آخر الأخبار

"لوبيات وفراقشية التأمين".. قانون حوادث السير يشعل سجالاً داخل البرلمان

شارك

أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، تشبّثه بأهمية التعديلات التي جاء بها مشروع القانون رقم 70.24 القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.84.177 بمثابة قانون يتعلق بتعويض المصابين في حوادث سير تسبّبت فيها عربات برية ذات محرّك، في وقت ارتأت المعارضة النيابية إثارة ملاحظاتٍ قوية بخصوص ما أسمته “سعيا حكوميا لحماية لوبيات التأمين ووضع تشريعٍ على المقاس”؛ وذلك خلال جلسة تشريعية انتهت بمصادقة مجلس النواب على هذا المشروع، اليوم الثلاثاء.

ولعلّ النقطة التي خلقت الكثير من الجدل بين وزير العدل وبين فرق المعارضة تلك التي تشير إلى أن المقتضيات الجديدة التي أتى بها مشروع هذا القانون “لا تطبق على الأضرار الناجمة عن الحوادث قبل تاريخ نشره بالجريدة الرسمية”.

في هذا السياق، أفاد وهبي بتسجيل المملكة، خلال سنة 2024، ما مجموعه 655 ألفا و360 حادثة سير، من بينها 243 ألفا و200 حادثة ذات آثار جسمانيةٍ، وقد خلّفت ما مجموعه 4024 قتيلا، مع بلوغ قيمة النفقات والتعويضات المرصودة للمعنيين ما مجموعه 7,4 مليارات درهم.

وقال المسؤول الحكومي ذاته إن “هذا المشروع جاء ليجيب عن مجموعة من المستجدات التي برزت خلال السنوات الأخيرة، على أن يكون كذلك موضوع تعديلاتٍ خلال السنوات المقبلة، بفعل ترقّب ظهور سيارات تقاد بالذكاء الاصطناعي وطائرات درون ناقلة للبضائع الصغيرة التي يمكن أن تتسبّب في حوادث سير”.

وتابع وهبي: “حدّدنا عددا من النصوص التي يقوم الاجتهاد القضائي بتفسيرها، وقمنا بضبطها حتى لا نترك مجالا للاجتهاد، بما في ذلك الأجر والكسب المهنيين. وقمنا أيضا بتمكين الفئات المستفيدة من تعويضات مرتفعة في وضعيات خاصة، لا سيما إن كانت مدة عمل المصاب لا تقل عن 12 شهرا؛ زيادة على التأكيد على أن احتساب اعتمادا على الأجر كاملا”.

واستغرب وزير العدل من كون تنزيل مضامين الظهير الشريف الصادر في سنة 1984 يذهب في اتجاه تشطير تعويضات مصاريف المتوفى في حادثة سير، مردفا: “هداك مْشا عند الله آش أودي غتحيد ليه؟”.

ومن بين مستجدات هذا المشروع، وفق الوزير ذاته، “إضافة الكفيل والمكفول إلى خانة المعوّضين خلال حوادث السير، إلى جانب الزوج العاجز والأشخاص الذين لم ينهوا بعد دراستهم، مع التأكيد على أحقية الضحية في التقدم بطلب للحصول على تعويض بخصوص تفاقم الضرر، زيادة على التشدد في الجوانب المتعلّقة بتقديم الشواهد الطبية”.

ولقي هذا المشروع رفضا شديدا من لدن فرق المعارضة بمجلس النواب، حيث قال سعيد باعزيز، عضو الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية: “تمخّض الجبل فولد فأرا، والحكومة باتت تشرّع لأصحابها، والذين كانوا يتحدثون بالأمس عن “الفراقشية” بات يدافع عنهم من الداخل ويسرّب لها تعديلات بخصوص هذا القانون”، على حدّ تعبيره.

وأكد باعزيز، ضمن مداخلته، “استغرابه من إدخال تعديل بخصوص الملفات التي يهمها تطبيق هذا النص الجديد”، موضحا أن “شركات التأمين تريد أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في سنة 2027، حتى تربح سنة كاملة”.

وزاد عضو الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب: “السيد الوزير، هناك من أصحابكم في الأغلبية من كان يؤمن على الغرفة الثانية (مجلس المستشارين) وسُحب منه، وحاولتم منحه هدية من خلال هذا القانون، وهذا هو التشريع على المقاس!”.

من جهته، قال علال العمراوي، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية: “لا مجال هنا لضرب فريق لآخر، وهدفنا هو النظر في التعديلات المقدّمة والدفاع عن مصالح المواطنين، ونحن أتينا رافضين لأي زيادة في حقهم، ولّي عندو شي اتهام يمشي للنيابة العامة”، وزاد: “اليوم لدينا كذلك فراقشية السياسة”.

تفاعلا مع تعقيبات في هذا الجانب، قال وزير العدل: “كيفاش اللوبياتْ؟ لا أريد الدخول في هذا “البوليميك”، وهاد القانون كان عليا نعطيه لوزير الداخلية يدوزو. وأنا لا مشكل لدي في الرفع من التعويضات، وجالستُ ممثلي الشركات وكنت أبحث عن التوازن، بدون أن يتم رفع نسبة أقساط التأمين”.

وزاد موضحا:” البرلمان توجد فيه لوبيات، وليس ملائكة، وعدد من الحكومات مرّت منذ 1984 وأرادت أن تغير الظهير الشريف المذكور. أنا كنت أريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهدشي علاش قديّت! سواء كان ضعيفا أو عاجزا أو مختلا، الغالب الله، لكن هدشي باش غندْخل الجنة”.

وفي ردّه على أعضاء المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أكد المسؤول الحكومي ذاته “عدم وجود حزب خاصٍ يضم الملائكة فقط، وينوب حصرا عن الفقراء، لأن كل حزب لديه تمثيلية مجتمعية، وكان هناك توجهّ طيلة عشر سنوات وجاء آخر.. دوري كوزير ليس رفع سيف علي بن أبي طالب لاغتيال شركات التأمين، ويجب الحفاظ عليها وعلى الرأسمال البشري الذي تتوفر عليه، بدون الاستعانة بخدمات بنظيرتها من سويسرا”.

وجوابا عن ملاحظات “المعارضة الاتحادية”، قال وزير العدل: “نحتاج إلى وزير داخل الحكومة يتكلّف فقط بـ”الفراقشية”، وغريبٌ هذا النقاش في السياسة. لقد ألزمت شركات التأمين بتنفيذ الأحكام القضائية فورا، ولا جريمة لدى شركات التأمين في الدفاع عن نفسها”.

من جهته، سجل الفريق الحركي بمجلس النواب، عبر رئيسه إدريس السنتيسي، أن “مشروع هذا القانون جاء بإصلاحات مهمة جدا؛ غير أنه توجد تساؤلات بخصوص ما أثير حول ضغط وتدخّل أيادٍ خفية، وهذا أمرٌ غير معقول، ونتمنى من الحكومة تدارك الأمر”.

وتأسف عبد اللطيف وهبي، في الأخير، لما آل إليه النقاش السياسي بالمغرب، حيث أكد “عدم وجود نائب يدافع عن لوبي معيّن؛ بل هناك من يدافع عن موقعه الاجتماعي ومصالح حزبه ومسانديه… وأنا أتأسف صراحة لما وقع بالأمس، لأنني كنت في حالة انفعال. وقد قام عبد الله بووانو بالتدخل لحل المشكل، وهو كبير عندي. ولم أكن أريد أن يرى الناس ما حدث من التلفزيون؛ لأن البرلمان نعلّم من خلاله الناس السلوك، وإذا حدث العكس فإنه لا يمكن استبعاد أي يسبّك شخص في الشارع”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا