آخر الأخبار

الخمسي يحذر من "طوفان" الذكاء الاصطناعي: نحن أمام خطر سلب الإرادة.. ويجب ألا نكتفي بدور المستهلك

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

دق الأستاذ الجامعي والباحث في قضايا التحول الرقمي، محمد الخمسي، ناقوس الخطر بشأن التأثيرات العميقة للذكاء الاصطناعي على البنية الاجتماعية والثقافية للمغاربة، محذرا من أننا نعيش لحظة مفصلية في تاريخ البشرية حيث لم تعد التكنولوجيا مجرد أداة، بل أصبحت “كيانا منافسا” يهدد بسلب الإنسان أعز ما يملك؛ الإرادة والقرار.

وفي تحليله الفلسفي والتقني لظاهرة الذكاء الاصطناعي خلال برنامج “جسور”، الذي تبثه جريدة “العمق”، أوضح الخمسي أن الخطورة لا تكمن في الشق التقني الصرف، بل في البعد الوجودي.

وقال: “لأول مرة، ينتج الإنسان شيئا ينافسه في اتخاذ القرار، بل وينزع منه القرار. الذكاء الاصطناعي اليوم يتدخل في ذوقنا، في خيالنا، ويعيد صياغة وعينا بالتاريخ والمستقبل”.

واعتبر المتحدث أن التطبيقات الحديثة لم تعد تكتفي بمساعدة الإنسان، بل بدأت توجهه وتتحكم في خياراته، مما يهدد “الهوية الإنسانية” والخصوصية الفردية. وضرب مثالا بإمكانية تزوير التاريخ أو فبركة قصص وصور لأشخاص لا علاقة لهم بها، مما يخلق واقعا مزيفا يصعب تمييزه عن الحقيقة.

وفي تشخيصه لموقع المغرب في خارطة الذكاء الاصطناعي العالمية، كان الخمسي واقعيا حين أكد أن الدول المصنعة لهذه التكنولوجيا (الولايات المتحدة، الصين، اليابان) هي دول “المنبع” التي تضخ تريليونات الدولارات وتملك البنية التحتية المعرفية واللغوية للسيطرة، محذرا من أن يظل المغرب مجرد دولة في “المصب” تستهلك ما ينتجه الآخرون دون وعي أو مناعة.

وأشار إلى أن خطورة هذا الوضع تتجلى في استيراد قيم وثقافات قد لا تتناسب مع الخصوصية المغربية، داعيا إلى ضرورة بناء “مناعة رقمية” وطنية، مشددا على أنه “لا يمكننا رفض الذكاء الاصطناعي، هذا مستحيل، ولكن يجب أن نحدد ماذا نأخذ منه وكيف نوطنه لخدمة قضايانا، في الصحة والفلاحة وتدبير المياه، بدل الاكتفاء باستهلاك التفاهة”.

وفي سياق حديثه عن الآثار السلبية للاستهلاك الرقمي غير الواعي، شن الخمسي هجوما عنيفا على منصات مثل “تيك توك”، معتبرا أنها تحولت في المغرب إلى “أداة هدم” ووسيلة لخلق “إعاقات اجتماعية”.

وأوضح أن البحث المحموم عن المشاهدات (Buzz) دفع الكثيرين إلى انتهاك خصوصيات أسرهم، من غرف النوم إلى المطابخ، مما أدى إلى تفكك القيم وتقديم نماذج سيئة للأجيال الصاعدة.

وقارن الخمسي بين توظيف الصين لهذه التطبيقات لخلق ملايين فرص العمل، وبين توظيفها محليا لتعميم التفاهة والكسل الفكري، واصفا الأمر بـ”العبث” الذي يتطلب تدخلا تشريعيا وتربويا عاجلا.

وعن تأثير الذكاء الاصطناعي على الجامعة والبحث العلمي، أكد الخمسي أن الرياضيات والعلوم الحقة لا تزال محمية نسبيا بسبب طبيعتها الدقيقة التي تعجز الخوارزميات التوليدية (مثل ChatGPT) عن حل معضلاتها الجديدة حتى الآن، لكنه أبدى تخوفه الكبير على التخصصات الأخرى، خاصة العلوم الإنسانية والقانونية.

وأشار إلى أن سهولة توليد النصوص قد تغرق الجامعة ببحوث “مسروقة” أو “مولدة آليا” تفتقر للأصالة، مما يحول الحصول على الشهادات إلى عملية شكلية، مقترحا حلولا عملية، منها تقليص حجم الأطروحات (من 400 صفحة إلى 60 صفحة مركزة) للتركيز على “الإضافة النوعية” بدلا من الحشو الذي يسهل تزييفه، واستخدام برمجيات مضادة لكشف الانتحال الرقمي.

وختم الخمسي حديثه بالتأكيد على أن المعركة ضد سلبيات الذكاء الاصطناعي هي معركة “قيم وأخلاق” بالدرجة الأولى، مشددا على ضرورة العودة إلى التربية على الأمانة العلمية والتفكير النقدي، لأن التكنولوجيا مهما تطورت، ستظل قاصرة أمام عقل بشري متشبع بالقيم والوعي.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا