في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عبد الحميد جماهري أن القرار الأممي الأخير بشأن الصحراء المغربية ليس مجرد انتصار سياسي، بل هو لحظة تأسيسية ترسم ملامح مستقبل الدولة المغربية، وتفتح الباب أمام ما وصفه بـ”ملكية واحدة بنظامين”، مما سيغير بشكل جذري علاقة المغاربة بترابهم وبنيان دولتهم.
وفي إطلالة تحليلية، حلّ الصحفي والكاتب والمحلل السياسي، عبد الحميد جماهري، ضيفا على برنامج “جسور” الذي تبثه قناة “العمق”، حيث فكك دلالات القرار الأممي الأخير بشأن الصحراء المغربية، ورسم ملامح المشهد السياسي والثقافي المغربي الراهن، كاشفا عن رؤيته لـ”المغرب الممكن” وتحدياته الكبرى.
وشدد عبد الحميد جماهري أن القرار الأخير لمجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية يمثل “إنصافا” للمغرب وتتويجا لخمسين عاما من الصمود في وجه “كل أنواع الحروب”، من النظامية وحرب العصابات إلى العزلة الدبلوماسية والمؤامرات.
وأوضح أن قوة القرار تكمن في عبارة “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية” التي وردت في ديباجته، والتي اعتبرها “حكما” ومرجعية لتفسير باقي فقرات القرار، مع تكرار ذكر “الحكم الذاتي” خمس مرات، مما يجعله المنطلق والمنتهى للحل السياسي.
ويرى جماهري أن هذا القرار لا ينهي معركة السيادة فحسب، بل يفتح الباب أمام مرحلة جديدة وغير مسبوقة في تاريخ المغرب، قائلا: “نحن مقبلون على مغرب بملكية واحدة ولكن بنظامين تدبيريين”، في إشارة إلى نظام الحكم الذاتي في الصحراء ونظام الجهوية الموسعة في باقي مناطق المملكة. هذا التحول، حسب جماهري، سيغير نظرة المغاربة إلى ترابهم ودولتهم، وسيحيي جزءا من تاريخ المغرب حيث كانت الدولة تحكم عن بعد بعلاقة لا مركزية واسعة.
وأكد جماهري أن القرار ملزم للجميع، وأن هوامش المناورة أصبحت “ضيقة جدا” للجزائر، خاصة في ظل حاضنة دولية واسعة تضم أكثر من 120 دولة، وتوافق بين قوى كبرى متنافسة كروسيا والصين والولايات المتحدة، وهو ما يعزز الموقف المغربي القائم على تنويع الشراكات.
وفي معرض حديثه عن تجربته في الكتابة والصحافة، خصوصا ترجمته لسيرة محمد الرايس “تذكرة ذهاب وإياب إلى الجحيم”، وصف جماهري تلك المرحلة بأنها كانت ضرورية كـ”عملية تطهير كبرى” و”كاتارسيس” جماعي لطوي صفحة سنوات الرصاص.
وأشاد بالموقف “الصلب والمبدئي” للوزير الأول الأسبق عبد الرحمن اليوسفي، وبالإرادة السياسية العليا التي سمحت بكشف الحقيقة، مستحضرا قول الملك محمد السادس بعد اطلاعه على تقارير هيئة الإنصاف والمصالحة: “خص المغاربة يعرفوا هذا الشي اللي وقع”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان المثقف قد أصبح متواطئا مع السلطة، رفض جماهري هذا التوصيف، مفضلا تسميته بـ”النضج”، مبرزا أنه حينما تتحول الدولة نفسها إلى أداة لـ”عقلنة التاريخ وترشيده”، فليس من الضروري أن يكون المثقف ضدها.
وأشار إلى أن المثقفين المغاربة ساهموا بفعالية من داخل منطق الدولة في مشاريع كبرى كتقرير الخمسينية والنموذج التنموي، وأن دورهم اليوم حاسم في بناء مفهوم الحكم الذاتي، مؤكدا أن مهمة المثقف هي أن يكون صادقا، وألا يتبرجز أو يدافع عن أفكاره بمقابل، رافضا وصم كل مساهمة إيجابية بـ”الزلايجية”.
ولم يخفِ جماهري تشاؤمه من واقع الصحافة الحالي، مقرا بأن “العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة”، في إشارة إلى هيمنة صحافة الإثارة والتشهير. لكنه دعا في المقابل إلى “تفاؤل الإرادة”، مؤكدا أن المستقبل للصحافة الجادة القائمة على التحقيق والتحليل، وأن الحاجة إلى “الجدية” و”المعقول” ستفرض نفسها في النهاية.
وعن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ينتمي إليه، أكد جماهري أن الحزب لا يزال يحتفظ بـ”قوته الإصلاحية” وبإرث قادته التاريخيين، مشيرا إلى أن فكرة الحكم الذاتي طرحها عبد الرحيم بوعبيد منذ عام 1976، مشدد على أن الحزب، كباقي مكونات المغرب، يتغير ويتطور، وأن قدرته على ممارسة النقد الذاتي جزء من هويته.
المصدر:
العمق