يشتكي عدد من المسؤولين الجماعيين داخل جهة الدار البيضاء–سطات من تعرضهم لضغوط كبيرة وابتزازات تمارس عبر هيئات غير رسمية يتم التحكم فيها من طرف خصوم سياسيين.
وحسب المعطيات المتوفرة لدى جريدة “العمق”، فإن عددا من رؤساء المقاطعات بالدار البيضاء، وأيضا رؤساء الجماعات في مختلف أقاليم الجهة ومسؤولين جماعيين، باتوا يشتكون من استغلال هيئات مدنية وحقوقية في صراعات سياسية وانتخابية.
وأفادت المصادر بأن “مجموعة من المنتخبين يستغلون انخراطهم في هيئات غير رسمية من أجل ممارسة الضغط والابتزاز للحصول على امتيازات شخصية، أو محاولة الإطاحة ببعض المسؤولين في إطار تصفية حسابات سياسية”.
وأشارت المصادر إلى وجود “نماذج حية داخل بعض المقاطعات والجماعات بجهة الدار البيضاء–سطات، حيث يتم استغلال هيئات ومنظمات غير رسمية في توجيه استفسارات ومراسلات هدفها الابتزاز والحصول على منافع شخصية”.
وأوضحت المصادر أن “أغلب هذه المراسلات عبارة عن وشايات كاذبة، هدفها إيجاد منفذ سريع للاستفادة من الريع الانتخابي”، وهو الأمر الذي أثار غضب عدد من المسؤولين داخل المجالس التمثيلية.
وأكد محمد العماري، وهو فاعل حقوقي بمدينة الدار البيضاء، أن الساحة الجمعوية والحقوقية بدأت تشهد خلال الآونة الأخيرة تحولات مقلقة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، إذ لوحظ ـ بحسب تعبيره ـ توظيف بعض الهيئات المدنية كأدوات في صراعات سياسية وانتخابية ضيقة، وهو ما يُفرغ العمل المدني من قيمته الحقيقية ويشوّه أدواره الأصلية.
وأضاف أن الهدف من الجمعية أو الهيئة الحقوقية ليس خدمة أجندات انتخابية أو تصفية حسابات بين أطراف سياسية، بل الاضطلاع بمهامها النبيلة في تأطير المواطنين، والدفاع عن الحقوق، وتعزيز الوعي العام.
وأوضح العماري، في حديثه لجريدة “العمق”، أن جوهر العمل الحقوقي والجمعوي يقوم على الاستقلالية التامة عن التنافس السياسي، معتبرا أن كل محاولة لجر الفاعلين المدنيين إلى ميدان الحسابات الانتخابية تمثل تهديدا مباشرا لروح المجتمع المدني، وتفقده مصداقيته أمام الرأي العام.
وبيّن أن دخول ما يسمى “جيل زد” إلى واجهة الاحتجاج والتعبير عن مواقفه السياسية والاجتماعية يكشف وجود خلل في أداء الفاعلين السياسيين التقليديين، الذين فشلوا في مواكبة التحولات الاجتماعية وفهم انتظارات الأجيال الجديدة.
وأشار العماري إلى أن الفرق بين الفاعل السياسي والفاعل المدني يجب أن يكون واضحا؛ فالأول يسعى للوصول إلى السلطة عبر برامج انتخابية، بينما الثاني يشتغل داخل الفضاء الاجتماعي دفاعا عن الحقوق والحريات، ومراقبة السياسات العامة، والبحث عن حلول للمشاكل التنموية.
واعتبر الفاعل الحقوقي أن إشراك المجتمع المدني في صياغة القرار العمومي أمر ضروري ومطلوب، لكن يجب أن يتم ذلك في إطار تشاركي مؤسساتي لا يحوّل الجمعيات إلى فروع حزبية أو منصات للهجوم على الخصوم.
وختم المتحدث بالقول إن أدوات الصراع السياسي والانتخابي معروفة ومشروعة حين تُمارس داخل قواعد اللعبة الديمقراطية، أما الزج بجمعيات المجتمع المدني في هذا الصراع فهو ممارسة غير أخلاقية تضر بمصداقية الهيئات، وتشوش على رسالتها الأساسية في خدمة المواطنين، داعيا إلى ضرورة صون استقلالية الفعل الحقوقي والجمعوي حتى يبقى فضاء نقيا للتعبير الحر والمبادرة المدنية، لا مجالا لتبادل الضربات الانتخابية أو المزايدات السياسية.
المصدر:
العمق