انتشرت تحذيرات على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بأثر المواد الكيميائية الموجودة في الإيصالات على الصحة الإنجابية للرجال والنساء، فما صحة هذه الادعاءات وهل يجب أن نقلق منها؟
كانت معظم الإيصالات الورقية تحتوي على مادة كيميائية تسمى "بيسفينول إيه" (Bisphenol A) تمتص بسهولة عبر الجلد وترتبط بمشاكل صحية مثل اضطراب الهرمونات، وقد ارتبط التعرض لها عبر الجلد بمشاكل الخصوبة، واختلال التوازن الهرموني، ومقاومة الإنسولين ، وبعض أنواع السرطان .
واستبدلت هذه المادة بشكل كبير على مدار العقد الماضي، واستخدمت مادة كيميائية أخرى وهي مادة "بيسفينول إس" (Bisphenol S).
ويقول خبراء -وفقا لصحيفة الواشنطن بوست الأميركية- إن عديدا من هذه التحذيرات ليس خطأ تماما، وتعتمد المخاطر المرتبطة بالتعامل مع الإيصالات الورقية على عديد من العوامل، بما في ذلك عدد مرات لمسها ومدة ذلك.
من جهتها، تقول نانسي هوبف اختصاصية السموم الصناعية في جامعة لوزان بسويسرا: "إننا لا نعرف الكثير عن مادة بيسفينول إس، وكيفية تأثيرها على الجسم ومستويات التعرض الآمنة".
تطبع معظم الإيصالات الورقية على نوع من الورق يسمى الورق الحراري، وهو مغطى بأصباغ ومواد كيميائية تتفاعل مع الحرارة لإنشاء صورة مطبوعة.
وقالت أندريا غور، أستاذة علم الأدوية والسموم في جامعة تكساس في الولايات المتحدة، إن مادة "بيسفينول إيه" تحاكي هرمون الإستروجين، وهو هرمون يتفاعل مع عديد من خلايا الجسم، بما في ذلك خلايا الجهاز التناسلي والدماغ.
وأضافت الدكتورة أندريا: "يمكن أن تخدع هذه المادة الخلية وتجعلها تعتقد أنها مرتبطة بالإستروجين، بينما هي في الواقع مرتبطة بمادة كيميائية اصطناعية".
وخلصت دراسة أجريت عام 2023 على 571 إيصالا ورقيا جمعت من 24 ولاية إلى أن 1% فقط من هذه الإيصالات تحتوي على "بيسفينول إيه"، بينما تحتوي 85% منها على "بيسفينول إس".
وقالت الدكتورة أندريا: "لا نعرف إذا ما كانت مادة بيسفينول إس أكثر أمانا من بيسفينول إيه، ولكن هناك أدلة متزايدة على أن مادة بيسفينول إس تحاكي أيضا هرمون الإستروجين، بطرق قد تسبب آثارا صحية مماثلة، خاصة تلك المتعلقة بالإنجاب".
ووجد باحثون عند تغذية فئران حوامل على "بيسفينول إس" بمستويات مماثلة لما يتعرض له البشر يوميا أن ذريتهم من الإناث تواجه صعوبة في الحمل، وتنجب عددا أقل من الفئران مقارنة بالفئران الحوامل التي لم تتغذ عليها.
وفي دراسة أجريت عام 2019 على 1841 امرأة حاملا في الصين، وجد العلماء أن النساء اللاتي لديهن أعلى مستويات "بيسفينول إس" في بولهن كن أكثر عرضة للإصابة بسكري الحمل بنسبة 68% مقارنة باللواتي لديهن مستويات أدنى.
ودراسات أخرى أجريت على الفئران ربطت تناول "بيسفينول إس" بالسمنة، ووجدت دراسات على الأطفال أن من لديهم نسبة أعلى من "بيسفينول إس" في بولهم يميلون إلى إظهار علامات أعلى لمقاومة الإنسولين ومشاكل في الأوعية الدموية.
قالت الدكتورة ناسي: "نعلم أن كلا من بيسفينول إيه وبيسفينول إس يتم امتصاصهما عبر الجلد ويرتبطان بمخاطر صحية أعلى".
ووضح جوناثان مارتن، عالم السموم والأستاذ بجامعة ستوكهولم السويدية، أنه بينما يصعب إثبات أن التعامل مع الإيصالات الورقية يسبب هذه المشاكل مباشرة، فإن هناك أدلة كافية على توصية بتجنبها وتجنب المنتجات الأخرى التي تحتوي على هذه المواد الكيميائية.
لا يمتص الجسم "بيسفينول إس" و"بيسفينول إيه" على الفور، لذا لا داعي للقلق كثيرا بشأن لمس الإيصال لبضع ثوان أو حتى بضع دقائق. قالت الدكتورة نانسي: "يستغرق الأمر ساعتين كاملتين قبل أن يدخلا إلى الجلد".
يمكن لارتداء قفازات أن يقلل من تعرض تجار التجزئة لهذه المواد، ووضحت الدكتورة نانسي أنه يمكن أن يبقى غبار الإيصالات الحرارية على اليدين لساعات، لذا فيجب غسلها في أسرع وقت ممكن، لكن دون استخدم معقم اليدين لأن هذا يعزز امتصاصهما.
وينبغي إمساك الإيصال بأطراف الأصابع، ولا يجب تركه ملقى بحيث يتساقط منه الغبار على الملابس أو المحفظة، أو حيث قد يجده الأطفال الصغار، وأفضل إستراتيجية هي التخلص من الإيصال فورا.
ونصحت الدكتورة أندريا بالاستغناء عن الإيصالات الورقية تماما والحصول على إيصال إلكتروني.