في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
هذه المرة، حملت أورتاغوس نبرة أكثر هدوءًا، لكن الجوهر لم يتغير، بل بدا أكثر وضوحًا: "لا استقرار في لبنان من دون حصر السلاح بيد الدولة".
تصريحاتها جاءت في وقت بالغ الحساسية، وسط تصاعد التوترات على الحدود الجنوبية، وحراك لبناني داخلي بشأن استراتيجية الدفاع الوطني.
لغة دبلوماسية... ومطالب ثابتة
في مقابلة مع سكاي نيوز عربية، وصفت أورتاغوس الوضع اللبناني بأنه "فرصة ذهبية" لإعادة بناء الدولة، معتبرة أن الجيش اللبناني يمتلك القدرة على تنفيذ مهمة نزع السلاح، وأن الحكومة اللبنانية تتحرك "بشكل إيجابي" لترجمة المطالب الدولية إلى إجراءات عملية على الأرض. لكن التصريحات الأميركية، رغم نعومتها الشكلية، حملت مضمونًا صارمًا.
أورتاغوس لم تتحدث عن أي ضغط على إسرائيل لتنفيذ ما عليها من التزامات بموجب القرار الأممي 1701، وهو ما انتقده بوضوح الصحفي اللبناني محمد علوش، الذي رأى أن المبعوثة الأمريكية "أرادت تحميل لبنان كل الأعباء، بينما تعفي إسرائيل من التزاماتها".
نزع السلاح لا يسبق السيادة
في تحليله لمضمون الزيارة، قال الصحفي محمد علوش خلال ظهوره في برنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية أن: "الزيارة الثانية لأورتاغوس كانت أفضل شكلاً، لكنها لم تأتِ بجديد في الجوهر. هي حملت إشارات، لا تهديدات، لكنّها ركزت فقط على الجانب اللبناني من القرار 1701، وتجاهلت خروقات إسرائيل".
وأضاف علوش أن الموقف اللبناني الرسمي "كان موحدًا، خصوصًا من قبل رئيس الجمهورية الذي أبدى استعدادًا للبحث في ملف السلاح، لكن ضمن أولويات لبنانية واضحة ترتبط بتحرير الأراضي المحتلة، ووقف الاعتداءات، وتطبيق القرار 1701 بكليّته".
عون وبري يفتحان الباب.. السلاح على طاولة الحوار الوطني
في تحرك غير مسبوق، كشف علوش أن الرئيس جوزيف عون فاتح رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الأولى بشأن ملف سلاح حزب الله، في محاولة لفتح حوار داخلي حول مستقبل السلاح خارج إطار الدولة.
وبحسب علوش: "الرئيس بري لم يعارض مبدأ الحوار، لكنه شدد على أن أي نقاش يجب أن يكون ضمن أولويات تحددها الدولة اللبنانية، وأن لا يكون مفروضًا تحت الضغط أو الإملاءات الخارجية".
هذا التطور قد يشكل نقطة تحول في التعامل مع قضية السلاح، إذ لم تعد حكرًا على المقاربات الإقليمية والدولية، بل دخلت فعليًا مسارًا لبنانيًا داخليًا، قد ينضج في الأشهر المقبلة في إطار استراتيجية الدفاع الوطني.
الحدود الشرقية تحت المجهر: من التهريب إلى الأمن القومي
ضبط الحدود مع سوريا شكّل مطلبًا موازيًا لأورتاغوس، وربما جزءًا من الرؤية الأميركية الشاملة لحصر الأمن بيد الدولة اللبنانية.
ووفق مصادر "سكاي نيوز عربية" يستعد رئيس الحكومة نواف سلام لزيارة دمشق، في خطوة تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقات الأمنية والحدودية.
لكن محمد علوش يرى أن المشكلة ليست فقط تقنية أو عسكرية، بل سياسية بامتياز، قائلًا:"مهما انتشر الجيش اللبناني، لن يستطيع ضبط الحدود من دون قرار سياسي مشترك من بيروت ودمشق، لمكافحة التهريب وملاحقة العصابات العابرة للحدود".
ويشير علوش إلى أن التهريب لا يرتبط بحزب الله كما يُروّج له في بعض الدوائر الدولية، بل يتعلق بمهربين مستقلين تطورت عملياتهم إلى اشتباكات مسلحة استدعت تدخل الجيش.
الواقع على الأرض: نقص عددي ومخاطر تصعيد
في الجنوب اللبناني، يتواجد حالياً قرابة 6 الاف جندي لبناني، في حين أن العدد المنصوص عليه في القرار 1701 هو 15 الف عنصر.
ومع التخطيط لرفع العدد إلى 8 الاف في الأشهر المقبلة، يبقى النقص كبيرًا، ما يجعل قدرة الجيش على تنفيذ مهمة نزع السلاح موضع تساؤل.
يقول علوش إن "القرار السياسي هو الحاسم"، موضحًا أن أي تحرك عسكري لنزع السلاح دون توافق داخلي ودون معالجة الاعتداءات الإسرائيلية سيكون "مغامرة محفوفة بالمخاطر".
الإصلاحات السياسية.. اتفاق الطائف لا يزال معلقًا
في خلفية المشهد، تبقى الإصلاحات السياسية جزءًا لا يتجزأ من معادلة بناء الدولة. اتفاق الطائف الذي نص على إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس شيوخ لا يزال بعيد التطبيق. ويعلق علوش بأن "القوى المسيحية لا تثق بعد في النظام السياسي القائم"، ما يدفعها لاقتراح قوانين انتخابية ضيقة، تعكس الانغلاق الطائفي بدل الانفتاح الوطني.
هل يُفتح باب التسويات أم يُدفع لبنان نحو التصعيد؟
زيارة أورتاغوس حملت رسائل مزدوجة: ضغط ناعم مع إصرار صلب. وبينما تبدو الحكومة اللبنانية مستعدة لفتح النقاش، يظل عامل الزمن والميدان مفتوحًا على احتمالات متعددة، بين انفراج دبلوماسي أو تصعيد ميداني.
في هذا السياق، يُذكّر محمد علوش ان لبنان لا يرفض النقاش حول السلاح، لكنه يرفض أن يُناقَش تحت القصف، أو أن تُفرَض عليه حلول خارج سياقه السيادي والسياسي.
وبينما تستعد المنطقة لتقلبات جديدة، يبقى مصير سلاح حزب الله رهين توازن معقد بين الداخل والخارج، وبين الحسابات الوطنية والرهانات الإقليمية.