مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ أمس الأحد، وعلى الرغم من تأخرها بضع ساعات، فإن الصحف العربية والإسرائيلية ركزت على صمود واستمرار الاتفاق من عدمه، وهل من الممكن عودة الحرب مجدداً بين الطرفين ومن هو الذي يحدد ذلك، ومن هو المنتصر والخاسر في هذه الحرب التي استمرت قرابة 15 شهراً وسقط خلالها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من الجانبين.
نبدأ جولة الصحف لهذا اليوم من صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ومقال رأي كتبه رون بن يشاي، بعنوان: "ثلاثة أمور غير قابلة للتفاوض بالنسبة لإسرائيل في المرحلة الثانية من صفقة التبادل".
يستهل رون مقاله بالقول إنه "يجب إجراء استعدادات جادة للمرحلة التالية من المفاوضات، والتي قد تؤدي إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد". مؤكداً على "ثلاثة أمور ضرورية وأساسية لأمن إسرائيل وسلامة المفاوضات المستقبلية، يجب أن تكون غير قابلة للتفاوض:أولها، إعادة كل رهينة إسرائيلي إلى وطنه. لأن الفشل في تأمين إعادة جميع الرهائن من شأنه أن يلحق ضرراً بالغاً بالتماسك الاجتماعي والمعنويات في إسرائيل. وعلى الرغم من المخاطر، بما في ذلك إطلاق سراح الإرهابيين المدانين"، فإنه يتعين على إسرائيل أن تضمن أن النصر العسكري مصحوب بعودتهم سالمين".
ثانيا، يؤكد الكاتب على أن "نزع سلاح غزة أمر بالغ الأهمية. ويتعين على إسرائيل أن تطالب بتفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس، بما في ذلك الأنفاق والصواريخ والمتفجرات". مضيفاً أن هذه المهمة قد تقع على عاتق قوات الجيش إذا لم يكن التنفيذ الدولي قابلاً للتطبيق. فضلاً عن ذلك، يتعين على إسرائيل أن تدعو حماس إلى التخلي عن دورها الحاكم في غزة والتركيز كما أشارت حماس دائماً أنها تفضل التركيز على دورها كحركة مقاومة، وفي حين قد يخفف هذا من رحيلهم عن السلطة السياسية"، يشير الكاتب إلى أنه "يتعين على إسرائيل أن تضمن عدم احتفاظ حماس بالأسلحة تحت موافقة دولية".
وأخيراً، يرى الكاتب أن عمليات إطلاق سراح الرهائن ينبغي أن تتم في المستقبل في أماكن آمنة ومنعزلة. فقد سمح المشهد العام المحيط بالإفراج الأخير لحماس باستغلال الحدث للدعاية، الأمر الذي خلق مخاطر غير ضرورية. ويتعين على إسرائيل أن تصر على عمليات التسليم الخاصة التي تتم بوساطة أطراف محايدة مثل الصليب الأحمر، وفق الكاتب.
ونبقى في الصحف الإسرائيلية ولكن في صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فقد نشرت الصحيفة مقالا كتبه جاكوب ماجد بعنوان: "ترامب يتطلع إلى الاستفادة من نجاح صفقة الرهائن بينما يستعد لأداء اليمين الدستورية".
يسلط المقال الضوء على الاستخدام الاستراتيجي لوقف إطلاق النار الأخير في غزة وإطلاق سراح الرهائن، الذي استخدمه دونالد ترامب لتعزيز موقفه بينما يستعد لتولي منصبه كرئيس الولايات المتحدة السابع والأربعين. ويرى الكاتب أن ترامب لعب دوراً محورياً في التوصل إلى الاتفاق، إذ هدد بعواقب وخيمة إذا لم يتم إعادة الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير/ كانون الثاني. وكان هذا الضغط، الذي تم نقله من خلال مبعوثه ستيف ويتكوف، أساسياً في دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تقديم التنازلات اللازمة، بحسب الكاتب.
ويشير كاتب المقال إلى "أن الصفقة، التي يدعمها 65 في المئة من الجمهور الإسرائيلي، تتضمن عملية تدريجية لإطلاق سراح الرهائن والسجناء الفلسطينيين مع الحفاظ على وقف إطلاق النار الهش". ومع ذلك، يرى الكاتب "أن استدامتها غير مؤكدة، فنتنياهو يواجه ضغوطاً داخلية من أعضاء الائتلاف اليميني المتطرف لاستئناف العمل العسكري ضد حماس بعد المرحلة الأولى. كما أن فريق ترامب أرسل إشارات متضاربة، إذ تدعم شخصيات في إدارته الجديدة مثل مستشار الأمن القومي، مايك والتز، استمرار وقف إطلاق النار وفي نفس الوقت حق إسرائيل في إعادة دخول غزة إذا لزم الأمر"، حسب تعبير الكاتب.
ويوضح المقال أن الجهود الدبلوماسية التي بذلها مبعوث ترامب، ويتكوف فعّالة، متجاوزة المحاولات الأمريكية السابقة لإتمام الصفقة. ويضيف أن صفقة الرهائن تضع معياراً عالياً لسياسة إدارته في الشرق الأوسط. فترامب يهدف إلى توسيع اتفاقيات إبراهيم واستقرار غزة لمنع المزيد من الصراع. وإدارته تخطط للاستفادة من وقف إطلاق النار لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهي الخطوة التي تتطلب التقدم نحو إقامة دولة فلسطينية- وهو ما قاومه نتنياهو، وفق الكاتب.
ويختم الكاتب بالقول إن "علاقة ترامب مع نتنياهو معقدة، وتتميز بالتعاون والنقد. وفي حين يدعم مستشارو ترامب المؤيدون لإسرائيل نتنياهو، فقد أظهر الرئيس المنتخب أنه على استعداد للضغط على الزعيم الإسرائيلي لتحقيق أهداف أمريكية أوسع". ويتماشى تركيز ترامب على الشرق الأوسط ، بحسب الكاتب، مع تطلعاته إلى الحصول على جائزة نوبل للسلام، والتي يرى أنها مدعومة بدوره في وقف إطلاق النار.
ولانزال في الصحف الإسرائيلية ولكن في صحيفة هآرتس، التي نشرت مقالاً تحليلياً كتبه عاموس هاريل، بعنوان: "ترامب وليس نتنياهو هو من يقرر استئناف الحرب ومن سيحكم غزة".
يناقش الكاتب الهدنة الهشة في غزة والمرحلة الأولى من صفقة الرهائن، مع ظهور دونالد ترامب باعتباره الشخصية الرئيسية التي ستشكل المسار المستقبلي للصراع. ويضيف أن وقف إطلاق النار، الذي بدأ بإطلاق سراح ثلاث رهينات إسرائيليات، يوفر مساراً هشاً نحو إنهاء الحرب. ومع ذلك، يرى الكاتب أن الانتقال إلى المرحلة التالية، التي تتطلب إطلاق سراح المزيد من السجناء واستمرار خفض التصعيد، يواجه تحديات كبيرة، وفق تعبيره.
من وجه نظر الكاتب عاموس، فإن حماس استخدمت وقف إطلاق النار المؤقت لاستعراض القوة، وعرض القوافل المسلحة والوجود العسكري في مدينة غزة، ما يشير إلى رغبتها في إعادة تأسيس الحكم. وفي الوقت نفسه، انسحبت إسرائيل جزئياً من شمال غزة، ما سمح باستئناف بعض حركة المرور، على الرغم من أن العودة الجماعية للسكان النازحين لم تحدث بعد، بحسب المقال.
ويرى المقال أن الجدول الزمني للصفقة لمدة ستة أسابيع يخلق حالة من عدم اليقين، حيث إن أي انهيار قد يعيق الجهود الإسرائيلية لاستئناف العمليات العسكرية في المنطقة.
ويسلط المقال الضوء على تعقيد ترتيبات ما بعد الحرب، إذ من المتوقع أن يؤثر ترامب على القرارات أكثر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فخطط ترامب، والتي من المرجح أن ترتبط بمفاوضات أوسع بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، قد تفرض، من وجه نظر الكاتب، ترتيبات على حكم غزة، والتي قد تشمل السلطة الفلسطينية، الأمر الذي قاوم نتنياهو، تحت الضغط المحلي، مناقشتة كأحد هذه البدائل.
كما أن "الوضع الداخلي أيضاً لا يساعد نتنياهو، كما يوضح الكاتب، إذ إن ائتلافه الحكومي يواجه مصاعب كبيرة، استقالات ثلاثة وزراء على رأسهم ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والانتقادات الحادة التي تواجهها قيادته العسكرية من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووصفها بأنها عقبات أمام النصر"، بحسب كاتب المقال.
ويخلص الكاتب إلى أنه وعلى الرغم من أن وقف إطلاق النار يقدم لحظة من الإصلاح المحتمل، إلا أن الطريق إلى الأمام لا يزال محفوفاً بالعقبات السياسية والعسكرية والدبلوماسية. ومن المرجح أن يكون تأثير ترامب محورياً في تحديد ما إذا كان وقف إطلاق النار سيتطور إلى حل دائم أو يفسح المجال لتجدد الصراع، على حد تعبير الكاتب.
ونختم جولتنا في صحيفة القدس العربي ومقال رأي لأستاذ قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت د. عبد الله خليفة الشايجي بعنوان: "جدال سرديات الانتصار والهزيمة… في الحرب على غزة!"
يقول الكاتب إنه "على الرغم من أن الاتفاق، الذي وقع في الدوحة يتضمن وقفاً تدريجياً لإطلاق النار وتبادل الأسرى على ثلاث مراحل تستمر 42 يوماً، بدأ فعلا بالإفراج عن 33 رهينة مقابل 2000 سجين فلسطيني، إلا أن هناك تساؤلاً يظل قائماً حول التزام إسرائيل بشروط الاتفاق، خاصة في ظل تصريحات وزراء من الليكود التي تُبقي خيار استئناف الحرب مفتوحاً"، وفق كاتب المقال.
ويركز المقال على "التناقض بين السرديات الإسرائيلية والفلسطينية حول نتائج الحرب. فبينما يروج أنصار إسرائيل لفكرة أنها أضعفت حماس، تؤكد السردية الفلسطينية أن المقاومة نجحت في الصمود أمام قوة الاحتلال وألحقت به خسائر كبيرة". ويشير المقال إلى أن "إخفاق إسرائيل في تحقيق أهدافها يجعلها الخاسر في هذه الحرب غير المتكافئة، حيث يكون انتصار الضعيف في منعه القوي من الانتصار".
وبينما يُبرز المقال "الكلفة الإنسانية الباهظة التي تحمّلها الفلسطينيون، مع مقتل قرابة 50 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء، والتدمير الواسع للبنية التحتية. يرى الكاتب، مع ذلك، أن المقاومة أثبتت قوتها، مما يُعد نصراً معنوياً وأخلاقياً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي"، بحسب المقال.