اتفقت وسيلتان إعلاميتان أميركيتان وأخرى بريطانية على ضرورة إقالة وزير دفاع الولايات المتحدة بيت هيغسيث ، وذلك بعد الكشف عن مشاركته معلومات بالغة الحساسية عن ضربات جوية على اليمن، في دردشة جماعية ثانية على تطبيق المراسلة سيغنال.
ووفق مقال تحليلي للكاتب ديفيد روثكوف على موقع "ديلي بيست"، فقد تبين خلال الأشهر الثلاثة الماضية أن أي مشكلة تبرز إلى السطح داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب دائما ما تكون أسوأ مما تبدو عليه.
وقليلة هي الأمثلة التي توضح بشكل أفضل المتاعب التي يعاني منها هيغسيث، حيث جاء في المقال الذي حذر فيه كاتبه من أن دور وزير الدفاع في فضيحة سيغنال الأولى تفضي إلى فضيحة ثانية، مقترحا إطلاق مصطلح "هيغسيث غيت" على هذه الفضائح مجتمعة.
وفي حين أن أحد كبار المسؤولين السابقين في البنتاغون كتب مقالة افتتاحية صادمة يوم الأحد يصف فيها "الفوضى" و"الخلل" في أداء الوزارة منذ تسلم هيغسيث مقاليدها، إلا أن الرئيس ترامب دافع عنه عندما قال يوم الاثنين عنه إنه "يقوم بعمل رائع".
لكن روثكوف لا يستبعد، رغم ذلك، أن يتخلص الرئيس منه "بضربة سريعة" -عبر منشور يبثه على منصة "تروث سوشيال" على وسائل التواصل الاجتماعي- عندما يشعر بأن وزير دفاعه أصبح يشكل عبئا على شعبيته.
ويعتقد الكاتب أن ثمة تطورات داخل مجلس الأمن القومي تنبئ بأن مكانة أميركا كقوة عظمى باتت في خطر، وأن سلامة البلاد وحلفائها مهددة، في حين يصبح أعداؤها وخصومها أقوى بسبب تصرفات الرئيس وفريقه.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد أوردت في تقرير نهاية الأسبوع الماضي أن إدارة ترامب تنوي إجراء "إصلاحات جذرية" لوزارة الخارجية من خلال إصدار أمر تنفيذي من شأنه أن يلحق ضررا بالغا بقدرة الولايات المتحدة على تعزيز مصالحها والدفاع عنها في جميع أنحاء العالم.
وتشمل تلك الإصلاحات -التي قال روثكوف إنه اطلع عليها- إلغاء المكاتب الإقليمية الحالية واستبدالها بـ4 مكاتب إقليمية كبرى تغطي مناطق أكبر من العالم، والتخلص من أو تقليص كل أو معظم البرامج التي تعزز الديمقراطية والمؤسسات الدولية ومكافحة تغير المناخ ودعم قضايا المرأة والنهوض بالدبلوماسية العامة الأميركية.
ومن وجهة نظر المقال، فإن تصرفات إدارة ترامب أوجدت فرصا لخصومها -مثل الصين وروسيا- لتحقيق مكاسب على الصعيد الدولي. فالصين تقدم بالفعل برامج مساعدات لتحل محل تلك التي كانت تقدمها الولايات المتحدة، مما يعزز نفوذها ويقوض إمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة .
ومضى الكاتب إلى القول إن تأثير مجلس الأمن القومي تضاءل إلى الحد الذي دفع ترامب إلى طرد العديد من موظفيه باقتراح من مُروِّجة نظريات المؤامرة لورا لومر ، الذي يصفها روثكوف بأنها "يمينية معتوهة لا تملك أي خبرة في مجال الأمن القومي".
روثكوف: الجنون والفوضى والجهل وعدم الكفاءة تنخر في عضد الدولة الأميركية، التي تزداد ضعفا بينما يزداد أعداؤها وخصومها قوة على حسابها
وخلص إلى أن الجنون والفوضى والجهل وعدم الكفاءة تنخر في عضد الدولة الأميركية، التي تزداد ضعفا بينما يزداد أعداؤها وخصومها قوة على حسابها.
وحذت مجلة "ناشونال إنترست" حذو نظيرتها "ديلي بيست". فقد نشرت تحليلا لرئيس تحريرها جاكوب هيلبرون قال فيه إن وزير الدفاع أضحى في موقف هش بعد اكتشاف مشاركة ثانية غير مصرح بها على تطبيق المراسلة سيغنال، وبعد إقالته عددا من كبار المسؤولين في البنتاغون.
ونقل عن الإذاعة الوطنية العامة الأميركية أن البيت الأبيض ينظر في أمر استبدال هيغسيث، على الرغم من نفي الخبر رسميا "كما هو متوقع".
ولفت هيلبرون أن هيغسيث، منذ أن أصبح وزيرا للدفاع، وهو يرسل إشارات غريبة، من بينها نيته تطهير الجيش من كبار جنرالاته، ومشاركته في محادثات على تطبيق سيغنال التي تشكل تهديدا للأمن القومي.
أما صحيفة "آي بيبر" البريطانية، فقد نشرت هي الأخرى مقالا للكاتب كيران كوركوران وصف فيه الدردشة الثانية على تطبيق سيغنال بأنها أشد خطورة من الأولى.
وفي الوقت الذي تسببت فيه الدردشة الأولى بفضيحة كبرى لإدارة دونالد ترامب ، فإن الثانية -التي كان لصحيفة نيويورك تايمز قصب السبق في الكشف عنها- تنذر بإشعال الخلافات من جديد.
ولعل ما يجعل الفضيحة الثانية تبدو -برأي كوركوران- أسوأ من سابقتها هو قائمة الأشخاص الذين اطلعوا على خطط الحرب التي تشنها أميركا على اليمن .
كوركوران: ما يجعل الفضيحة الثانية تبدو أسوأ من سابقتها هو قائمة الأشخاص الذين اطلعوا على خطط الحرب التي تشنها أميركا على اليمن .
فقد اشتملت الدردشة الأولى التي أعدها مستشار الأمن القومي مايكل والتز ، على مسؤولين كبار في إدارة ترامب، مثل جيه دي فانس نائب الرئيس ووزير الخارجية ماركو روبيو . كان الاستثناء هو جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتيك"، والذي يبدو أنه تمت إضافته إلى الدردشة عن طريق الخطأ، وأفشى لاحقا تفاصيل العديد من الرسائل المتبادلة بين المشاركين.
أما الدردشة الثانية التي ابتدرها هيسغيث، فقد تضمنت زوجته -وهي موظفة في قناة فوكس نيوز- بالإضافة إلى شقيقه ومحاميه الشخصي، وكلاهما يعمل في البنتاغون ولكن في وظائف أصغر من أن تسمح لهما بالاطلاع على معلومات حساسة رفيعة المستوى.
وإجمالا، فقد اشترك في الدردشة الثانية 10 أشخاص، بمن فيهم كبار المساعدين الذين أقالهم هيغسيث لاحقا، طبقا لمقال الصحيفة البريطانية.