آخر الأخبار

فيلم لأيقونة حركة "أنا أيضاً" اليابانية يترشح لجائزة الأوسكار لكن لا يمكن عرضه في البلاد

شارك
مصدر الصورة

عندما قررت الصحفية اليابانية، شيوري إيتو، التحدث عن مزاعم تعرضها للاغتصاب، علمت أنها تقف في وجه مجتمع يفضل الصمت.

وتقول شيوري في المشهد الافتتاحي لفيلمها الوثائقي، يوميات الصندوق الأسود (Black Box Diaries)، المرشح لجائزة الأوسكار، "أنا خائفة ... لكن كل ما أريد فعله هو التحدث عن الحقيقة".

وباتت، شيوري، وجه حركة "أنا أيضاً" اليابانية، بعدما اتهمت الصحفي البارز، نوريوكي ياماغوتشي، باغتصابها وقد نفى ياماغوتشي هذه الاتهامات.

والوثائقي أول فيلم تخرجه شيوري، يستند إلى مذكراتها التي تحمل الاسم نفسه، وهو إعادة سرد لسعيها لتحقيق العدالة، بعدما وجدت السلطات أن الأدلة غير كافية لملاحقة تهم جنائية.

لكن هناك دولة واحدة لم يعرض فيها الفيلم الوثائقي بعد وهي اليابان حيث واجه جدلاً واسعاً.

واتهمها محاموها السابقون بتضمين لقطات صوتية ومرئية، لم يكن لديها إذن باستخدامها، وهو ما اعتبروه انتهاكاً للثقة وعرض مصادرها للخطر. لكن شيوري تدافع عمّا فعلته باعتباره ضرورياً لـ "الصالح العام".

إنه تحول مذهل في قصة شغلت اليابان عندما ظهرت لأول مرة، وتجاهلت شيوري التي كانت تبلغ 28 عاماً، آنذاك، طلب عائلتها بالتزام الصمت.

وبعدما لم تسفر اتهاماتها العلنية عن رفع دعوى جنائية، رفعت شيوري دعوى مدنية ضد ياماغوتشي، وفازت بتعويض قدره 30 ألف دولار (22917 جنيهاً إسترلينياً).

قالت شيوري لبي بي سي، إن صناعة الفيلم تضمن "إعادة إحياء صدمتها"، "استغرق الأمر مني أربع سنوات (لصنع الفيلم) لأنني كنت أعاني عاطفياً".

وكانت شيوري متدربة في وكالة رويترز في عام 2015، عندما قالت إن ياماغوتشي دعاها لمناقشة فرصة عمل. وكان الأخير مدير مكتب واشنطن لوكالة "إذاعة طوكيو"، وهي مؤسسة إعلامية رئيسية في اليابان.

وتدعي شيوري أنها تعرضت للاغتصاب بعد عشاء في طوكيو مع ياماغوتشي، الذي نفى مراراً الاتهامات.

تشكل لقطات كاميرا المراقبة التي تظهر شيوري في حالة سُكر أثناء سحبها من سيارة أجرة إلى داخل فندق، جزءاً من أكثر من 400 ساعة من اللقطات التي قامت بتحريرها للفيلم الوثائقي.

بعدما كسرت المحظور.. محكمة يابانية تأمر بتعويض صحفية في قضية اغتصاب

اليابان تدرس إعادة تعريف الاغتصاب فما السبب؟

مصدر الصورة

تصف شيوري، التي أخرجت وكتبت يوميات الصندوق الأسود، عملية تحرير اللقطات بأنها كانت "تحدياً حقيقياً. كانت أشبه بالعلاج بالتعرض المكثف".

وعندما صدر الفيلم، أصبحت لقطات كاميرات المراقبة مصدر خلاف، إذ انتقد المحامون السابقون لشيوري، الذين ساعدوها في الفوز بالقضية، الفيلم الوثائقي.

وادعى المحامون أنها استخدمت لقطات من كاميرات المراقبة، دون إذن، وأنها انتهكت تعهدها بعدم استخدامها خارج إجراءات المحكمة.

عقد محاموها السابقون، بقيادة يوكو نيشيهيرو، مؤتمراً صحفياً آخر، الأسبوع الماضي، قائلين إن استخدامها للقطات يشكل تحديات لقضايا الاعتداء الجنسي الأخرى.

وقالت نيشيهيرو "إذا كُشف عن حقيقة أن أدلة المحاكمة أصبحت علنية، فلن نتمكن من الحصول على التعاون في القضايا المستقبلية".

وزعمت نيشيهيرو أن شيوري استخدمت أيضاً تسجيلات بدون إذن، قائلة إنها اكتشفت ذلك فقط أثناء عرض الفيلم في يوليو/تموز الماضي.

وشمل ذلك، تسجيلاً صوتياً لمحقق في الشرطة عمل لاحقاً كمُبلغ عن المخالفات في عملية التحقيق، إضافة إلى مقطع مصور لسائق سيارة أجرة أدلى بشهادته عن ليلة الاغتصاب المزعوم.

وقال المحامون إن كلاهما من الممكن التعرف عليهما، ولم يوافق أي منهما على الظهور في الفيلم.

وقالت نيشيهيرو "لقد حاولت جاهدة حمايتها لثماني سنوات ونصف، وأشعر وكأنني تمزقت بالكامل"، مضيفة "أريدها أن تفسر الأمر وتتحمل المسؤولية".

وأقرت شيوري سابقاً، بأنها لم تحصل على إذن من الفندق لاستخدام كاميرات المراقبة، لكنها تدعي أنه كان "الدليل المرئي الوحيد" الذي لديها عن الليلة التي تعرضت فيها للاعتداء جنسياً.

وأضافت أن إدراج تسجيل صوتي للمحقق كان ضرورياً بسبب "التستر على التحقيق"، مضيفة أنها تنشر الفيديو "من أجل الصالح العام".

وقالت شيوري في حديثها عن الخلافات مع محاميها السابقين، "نحن نقف عند وجهات نظر مختلفة"، مضيفة "بالنسبة لي، (من أجل) الصالح العام. بالنسبة لهم، فالأمر يتعلق 'بعدم خرق أي قانون'".

ولم يُقدم أي تفسير رسمي لعدم عرض الفيلم حتى الآن، فيما قالت شيوري إن "اليابان ما زالت غير مستعدة للحديث عن (الفيلم)"، لكن من غير الواضح إلى أي مدى يرجع ذلك أيضاً إلى عقبات قانونية.

وفي أحدث بيان لها الأسبوع الماضي، اعتذرت شيوري، وقالت إنها ستُعدل أجزاءً من الفيلم الوثائقي للتأكد من عدم تحديد هوية الأفراد فيه، مضيفة أنه سيُعرض نسخة معدلة مستقبلاً.

وقالت لبي بي سي، "هناك لحظات أتمنى لو لم أضطر إلى وضعها في الفيلم الوثائقي. هناك لحظات لا أفخر بها ولكنني أردت أن أضعها كلها وأظهر أننا بشر أيضاً"، مضيفة "لا أحد مثالياً".

وعلى مدار السنوات التسع التي تلت الاعتداء، حظي نضال شيوري ضد نظام القضاء الياباني بتغطية إعلامية واسعة، وهو شيء تقول إنها أرادت تسليط الضوء عليه في فيلمها.

وتعرضت لموجة من ردود الفعل العنيفة عندما أعلنت عن قصتها للعلن في عام 2017، وحينها تلقت رسائل كراهية وإساءة عبر الإنترنت.

وقالت شيوري "كان الناس يخبرونني أنكِ لا تبكي بما فيه الكفاية ... أنتِ لا ترتدي ملابس مناسبة ... أنتِ قوية جداً".

وانتقد البعض طريقة ارتداء ملابسها في المؤتمر الصحفي الذي اتهمت فيه ياماغوتشي لأول مرة، وحينها قال البعض إن قميصها كان مفتوح الأزرار أكثر من اللازم. وقالت شيري إنها غادرت اليابان لبضعة أشهر خشية على سلامتها.

وتبعت قضية شيوري قضايا بارزة أخرى. ففي عام 2023، كشفت الجندية السابقة، رينا جونوي، عن قصتها للعلن أيضاً، متهمة ثلاثة جنود سابقين بالاعتداء عليها جنسياً.

وكان هذا هو العام الذي أقرت فيه اليابان قوانين تاريخية تعيد تعريف الاغتصاب من "الجماع القسري" إلى "الجماع غير القائم على الموافقة"، ورفعت سن القبول من 13 إلى 16 عاماً.

وفي نهاية المطاف، فازت، جونوي، بقضيتها، لكن شيوري تقول إن ذلك يثبت أن التحدث علناً ضد العنف الجنسي له ثمن، وتضيف: "هل يستحق الأمر المرور بكل هذا باعتباركِ ناجية تسعى إلى تحقيق العدالة؟ لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. عليك أن تضحي بالكثير".

في الوقت الراهن، ليس من الواضح ما إذا كان فيلمها سيعرض في اليابان، لكنها تقول إن عودته إلى وطنها ستكون جائزتها الكبرى.

وقالت شيوري "هذه رسالة حب مني إلى اليابان. أتمنى حقاً أن أتمكن يوماً ما من عرض الفيلم، وأن تتمكن عائلتي أيضاً من مشاهدته"، مضيفة "هذا ما أتمناه حقاً... أكثر من الفوز بجائزة الأوسكار".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا