في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أثارت تصريحات القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق جدلًا واسعًا، حيث صرّح لصحيفة نيويورك تايمز أنه لم يكن ليؤيد هجوم 7 أكتوبر لو كان على علم بحجم الدمار الذي سيلحق بقطاع غزة.
وأوضح أبو مرزوق أنه لم يكن على دراية بالتفاصيل الدقيقة للهجوم، لكنه دعم الاستراتيجية العامة لمهاجمة إسرائيل عسكريًا.
وأضاف أن الادعاء بانتصار حماس في هذه الحرب أمر غير مقبول نظرًا للخسائر الفادحة التي تكبدتها غزة.
في المقابل، نفى الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، أن تعكس تصريحات أبو مرزوق الموقف الرسمي للحركة، مؤكدًا أن حماس متمسكة بسلاحها باعتباره سلاحًا شرعيًا.
حماس والتحولات الداخلية
يرى الكاتب والمفكر السياسي رضوان السيد خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن تصريحات أبو مرزوق ليست سوى جزء من تكتيك تفاوضي، وليست خلافًا جوهريًا داخل الحركة.
ويشير إلى أن مثل هذه التصريحات سبقت من قبل، كما حدث مع حسن نصر الله عقب حرب 2006.
ويؤكد أن حماس خاضت عدة حروب منذ 2007 وحتى اليوم، وفي كل مرة كانت النتائج معروفة مسبقًا بالنظر إلى قوة إسرائيل.
كما يوضح السيد أن المسألة الجوهرية ليست التصريحات، بل مستقبل قطاع غزة في اليوم التالي للحرب. فهناك خلافات بشأن مصير حماس، إذ تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى القضاء عليها تمامًا، بينما تحاول بعض الأطراف العربية والأوروبية الحفاظ على وجود سياسي فلسطيني يضم السلطة الوطنية.
ويعتقد السيد أن الخلاف الحالي داخل حماس ليس حول المبدأ، بل حول كيفية البقاء في المشهد السياسي دون فقدان النفوذ العسكري.
تبادل الأدوار أم انقسامات داخلية؟
من جانبه، يرى الخبير في العلاقات الدولية مهند العزاوي أن هناك نوعًا من تبادل الأدوار داخل حماس، حيث تعكس تصريحات أبو مرزوق بالون اختبار لقياس ردود الفعل الداخلية والخارجية.
ويشير إلى أن أي عملية عسكرية بحجم 7 أكتوبر لا يمكن أن تتم دون معرفة مسبقة للعواقب، مما يثير تساؤلات حول مدى اطلاع القادة السياسيين للحركة على تفاصيل الهجوم.
كما يؤكد العزاوي أن البيئة الإقليمية والدولية ليست في صالح حماس، وهناك ضغوط متزايدة على الحركة للتخلي عن السيطرة على غزة.
ويضيف أن قدرة حماس العسكرية قد تراجعت بنسبة تصل إلى 80% مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب، ما يضعها أمام خيار صعب بين استمرار القتال أو البحث عن مخرج سياسي يحافظ على بقائها.
البعد السياسي والعسكري والمعادلة الداخلية
أما أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس، فيرى أن تصريحات أبو مرزوق تعكس رأيا موجودًا داخل حماس ولكنه غير معلن على نطاق واسع.
ويشير إلى أن قيادة حماس تعاني من انقسامات داخلية، لا سيما بين الجناح العسكري والجناح السياسي، حيث باتت القيادة في غزة تستأثر بالقرار على حساب قيادات الخارج.
ويضيف البسوس أن القيادة السياسية لحماس، خاصة في الدوحة وإسطنبول، لم تكن على علم مسبق بتفاصيل هجوم 7 أكتوبر، ما يعني أن القرار اتخذ من قبل الجناح العسكري بشكل منفرد.
كما يشير إلى أن حماس فقدت معظم قياداتها العسكرية خلال الحرب، مما أدى إلى تباين في المواقف السياسية وغياب رؤية موحدة لكيفية التعامل مع المستقبل.
إيران وحماس.. تحالف متماسك أم تباينات استراتيجية؟
من جانبه، يؤكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الإيرانية، مصدق بور، أن هناك تباينًا في المواقف داخل حماس، لكنه لا يرتقي إلى مستوى الانقسام.
ويرى أن سوء تقدير العواقب كان العامل الأساسي في هذا الجدل، حيث فوجئت جميع الأطراف، بما في ذلك إيران وحزب الله، بالهجوم وتداعياته.
ويشير بور إلى أن العلاقة بين بعض قيادات حماس وإيران لم تكن في أفضل حالاتها منذ سنوات، خاصة بعد موقف خالد مشعل وبعض القادة من الأزمة السورية. ويرى أن التحدي الأكبر أمام حماس اليوم هو كيفية إعادة التموضع في ظل الضغوط الإقليمية والدولية، وضرورة إعادة تقييم استراتيجياتها للحفاظ على وجودها في المشهد السياسي والعسكري.
مستقبل "المقاومة" في ظل التغيرات الراهنة
تؤكد المواقف والتحليلات أن محور المقاومة يمر بلحظة مراجعة استراتيجية غير مسبوقة، حيث تتزايد الضغوط على حماس لإعادة النظر في تكتيكاتها ومواقفها السياسية.
وبينما تسعى بعض القيادات إلى البحث عن تسوية تقلل من الخسائر، يتمسك الجناح العسكري بالبقاء كقوة فاعلة على الأرض.
في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال الرئيسي: كيف ستتعامل حماس مع الضغوط الإقليمية والدولية؟ وهل تشهد الساحة الفلسطينية تحولًا في التوجهات السياسية قد يعيد رسم المشهد بأكمله؟.