات والقرارات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، وقد يعود الذهب بعدها لتحقيق "موجة صعود كبيرة جديدة."

منذ عودته للبيت الأبيض أشعل الرئيس ترامب سلسلة من الصراعات الداخلية والخارجية، بداية من تقليص الموظفين الحكوميين وتقليص أو منع التمويل عن بعض المؤسسات التعليمية والتنموية في البلاد، وأخيرا فرض تعريفات جمركية، وهو ما تسبب في حالة عدم يقين في الاقتصاد الأمريكي وتراجع الدولار وحتى السندات الأمريكية، وهو ما يعني صعود الذهب.

ويقول هاني الجمل، مدير تحرير التقرير الصيني بمؤسسة المنتدى العالمي للدراسات المستقبلية، إن الدولار سيتعافى حتما بعد تصريحات ترامب الأخيرة، لكن الأمر "لن يستمر طويلا"، وقد يعود الذهب ليحقق "قفزة كبيرة أخرى" في المستقبل القريب.

وأوضح تصريحاته هذه بأنه حتى الآن لا يوجد "توافق استراتيجي" داخل أمريكا لمواجهة صراعات ترامب خاصة مع الصين، التي بدأت تخفيض صاردات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، وهو ما يعني "ضربة قوية لصناعة التكنولوجيا الأمريكية."

ويشير الجمل إلى أن الصين "لاعب مؤثر" في المفاوضات الأمريكية الإيرانية الدائرة حاليا حول البرنامج النووي الإيراني، وبعد وضع مصفاة بترول صينية تابعة للنفط الإيراني قيد الحظر الأمريكي فهو يعني "مزيد من التصعيد الأمريكي"، وستكون هناك "تأثيرات سلبية" على المفاوضات وعلى الاقتصاد الأمريكي.

ويتفق الدكتور الإدريسي، مع أن تراجع الذهب قد يكون "مؤقتا"، نظرا لعدم اليقين في موقف ترامب السياسي والاقتصادي سواء من المسؤولين الأمريكيين او مع الصين وحتى الحلفاء في أوروبا.

وقال إنه مع استمرار "التوترات الجيوسياسية والتوقعات السلبية للنمو الاقتصادي العالمى وتخفيضه للعام الحالى لنحو 2.8 في المئة بدلا من 3.3 في المئة، كانت متوقعة فى وقت سابق."

الاستثمار المستقبلي

مصدر الصورة

طالت التوترات الحالية سوق السندات الأمريكية، وفي حين شهدت أسواق الأسهم تقلبات، يراقب الكثير من المستثمرين سوق السندات الأمريكية عن كثب.

وأسواق السندات أو أسواق الدين، هي الوسيلة التي تقترض بها الحكومة الأموال من المستثمرين، وفي المقابل تدفع فوائد.

ونادرا ما تشهد هذه السوق تحركات كبيرة، وخاصةً في الولايات المتحدة، ولكن بعد فرض الرسوم الجمركية، ارتفعت تكلفة الدين على الحكومة الأمريكية وبات عليها تقديم فوائد عاليه للمستثمرين لتشجيعهم على شراء السندات ودفع الأموال للحكومة.

ويرى الخبراء أن هذه علامة على فقدان المستثمرين ثقتهم بأكبر اقتصاد في العالم، وهو ما يجعل سوق السندات الأمريكية رهانا أكثر خطورة من المعتاد، وبالتالي يطالبون بعوائد أعلى لإقراض الأموال.

ويقول الجمل إن هذا الموقف غير مألوف، لأن الولايات المتحدة قوة اقتصادية وحتى عندما تضطرب أسواق الأسهم، يسارع المستثمرون عموما إلى شراء السندات الحكومية لأنها تُعتبر ملاذًا آمنًا لاستثمار أموالهم."

وحول الاستثمار الأفضل في الوقت الحالي، أوضح الإدريسي أن العقار "يظل من مخازن القيمة" والتى يضعها دائما المواطن والمستثمر فى حساباته كملاذ آمن للحفاظ على المدخرات.

صراعات مستمرة

مصدر الصورة

لم يتوقف الأمر على الحرب الاقتصادية التي أشعلها ترامب بسبب التعريفات الجمركية، بل أثرت الانتقادات التي وجهها إلى جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، على الأسواق الأمريكية، وتسببت في تراجعها على نحو كبير.

ورغم تراجع هجوم ترامب على باول، إلا أن الأزمة مازالت قائمة بينهما، والتي تفجرت عندما وصف ترامب رئيس الفيدرالي الأمريكي بأنه "الخاسر الأكبر"، وطالبه في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، الإثنين، إلى خفض أسعار الفائدة "بشكل استباقي" للمساعدة في تعزيز الاقتصاد.

وكتب: "قد يكون هناك تباطؤ في الاقتصاد ما لم يخفض السيد "فات الأوان"، الخاسر الأكبر، أسعار الفائدة الآن".

والمعروف أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من يقرر أسعار الفائدة بشكل مستقل عن الحكومة.

وكان باول قد حذر في وقت سابق من أن ضرائب الاستيراد التي فرضها ترامب من المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتباطؤ الاقتصاد.

وفي الأسبوع الماضي، دعا الرئيس علنًا إلى إقالة باول، وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الخميس: "لا يمكن إقالة باول بالسرعة الكافية".

وأثارت دعوة ترامب هذه وتهديداته لأهم مسؤول مالي أمريكي الجدل السياسي والقانوني، حول استقلال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن الحكومة الأمريكية.

ويرى الجمل أن شخصية ترامب والصراعات التي يخوضها داخليا وخارجيا، تثير أزمة ثقة لدى المستثمرين، مشيرا إلى أن توقعات الخبراء تضع احتمالا لصعود مستقبلي للذهب في ظل استمرار سياسات ترامب، وقد يصل به إلى 6000 دولار للاونصة خلال السنوات القادمة.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا