تجدد الاهتمام في الولايات المتحدة بقطاع العملات المشفرة في الآونة الأخيرة على خلفية قرار الرئيس دونالد ترامب في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي العفو عن أحد أكثر الشخصيات تأثيرا في ذلك القطاع وفي وقت تثار فيه الكثير من الأسئلة حول الوضع العام للاقتصاد الأميركي بعد 43 يوما من الإغلاق الحكومي .
ويعود ذلك الاهتمام إلى تعهد ترامب في مستهل ولايته الثانية بترسيخ مكانة الولايات المتحدة "عاصمة للعملات المشفرة" عالميا من خلال سلسلة من القرارات والإجراءات الرامية إلى خلق بيئة تنظيمية مناسبة لازدهار ذلك القطاع.
وجاء ذلك تفعيلا لالتزامات ترامب أثناء حملته الانتخابية عام 2024 حيث حصل آنذاك على دعم قطاع العملات المشفرة لعودته إلى البيت الأبيض ، مقابل وعده بإلغاء سياسات سلفه جو بايدن ، الذي استهدف شركات العملات المشفرة بتهمة الاحتيال وانتهاكات التمويل غير المشروع.
وهكذا كانت البداية بإحداث نوع من القطيعة مع اللوائح التنظيمية الصادرة عن إدارة الرئيس بايدن وتعيين مسؤولين مؤيدين للعملات المشفرة في مناصب رئيسية، في حين اتخذت عدة هيئات فدرالية، مثل هيئة الأوراق المالية، ووزارة العدل سلسلة خطواتٍ لتخفيف العقبات التنظيمية أمام تداول العملات الرقمية على أوسع نطاق ممكن.
ووسط ذلك الزخم وقّع الرئيس ترامب عدة أوامر تنفيذية لتعزيز الريادة الأميركية في مجال التمويل الرقمي، وإنشاء احتياطي إستراتيجي من البيتكوين ومخزون من الأصول الرقمية. كما أنشأ مجموعة عمل رئاسية جديدة لوضع إطار تنظيمي فدرالي للأصول الرقمية.
وقد أثارت تلك الإجراءات تفاؤلا كبيرا بأداء جيد للعملات الرقمية، لكن أسعار بيتكوين انخفضت تحت وقع إعلان الرئيس ترامب في أبريل/نيسان عن أولى حزمة من القرارات المتعلقة بالرسوم الجمركية ، قبل أن ترتفع بشكل ملحوظ لاحقا وتصل إلى مستوى قياسي في مايو/أيار على خلفية هدنة تجارية بين الصين وأميركا.
وفي الزخم التصاعدي، حققت عملة إيثريوم (Ethereum) أداء أفضل من بيتكوين ، كما شهدت عملة XRP وغيرها من العملات البديلة أداءً إيجابيا، وإن كان متقلبا.
وفي سياق اهتمام الإدارة الجديدة بقطاع العملات الرقمية، أصدر الرئيس ترامب في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عفوا عن تشانغ بينغ تشاو، المؤسس المُدان لمنصة باينانس العملاقة لتداول العملات المشفرة، بعد سلسلة من إجراءات العفو عن مسؤولين تنفيذيين في قطاع العملات المشفرة.
وكان تشاو، وهو أحد أكثر الشخصيات تأثيرا في قطاع العملات المشفرة، قد تنحى عن منصبه على رأس باينانس عام 2023 بعد إقرار الشركة بالذنب في عدم تطبيق برنامج فعال لمكافحة غسل الأموال ودفع غرامة قدرها 4.3 مليارات دولار.
وجاء ذلك في إطار صفقة بين وزارة العدل وباينانس دفع بموجبها تشاو، وهو مواطن كندي مولود في الصين ، غرامة قدرها 50 مليون دولار وقضى قرابة 4 أشهر في السجن العام الماضي بعد إقراره بالتهمة نفسها، دون أن يفقد حصته في باينانس.
وبعد العفو عنه تعهد تشاو ببذل قصارى الجهود "للمساعدة في جعل أميركا عاصمة العملات المشفرة".
وكان العفو عن تشاو هو أحدث حلقة في سلسلة إجراءات عفو منحها ترامب لمديرين تنفيذيين ورواد أعمال في قطاع العملات المشفرة، بينهم المؤسسون الثلاثة لبورصة العملات المشفرة بيتميكس BitMEX، الذين أقروا بالذنب عام 2022 لفشلهم في تطبيق برنامج لمكافحة غسل الأموال متوافق مع قانون السرية المصرفية.
وأشارت تقارير إعلامية كثيرة إلى أن قرارات العفو تتسق مع توجه أسرة ترامب بالاستثمار في العملات الرقمية ، إذ كان لشركة "باينانس" دور بارز في طرح عملة "يو إس دي 1" (USD1) التي تقدمها شركة "ورلد ليبرتي" (World Liberty) المدعومة من قبل آل ترامب.
وعبر فاعلون كثيرون في القطاع عن مخاوف بشأن تضارب المصالح وأبدى آخرون خشيتهم من أن تؤثر استثمارات عائلة ترامب على نزاهة سياسات الإدارة الأميركية تجاه العملات الرقمية.
ووسط الشكوك، شهدت العملات المشفرة تقلبات كثيرة، لكنها في الإجمال حققت أداء قويا منذ تولي ترامب مقاليد السلطة على خلفية سياساته الداعمة للعملات الرقمية وتحت وقع الردود المتباينة إزاء الرسوم الجمركية وغيرها من القرارات الاقتصادية المثيرة للجدل.
وفي ما يلي صورة عن أحدث أداء لبعض العملات الرقمية إلى غاية يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري:
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة