كشف عز الدين أمامي، الكاتب الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للتعليم، عن حالة من السخط في صفوف هيئة التدريس بسبب ما وصفه بـ”الحرمان الجماعي” لآلاف الأساتذة من منحة الأداء البالغة 10 آلاف درهم، والتي ارتبطت ببرنامج “مؤسسات الريادة”، مما أثار تساؤلات عميقة حول عدالة نظام التحفيز ومستقبل المدرسة العمومية.
وأوضحت تصريحات خص بها أمامي جريدة “العمق” أن الإقصاء الجماعي للأساتذة جاء نتيجة آلية تقييم اعتبرها المصدر غير منصفة، لأنها تقيم أداء المؤسسة ككل بدلا من الأداء الفردي لكل أستاذ، وهو ما يؤدي إلى “عقاب جماعي” وحرمان أساتذة قد يكون أداؤهم متميزا داخل مؤسسات لم تحصل على “شارة الريادة”.
وأكد المصدر أن التحفيز الحقيقي يجب أن يكون مرتبطا بالأداء والمردودية الفردية للأستاذ داخل قسمه، وليس عبر حكم جماعي على مؤسسة بأكملها، مشددا على ضرورة وضع آلية قياس واضحة، فردية، وشفافة، بمؤشرات قابلة للقياس، يتم تطبيقها سنويا على جميع الأساتذة في كافة المؤسسات العمومية دون تمييز.
وأشار أمامي إلى أن هذا الوضع خلق ما أسماه “مدرسة مغربية بثلاث سرعات”: مدارس رائدة “مخيرة” حاصلة على الشارة، ومدارس رائدة “بين وبين”، وأخرى غير رائدة وصفها بـ”المكفسة”، معتبرا أن هذا التمييز يكرس تفاوتا صارخا داخل المنظومة التعليمية الواحدة ويتناقض مع مبدأ تكافؤ الفرص الذي يجب أن يسود.
وأضاف المصدر أن ربط التحفيز بمشروع “مدارس الريادة” فقط هو قرار يفتقر للمنطق، لأن الهدف الأسمى يجب أن يكون تحفيز جميع الأساتذة في كل المدارس العمومية لتحسين جودة التعليم المقدم لجميع أبناء وبنات الشعب المغربي.
وذكر الكاتب الوطني للاتحاد بالالتزام الحكومي الذي ورد في البرنامج الحكومي 2021-2026، والذي تعهد بزيادة 2500 درهم في أجور هيئة التدريس، معتبرا أن هذا هو “التحفيز الحقيقي” الذي ينتظره الأساتذة، وليس المنح الظرفية أو التعويضات التكميلية.
وتابع النقابي ذاته أن الوزارة نجحت في “تقزيم” هذا المطلب الأساسي وتحويل النقاش نحو منح وتعويضات مؤقتة، رغم مرور أربع سنوات على بداية الولاية الحكومية دون الوفاء بهذا الالتزام الذي كان وعدا انتخابيا تحول إلى التزام في البرنامج الحكومي.
وأثار المتحدث ذاته المخاوف بشأن مصير مشروع “مدرسة الريادة” بعد انتهاء خارطة الطريق الحكومية في عام 2026، متسائلا عما إذا كانت هذه الآليات ستستمر أم أنها مجرد إجراءات مرتبطة بالحكومة الحالية، وهو ما يجسد، حسب وصفه، “الغموض” و”الارتباك” و”العشوائية” في تدبير هذا الملف.
وطالبت النقابة، وفقا لما أورده أمامي ضمن تصريحه، بضرورة توضيح الرؤية المستقبلية للمدرسة العمومية بعد هذا التاريخ، لضمان استمرارية الإصلاحات وتجنب إنتاج ضحايا جدد في صفوف هيئة التدريس.
وكانت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، قد أعلنت الخميس الماضي، عن نشر لوائح المؤسسات التعليمية العمومية الحاصلة على علامة “مؤسسة الريادة” ضمن إصدار نونبر 2025. وكشف بلاغ للوزارة أن هذا الإعلان يأتي بعد مداولات اللجنة المركزية لمنح العلامة، والتي خلصت إلى منح مستوى “المطابقة” لما مجموعه 2415 مؤسسة تعليمية عمومية تابعة لفوج 2024/2025، منها 2214 مدرسة ابتدائية و201 ثانوية إعدادية.
وأوضحت الوزارة أن هذا المشروع يندرج في إطار تنزيل مضامين خارطة الطريق 2022-2026، التي تهدف إلى إرساء “مدرسة عمومية ذات جودة”. وأشار المصدر ذاته إلى أن هذا المشروع المهيكل يرتكز على ثلاثة محاور استراتيجية للتدخل تشمل التلميذ، والأستاذ، والمؤسسة، ويهدف إلى إرساء نموذج جديد للمدرسة المغربية عبر مقاربة تشاركية ومندمجة.
وأكدت الوزارة أن علامة “مؤسسة الريادة” تم إحداثها بمقتضى المرسوم رقم 2.24.144 الصادر بتاريخ 8 يوليوز 2024، باعتبارها علامة للتميز والاستحقاق. ووفقا لما أورده المصدر، تُخوّل هذه العلامة لمؤسسات التربية والتعليم العمومي المنخرطة في نموذج “مؤسسات الريادة” تحقيق جودة التعليم والتعلم والإدارة والتدبير، والارتقاء بالحياة المدرسية، والرفع من مستوى التحكم في التعلمات، وتعزيز انفتاح المتعلمين، وكذا التقليص من نسب الهدر والانقطاع المدرسيين.
المصدر:
العمق