آخر الأخبار

بوصوف يناقش تنزيل الحكم الذاتي‎

شارك

احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر بأكادير ندوة حول “نحو بناء مغرب موحد”. وافتُتِحت هذه الندوة بمحاضرة لعبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، تناول فيها الشرعية التاريخية والسياسية للقضية الوطنية، والإطار العام الذي يوجه تنزيل مشروع الحكم الذاتي.

افتتح بوصوف محاضرته بتشخيص تاريخي لمرحلة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، موضحا أن القوى الاستعمارية الأوروبية –خاصة فرنسا وإسبانيا– تعاملت مع المغرب بمنطق تجزيئي يهدف إلى إضعاف الدولة وتحجيم دورها الإقليمي.

مصدر الصورة

فقد قُسم المغرب إلى مناطق نفوذ متعددة: شمال وجنوب تحت الإدارة الإسبانية، ووسط خاضع للحماية الفرنسية، إضافة إلى طنجة الدولية. هذا التفكيك اعتبره المحاضر نتيجة صراع دولي حول الممرات البحرية والموارد، ومحاولة قديمة لعزل المغرب عن امتداده الإفريقي.

وأبرز المحاضر أن المغرب كان عبر القرون قوة سياسية ودبلوماسية حالت دون تنفيذ مشاريع التوسع الأوروبي نحو إفريقيا الغربية؛ بالنظر إلى موقعه وشبكاته الاقتصادية والتحالفية. وقد دفع ثمنا كبيرا لهذا الدور، حيث واجه عبر تاريخه العشرات من الحملات المعادية؛ من بينها 72 حملة ليبية استهدفت سواحله ومجاله الحيوي.لكن المغرب ظل محتفظا باستقلاليته السياسية، وبقوة مؤسساته، وبقدرته على حماية حدوده وهويته الثقافية.

وتطرق بوصوف أيضا إلى الضغوط التي مورست على المغرب من الشرق، سواء من الدولة العثمانية التي سعت إلى مد نفوذها غربا أو من القوى الأوروبية التي تمددت من الجزائر شرقا باتجاه الأراضي المغربية خلال فترات تاريخية مختلفة.

مصدر الصورة

كما أشار المحاضر إلى أن بعض السياسات الإقليمية بعد الاستقلال ساهمت في خلق توترات سياسية جديدة، خاصة خلال مرحلة الحرب الباردة حيث لعبت تحالفات إيديولوجية معينة دورا في تعقيد المشهد المغاربي.

وانتقل المحاضر إلى مرحلة الاستعمار الحديث، مؤكدا أن المغرب لم يستسلم لواقع الحماية؛ بل قاومها سياسيا وعسكريا. وبعد الاستقلال، بقي استرجاع الصحراء هدفا مركزيا في السياسة الوطنية.

وتوقف بوصوف عند محطة المسيرة الخضراء باعتبارها حدثا تاريخيا استثنائيا، اختار فيه المغرب نهج السلم بدل الحرب، مستندا إلى الروابط التاريخية والروحية والقانونية التي تربط القبائل الصحراوية بالعرش المغربي. وقد أكدت محكمة العدل الدولية هذه الروابط، مانحة للمغرب سندا قانونيا قويا في مطالبه الترابية.

وأوضح بوصوف أن المغرب واجه، طيلة عقود، محاولات متعددة لتسييس النزاع داخل الأمم المتحدة؛ لكنه استطاع، بفضل دبلوماسيته الهادئة والمبنية على الشرعية والتاريخ والسيادة، أن يقدم سنة 2007 مبادرة الحكم الذاتي التي وصفتها الأمم المتحدة بالجدية وذات المصداقية.

مصدر الصورة

وتوج هذا المسار بدور قرار مجلس الأمن الأخير الذي كرس هذا الخيار، ودعا الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات على أساس الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

في ختام محاضرته، دعا بوصوف إلى اعتماد هندسة سياسية تبني مؤسسات جهوية قوية بالصحراء، وحكامة تشاركية تضمن إشراك الساكنة في تدبير شؤونها. كما شدد على ضرورة بلورة هندسة ثقافية تعزز الاعتراف بمكونات الهوية المغربية، وفي مقدمتها الثقافة الحسانية، ضمن مشروع وطني يُقر بالتعدد ويصونه داخل إطار الوحدة.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا