كشفت مصادر مطلعة لجريدة “العمق المغربي”، أن الشابة حياة لوݣنا، ضحية حالتي اغتصاب متتاليتين، جرى نقلها إلى دار الأمومة بجماعة أغبالة التابعة إداريا لإقليم بني ملال، قصد تمكينها من الرعاية الصحية اللازمة في هذه المرحلة الحساسة من حملها.
وإستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن هذا التدخل جاء بتعليمات مباشرة من والي جهة بني ملال خنيفرة، عامل عمالة بني ملال، إستجابة لنداء سابق أطلقته عدد من الإطارات والفعاليات الحقوقية، وذلك بالنظر إلى الوضعية المزرية والصعبة التي تعيشها أسرة الضحية بدوار بويدمومة الواقع تحت نفوذ الجماعة الترابية سالفة الذكر.
ووفقا للمصادر نفسها، فإن الضحية الحامل في شعرها السابع، وصلت رفقة عمتها إلى دار الأمومة، حيث جرى استقبالها من طرف إدارة المؤسسة الاستشفائية المذكورة قصد توفير العناية اللازمة إلى حين وضع مولودها في أحسن الظروف.
وأكدت المصادر ذاتها أن الإجراءات القانونية ما تزال مستمرة في حق المشتبه فيهم، مع أمل العائلة في تسريع مسار التحقيق وترتيب الجزاءات القانونية على مرتكبي الجريمتين، الأولى التي نتج عنها حمل وإنجاب طفل يبلغ ست سنوات، والثانية التي أسفرت عن حمل جديد.
وفي السياق نفسه، عبّرت أسرة الضحية وعدد من المتابعين للملف عن تقديرهم لتدخل السلطات الإقليمية والمحلية، وللمسؤولين عن دار الأمومة بأغبالة الذين احتضنوا الضحية ووفّروا لها مكانا آمنا خلال هذه المرحلة.
وتأمل العائلة أن تتيح هذه الخطوة للضحية ظروفا ملائمة لاستعادة استقرارها النفسي والصحي، في انتظار استكمال المسار القضائي ومعاقبة المتورطين وفق القوانين الجاري بها العمل.
وكانت جريدة “العمق المغربي” قد سلطت الضوء في وقت سابق على قضية الشابة حياة لوݣنا التي تعيش في مدشر بويدمومة، قرب جبال أغبالة بإقليم بني ملال، في بيت طيني متواضع وسط غياب أبسط مقومات الحياة.
في هذا البيت تعيش حياة، البالغة من العمر 24 سنة، والتي تعاني من إعاقة ذهنية تحد من قدرتها على فهم محيطها وقسوة العالم من حولها. بيتها يفتقر للحمام والأبواب الآمنة، ما يجبرها على التوجه إلى الخلاء لقضاء حاجتها، معرضة لمخاطر جسدية ونفسية كبيرة.
لحسن لوݣنا، ابن عم حياة، أكد في وقت سابق أن الشابة تعرضت لاعتداءات متكررة لم تفهمها لكنها تركت آثارا عميقة. وأضاف أن حياة سبق أن وضعت طفلا قبل ست سنوات نتيجة اعتداء سابق لم ينته بإدانة واضحة بعد شكوك في نتائج اختبار الحمض النووي، تاركا الأسرة في مواجهة إحساس بالإفلات من العقاب.
وأشار إلى أن الواقعة تتكرر اليوم مع أربعة رجال في الأربعينات من العمر، تتهمهم الأسرة باستغلال هشاشة حياة وغياب الحماية حولها، وأنكر المتهمون جميعا، بينما بقي الحمل شاهدا وحيدا يبحث عن اعتراف لم يتحقق بعد.
وأوضح أن الأسرة أنهكها الفقر والعجز، وطرق الأبواب المغلقة، بينما كانت الضحية تعود كل مساء إلى نفس الخطر بلا حماية أو استجابة من الجهات المختصة. وأكد أن القصة ليست مجرد حادثة عابرة، بل مرآة لواقع أكبر تواجهه النساء والفتيات ذوات الإعاقة في القرى النائية، حيث يتقاطع الفقر مع غياب الرعاية، ويغيب صوت الدولة في اللحظات الحرجة.
ردا على الحادثة، رفعت هيئات حقوقية وفعاليات مدنية مطالبها للسلطات المختصة لتطبيق القانون ومعاقبة المتورطين، مطالبة وزارة التضامن بتفعيل منظومة حماية فعالة للنساء والفتيات ذوات الإعاقة، وتوفير آليات التبليغ والتكفل والدعم النفسي والقانوني.
المنظمة المغربية لحقوق النساء في وضعيات إعاقة أكدت في بلاغ لها أن الضحية تعيش منذ سنوات في هشاشة قصوى، محرومة من أي حماية قانونية أو مؤسساتية تضمن لها الأمن الجسدي والنفسي.
وأوضحت أن الاعتداء الذي تعرضت له ليس الأول من نوعه، مما يعكس استمرار دائرة العنف الجنسي المسكوت عنه بحق النساء والفتيات ذوات الإعاقة، في ظل غياب تدابير فعالة ووقائية.
وأشارت المنظمة إلى غياب مساطر مؤسساتية تحمي هذه الفئة من الاعتداء الجنسي، إضافة إلى غياب آليات للرصد والتبليغ تراعي احتياجاتهن الخاصة، ما يجعل العديد من الانتهاكات تمر في صمت دون متابعة أو مساءلة.
كما سجلت المنظمة أن السلطات المختصة لم توفر حماية فورية أو فعالة للضحية، وأن حالات مشابهة سابقة لم تعرف فتح تحقيقات نزيهة وشفافة، مما يشجع على استمرار الإفلات من العقاب ويجعل النساء والفتيات ذوات الإعاقة أكثر عرضة للاستغلال والانتهاك.
ودعت المنظمة السلطات القضائية والأمنية إلى فتح تحقيق مستعجل ونزيه للكشف عن جميع المتورطين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، كما طالبت وزارة التضامن والقطاعات الاجتماعية بتحمل مسؤولياتها في بناء منظومة حماية فعالة للنساء والفتيات ذوات الإعاقة، تتضمن آليات واضحة للتبليغ والمواكبة والدعم النفسي والقانوني، مع مراجعة الإطار القانوني للعنف ضد النساء ليشمل حماية مضاعفة للفتيات ذوات الإعاقة.
وأكدت المنظمة جاهزيتها لمواكبة الضحية وأسرتها قانونيا وحقوقيا ونفسيا، معتبرة أن ما وقع يعكس جزءا من واقع قاتم تعيشه مئات النساء والفتيات ذوات الإعاقة اللواتي يتعرضن لانتهاكات جسيمة في غياب نظام حماية فعال.
من جهته، وصف مولاي علي المغاري، رئيس جمعية الوئام للأشخاص في وضعية إعاقة بالرباط، الحادث بـ”الإجرامي الشنيع”، مؤكدا ضرورة حماية قانونية حقيقية للفتيات والأسرة.
وأوضح أن الأسرة التي تقطن بمدشر بويدمومة، التابع لجماعة أغبالة إقليم بني ملال، تستنجد منذ وقت طويل، مشيرا إلى تكرار الانتهاك دون تحرك فعلي من الجهات المختصة، متسائلا عن استمرار الصمت أمام هذه الجرائم المتكررة.
من جانبها، كتبت الفاعلة الحقوقية سميرة بختي تدوينة مؤكدة أن شابة في وضعية إعاقة ذهنية تعرضت لاستغلال جنسي متكرر أدى إلى حمل جديد، في غياب أي حماية قانونية حقيقية للفتيات والنساء ذوات الإعاقة، متسائلة عن استمرار الصمت أقوى من العدالة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحادثة أثارت تفاعلا واسعا على المستوى الحقوقي والمدني، مع دعوات صريحة للسلطات المختصة لتفعيل القانون وتوفير حماية حقيقية وفعالة لهذه الفئة الهشة، وإلزام جميع الجهات بالمسؤولية القانونية والإنسانية تجاه النساء والفتيات ذوات الإعاقة، لمنع تكرار مثل هذه الجرائم وملاحقة المتورطين قضائيا.
المصدر:
العمق